كلهم هذا الديكتاتور! بقلم : محمود الشربينى
------------------------------------------
قبل أن تقرأوا: لاتشيحوا بوجوهكم عن هذه السطور ،ظناً منكم أن " الجواب باين من عنوانه".. فهذا ليس إنصافا لكم أو للحقيقة.. فالسطور التى تبدو لوهلة مكشوفة من عنوانها .. تضعنا جميعاً أمام انفسنا: لقد تغيرنا ..تقولبنا .. تشقلبنا.. تجزرنا.. تمزقنا .. وباصرار مازلنا نفعل!!
*************
-إلى أين يقودنا ذلك؟ أصدقاء العمر لم يعودوا كذلك! لاحظ أنهم كانوا يتهللون لمقدمك، ويعشقون الجلوس اليك ، و كل الوقت الذي يمكنهم قضاؤه معك كانوا ينفقونه من دون تفكير..كما لو انهم كانوا يشعرون أنك ذاهب غدا الى حتفك مثلا؟! لطالما تمتعت بهذه السعادة فى أوقاتٍ سابقة.. ولطالماً كانت هذه المتعة مشروطةً بأن يبقي فى أجسادهم "قلب" يتكيف معك.. و"عقل" يتوافق مع أقوالك .. فى الدين والحياه..فى الحب والحرب .. فى السياسه والخرافة .. فى التاريخ والجغرافيا.
- ثارت الثوره .. تغيرت النفوس..والمبادىء .. والقيم ..وكأن القلوب تنخلع من أماكنها، والألسنه تحترق بكلماتها، والكلمات نفسها أصبحت كالطلقات الخارقة الحارقة، تنبعث من أفواهنا كالحمم، منبئة عن خلاف عميق فى " التكيف" و " التوافق" و" القبول"!تنهد الدنيا بين الناس .. العابرون فى كلام عابر.. الزملاء فى سيكشن.. أو فى شركة.. الأصدقاء الجالسين فى مقهى أو على تويتر أو فيس بوك..تنهد الدنيا لخلاف فى رأي :انت إخواني والا سيساوى .. صعيدى والا بحيرى .. والا الهوى رماك؟
- يختلف الناس ب( البصق- عفواً) أو بالسنج أو بالطلقات الحارقة الخارقه حول: مبارك وفساده.. مرسى وجماعته.. السيىسي وإنجازاته..مجلس النواب والمؤمراه المزعومه عليه.. الحكومه التى حلت مشكلات الخبز والانابيب والكهرباء الخ ! مثل هذا الحديث يُلْقى بالصداقه الى حتفها!
رئيس مجلس النواب هدد النواب بعقوبات صارمة إن تحدثوا فى " الميزانيه"!! ميزانية الدوله .. الميزانية التى يقرها الاعضاء فى المجلس الموقر؟ " وليس ميزانية البيت .. أو العائلة .. أو أم أحمد! هكذا بدون مراجعة أو نقاش ..أو حوار( ديمقراطى؟!) ووجد بين أعضاء مجلس النواب ( الديمقراطى؟!) من يهلل لقراره !
فجأه .. نقص المتابعون لى على تويتر ثلاثمائة متابع ؟! حذفت زوجتى بعض صديقاتى .. وجدت أن ضررهن أكثر من نفعهن.. ولكن البقية كانوا من نوعية الثوار والنشطاء ممن كنت أتحاور معهم فى فترة الزخم الثورى علاء عبد الفتاح .. ثم سلامه عبد القوى..ثم وائل عباس ..ثم جمال عيد! الخ.الوحيد الذى كان يرد على كل سؤال وبطريقة صريحة كان علاء عبد الفتاح:ينتقد مثلاً عمرو الشوبكى بألفاظٍ بذيئه كتلك التى وجهها - ورفاقه- للرئيس السيسى .. معتبراً أن هذا اللفظ ( الوصم) نوع من الضغط على الشخص! كان هذا اسلوب علاء .. أما " عباس" فإنه يعتقد أنه اذا رد على تغريدة لك ، ثم ناقشته فيها مرة أخرى، فانه ينطق ببذاءات كأنه تفضل عليك بالرد! اما اذا تحدثت مع جمال عيد وسالته عن اهمية الحديث بشفافيه عن مصادر تمويل المنظمات الحقوقيه فانه يفتح النار عليك ، بذريعة أنه لايقبل مثل هذا الاتهام الضمنى !!!وليس وحده .. ف( الشلة) كلها تبدأ الهجوم من كافة الاتجاهات!
