هانى عازر.. هل يدفع الجزية؟!-بقلم : محمود الشربينى
--------------------------------------------
قبل أن نقرأ: الدول التى تحتقر التاريخ .. تضمحل مكانتها الجغرافية أيا ماكانت قيمة هذه الجغرافيه . حتى لو كانت رمانة ميزان العالم .
***********
حين تشيد مصر منظومة عملاقة من الأنفاق أسفل قناة السويس، ويبدو بامتياز عظمة المصرى الحديث ، سليل الفراعنة،وتفاجأ بأن مهندساً مصرياًعالمياً خبيراًفى تشييد الانفاق سقط إسمه عمداً( نعم عمداً) من قائمة الشرف التى تضم 2500مصرى آخرين شادوا بعرقهم وبخبراتهم وعزمهم هذه المنظومة لابد أنك تأسي وتأسف وتدرك أن فى الأمر خطب جلل! هل سقط إسم الرجل الفذ ، المهندس هانى عازر من قائمة الشرف، وهو المهندس الذي صمم هذه المنظومة لابد أن تسأل : هل " الجواب باين من عنوانه" كما يقولون ؟ فالرجل كمايدل عليه اسمه هانى ( عازر) مسيحى ! فهل مازلنا على آفاتنا المتجذرة فينا ، لافرق فينا بين ليبيراليين وعسكريين وإخوان مسلمين ( مجرمين)؟ مالفرق إذن بيننا وبين هؤلاء الذين توعدوا المسيحيين فى زمن المرشد مصطفى مشهور بأن " يدفعوا الجزيه وهم صاغرون"! لافرق فى الحقيقة !
صدمتنى بقسوه وبقوه تلك الجريمة الشنعاء ، ولا أعرف إن كان بطلها " مذيع" زميل إسمه عمرو أديب ، قدم حلقة رائعه عن تصميم وتشييد هذه الانفاق، لم يأت فيها على ذكر هذا المهندس ، رغم أنه يحظى باحترام الرئاسة ، وهو عضو مجلس العلماء والخبراء الذي إستحدثه الرئيس ( وإن كان بلا مهام او مسئوليات أو دور!) مايعنى أن كل جهد يمكن إن يقدمه لابد أنه مقدر ومحترم ، ويصب فى خدمة نظام الحكم نفسه، فهل المسئولية تقع على عاتق "أديب" ، الذي أشاد بكل العاملين فى المشروع ، واستضاف فى حلقته مدراء تنفيذيين لايطاولوا بقامتهم قامة المهندس المصمم ، كما تحدث مع عمال وصنايعية نحترم جهودهم وعرقهم ، لكنهم ليسوا فى موضع مقارنة مع خبير عالمى مشهود له فى اليابان كما يعرفه ويقدره الفرنسيون والألمان؟ 
هل هناك تعليمات وتوجيهات صدرت لعمرو أديب بتجاهل المهندس هانى عازر؟ أم أنه إجتهاده الشخصى؟ هل هناك جهات سيادية فرضت تعتيما على اسم هانى عازر ، لصالح جهات أخرى او أسماء أخري ؟ هل لدي السيد كامل الوزير رئيس الهندسية بالجيش المصرى تفسيرا لما حدث ؟ ولماذا حدث ؟ إن كان هانى عازر لم يشارك بالمشروع فقولوا لنا ونحن نعتذر وان كان قد شارك ، وصمم ، فلابد أن تعتذروا وان تعيدوا الحق الى نصابه. والا فما الفرق بينكم وبين الاخوان والسلفيين الذين يحتقرون التاريخ ويحتقرون المسيحيين ويرونهم أذلاء ضعفاء! 
