.. صدمني تكاثر اعداد الاصدقاء المثقفين الذين انتقلوا الى مربع المعارضة والانتقاد «العنيف» لمؤسسة الحكم الحالية، وليس للحكومة المعتلة فقط، وبالطبع كلهم من غير مؤيدي الاخوان او المتعاطفين معهم، حتى ان بعضهم من العلمانيين!
بعد رصد الامر وملاحظة ارتفاع العدد والتأكد من عدم انتمائهم جميعا لأي خلفية فكرية متشددة، اصبح من الضروري مناقشة الامر.. كيف.. ولماذا.. ونحن جميعا ـ هم وانا ـ متفقون على رفض حكم «الجماعات» وايضا متفقون على ان دور المؤسسة العسكرية الوطنية ضروري.. و«مؤقت».. فماذا حدث؟
كان السبب الاول من وجهة نظرهم ان «منظومة» الفساد مازالت تنخر في نخاع مصر، بل ان الفاسدين ازدادوا وتوغلوا وتوحشوا بينما اعاد الامن تركيزه على ما يعرف بالامن «السياسي» وهو ما يقودنا الى السبب الثاني.
وهو ازدياد القبضة الامنية على الشارع، وبالطبع زيادة اعداد المحتجزين، ويقابل ذلك انتشار وتأثير كبير لآلة الاعلام المعارض التي تنشر عشرات من قصص العنف والتعذيب.. بل والقتل مدعمة بالصور والاسماء، في ظل «تباطؤ» وفارق كبير في سرعة استجابة «الآلة الاعلامية» للدولة والتي تنتظر حتى «استفحال» الشائعة وتحولها الى حقيقة قبل ان تفكر في توضيحها والرد عليها، سواء اجهزة وزارة الداخلية او الحكومة او الرئاسة، اضف الى ذلك «تدهور وانحطاط» مستوى الكثيرين ممن يطلق عليهم «النخبة الاعلامية» او «المدافعين عن النظام» واغلبهم من فصيلة «الدبة التي قتلت صاحبها».
كذلك الاحتفاظ برموز سياسية واقتصادية واعلامية مرفوضة شعبيا، يعتقد الناس ان مجرد استمرار وجودها على الساحة في حد ذاته هو دليل دامغ على استمرار نظام لفظته الغالبية العظمى الساحقة من المصريين، ومع ذلك «يصر» النظام الحالي على الاعتماد عليهم، بل ووضعهم على يمينه.
وهذا يقودنا الى المقولة المتكررة منذ اكثر من 6 عقود «الرئيس رائع ويريد الاصلاح.. لكن المشكلة فيمن حوله»!!، وبالطبع من البديهي ان هذا «الرئيس الرائع» هو المسؤول عمن حوله، والمتحمل الاول لكل خطايا «الرجال الذين حول الرئيس»!
.. وخلال نقاش «عقلاني» مع احد الاصدقاء المنتقلين الى خانة المعارضة كان اساس اعتراضه ان الحكومة الضعيفة.. الواهنة هي عبء على الرئيس في نظام رئاسي «الرئيس» فيه هو المسؤول الاول امام شعبه، حتى انه قارن بين وزراء الحكومة الحالية.. نظيفي اليد.. طاهري اللسان.. وبين بعض وزراء «مبارك» ورجاله الذين يرتدون الآن «الملابس الزرقاء».. وخلص الى ان اللصوص والمرتشين كانوا «صانعي قرار»!!.
الحديث يطول، وخلاصته يا سيادة الرئيس ان الفترة القادمة تحتاج «نفضة» لوجوه لم تعد مقبولة، و«قبضة حديدية» في الاتجاه الصحيح، حتى يتوقف «نزيف» خسائر داعميك..
وحفظ الله مصر واهلها من كل سوء.