كان الدكتور نادر فرجانى وهو قيمة علميه وثقافيه كبيره يتواصل معى ويتحاور مع كثيرين.. ثم فجأه ودونما سابق إنذار لم يعد يظهر!.. رغم أننى أقدر أفكاره التى تضمنها تقرير التنمية الإنسانيه ، والدراسة المقارنة البديعة بل والمدهشة ،التى أعدها- ونشرتها المشهد- عن ثلاثى الحكم الذي تعاقب على مصر بعد ثورة يناير( العظيمة): المجلس العسكرى الطنطاوى .. الإخوان المفسدون.. دولة الرئيس السيسي المتعثرة! لم يعد الدكتور فرجانى صديقاً لى بعد مقالين أو أكثر إختلفت فيهما معه ومع "معسكر فرجانى" ..وتقريباً فان محمد الجوادى فعل نفس الشيء .. فهو لايقبل أن يفند أحد " أكاذيبه" وخاصة التى يحشو بها عقول الناس عن ( لايهمنى محمد مرسي) جمال عبد الناصر، وعن أولاده .. ويحاول فيها بين حين وآخر تشويه سمعتهم وادانتهم على خلاف الواقع والحقيقة!
الحوار الآن :نظرة.. بصقة( عذراً) .. سبة.. تهمة..طعنة.. طلقه ! كل هذا الجنون ؟! كل هذا الجحيم.. وتقطيع "الهدوم"؟!
فكيف نعرف أين نحن وإلى أين؟ كيف نكتشف الحقيقة؟ كيف نعرف إن كان ماحدث من جانب وزارة الداخلية إقتحاماً لنقابة الصحفيين ام لا إذا لم نتحاور حول الموضوع بروية وبهدوء ومن دون أن نتعمد الخلط بين الأمور .. فنتحدث عن "شللية" النقيب ومجلس الادارة الخ ..وهو ليس موضوعنا.. موضوعنا هو النقابة واقتحام واللوائح التى يستند اليها فى منع الأقتحام أو امكانية دخول النقابة لضبط صحفيين اعتصما فى داخلها؟
كيف نعرف أن كانت سياستنا النقديه صحيحه أم خاطئه اذا لم يعبر الاقتصاديون والنواب والساسه وغيرهم عن رأيهم فى القضية الخطيره ، التى حظر رئيس مجلس النواب الحديث فيها للاعلام أو غيره ، وكأنه ديكتاتور جديد يضاف الى غيره من الديكتاتورات الذين يحكمونا اليوم: ديكتاتورية دولة لاتعبأ بالصحفيين، ولا تهتم لأمر نقابتهم ، ورئيس وزراء لا ايراجع وزير داخليته أن أخطأ إو أهانهم .. ! وديكتاتور آخر لا يسمح للنواب بالحديث أو بالتدريب على العمل النيابى.. وديكتاتور يفرض الضرائب على راديو السيارة ويرفع اسعار الادويه، وديكتاتور يصدر قانوناً لمنع التظاهرالا بإذنه..وفى غالب الأمر لايصدره ولايصرح به.. كما يمنع العمل السياسي ، فلايصرح بإقامة مؤتمرات جماهيرية أو ندوات سياسية !! وديكتاتور آخر فى التليفزيون الرسمى .. يستبعد المعارضين .. ويحظر ظهور المخالفين فى الرأي أو المشاغبين من أصحاب الأصوات المارقة.. وديكتاتور آخر فى الصحف .. رقيب من داخل كل رئيس تحرير وكل صاحب جريدة : إكتبوا ولاتكتبوا .. هاجموا أو توقفوا .. أيدوا لاتعارضوا.... وديكتاتور آخر فى الفضائيات( لما يكون الأمن القومى المصرى مهدد متكلمونيش عن حقوق الانسان .. شايفين أمريكا بتعمل ايه فى الارهابيين وفرنسا بتتعامل الزاى مع المتظاهرين.. واردوغان بيعمل ايه من الرسامين والمعارضين )!
هذا فضلا عن ديكتاتورية المأمور وقسم الشرطة، وفيه العديد من الديكتاتورات الصغار.. "شاويشيه" ورقباء و مخبرين .. تلوذ بهم لتسجيل قضية أو إثبات حالة ، فإن كانت على غرار ماجرى فى قرية الكرم بالمنيا ، فسوف تنتظر حتى تأتى تعليمات الديكتاتور الاعلى!! وقد تبقى كماً مهملاً لا لزوم له فى القسم لاكثر من عشر ساعات كما حدث مع السيده التى جردت من ملابسها ،والتى ذهبت لتقديم بلاغ دون أن يعبأ بها أحدلفترة طويلة!
حتى المنظمات الطوعية.. التى ماإن تقترب من مصادر تمويلها حتى تفتح عليك نار جهنم وكأنها تابو.. حتى وزيرة الهجرة تدخلت بقوة لمنع نشر فيديو على الفضائيات ، يدين شخصا فى الكويت تعمد تعذيب مواطن مصرى وأذله ، بذريعة الحفاظ على كرامته!
بعدما قرأتم : أيها السادة: الحوار مات والديمقراطية ماتت والسياسةماتت فى البلد الذي يسعى للنهوض ويتطلع للامام ويعترف رئيسة بوجود صعوبات جمة تواجهه فى هذه المرحلة الانتقاليه!!الحياة الآن للديكتاتورات.. ومنطق التشهير وتقطيع "الهدوم" ولاعزاء لمصر الجديدة التى حلمنا بها ..( الحلم المستحيل) !