وليس بمعزل عن هذه الرؤية ماجري مؤخرا فى اجتماع المجلس الاعلى للجامعات، الذي تردد ان رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار قد غادره قبل إنهائه ، بسبب انتقادهم لقراره بالغاء خانة الديانه من جميع الاوراق التى تتعامل بها جامعة القاهرة؟ مامعنى هذا ؟ معناه أن أكاديمييى مصر ، ونخبة من علمائها سلفيوا التفكير، إخوانيوا العقول! والا فماالذي يجعلهم يرفضون فكرة تقدمية على هذا النحو الثوري الذي جاء به الدكتور جابر ونفذه ، بعد أن اكتشف ان طلابا كثيرين حرموا من الالتحاق بمعاهد معينه فى جامعة القاهرة بسبب هذه "الخانه" التى تخون مواطنين مصريين بالدرجة الاولى ، كونهم مسيحيون .. وتحرمهم من الالتحاق بهذه المعاهد! كيف يمكن لعلماء مصريين بلغوا من المكانة الرفيعة مبلغا عظيما ،وتقلدوا مناصب جامعية رفيعة ، اوصلتهم الى عضوية المجلس الأعلى للجامعات، أن يفكروا بشكل طائفى وعنصرى على هذا النحو المشين؟ 
تدوي فى أذنى الآن كلمة للأديب نعيم صبرى ، كتبها فى أعقاب القرار التاريخى للدكتور جابر نصار يقول فيها:" يسعدنى خبر إلغاء بند الديانة من مستندات جامعة القاهرة".."...و ها قد بدأت دعوتي التى أطلقتها فى رواية " شبرا " التى صدرت سنة 2000 فى التحقق و التى أتمنى أن تمتد لتنتشر فى كل مستندات الدولة المصرية و سلوكياتها".لسان حال العلماء فى المجلس الأعلى للجامعات يقول " يافرحة ماتمت" ، ليس لأن قرار الدكتور جابر سيتعثر، وأنما لأن علماء من مصر يفكرون على هذا النحو؟ فماالذي تركتموه للمتعصبين والطائفيين؟
والكلام موصول للقائمين على مشروع انفاق قناة السويس العظيم .  هل هذا ممايليق؟ ومن الذي قال ان القايد الاعلى للقوات المسلحة قد يرضي بسحق حقوق مواطن كصرى فى كتابة تاريخه الشخصى والمساهمة فى تاريخ وبناء عظمة بلاده؟ 
لقد كسرتم فرحتنا بالمشروع العملاق،وهو لمن لايعرفة عبارة عن 6  أنفاق تحت قناة السويس ، 4 أنفاق منها فى المرحلة الأولى و2 فى المرحلة الثانية فى الإسماعيلية وبورسعيد. ويعمل فيه حالياً قرابة 800 عامل ومهندس وفنى ويتكلف حوالى 4 مليار دولار. الغريب أن اللواء كامل  الوزيرقال  أن أحد أهم مكاسب المشروع  "هو تدريب المهندسين المصريين على العمل مع الشركة الألمانية، ما يؤهل مصر لنقل خبراتها فى الأنفاق لدول أخرى، بعد إنهاء الأنفاق"! فكيف إذن يتم تجاهل اكبر خبراء مصر فى هذا المشروع؟وهل من الانصاف ان يكون مهندساً مصريا هو المصمم لهذا المشروع العملاق، الذي  يأتى هذا ضمن الخطة القومية لربط سيناء بمدن القناة (  مشروع تنمية محور القناة)ويتم تجاهل دوره التاريخى لمجرد أن هذا  المهندس "مسيحى"؟ 
بعدما قرأتم :تاريخ الأمم والشعوب هو حلقات متصلة من العمل والجهد والابتكار والخلق. تراكم من خبرات البشر وابداعهم واخلاصهم .. ونبوغهم ..والمصريون ينتمون الى تاريخ حضاري عريق ، ساهم فى تشييده فراعنه من عهد مينا..واقباط.. ومسلمون .. سنه وشيعه.. ومماليك  الخ وكانت الآفة المصرية بامتياز هى ان كل حاكم يأتى يسعى لطمس اسم من سبقوه .تماماً كما نفعل اليوم مع هانى عازر!أخشي انكم فوق  هذا كله ربما تفكرون فى مطالبة هانى عازر  بأن يدفع ورفاقة الجزية وهم  صاغرون!!
 والله عيب.. والله العظيم عيب!!