"حلم".. مستحيل!!- بقلم : محمود الشربينى
----------------------------------------------
-قبل أن تقرأوا:الجميع كانوا على مستوى المسئوليه: الوزير خالد عبد العزيز.. ممثل إتحاد الكره..المهندس محمود طاهر.. رئيس النادى المصرى.. الأخوان "حسن"..ألتراس أهلاوى .. لاعبو النادى الأهلى والنادي المصرى !الإعلام الرياضى .. كلهم "لعبوا" لمصر قبل أي شيء آخر!
********************
جراح الوطن المنكوب بالمذابح والتفجيرات والحرائق وسقوط الطائرات وحرب الداعشيين والجهاديين فى سيناء وغيرها لاتحتاج إلى تذكير .. فهى غائره فى النفوس ولم تندمل حتى اللحظه.. شيء مريع .. أن تبقي ألغازا بلا كشف حتى الآن رغم طول الأمد!لاأريد أن أنكأ جراحاً جديده أو أضغط عليها حتى تنزف مجدداً فكفى شعبنا ماقاساه وعاناه! من مذبحة رفح الأولى والثانيه ، مرورا بكرم القراديس ومابينهما وما بعدهما من أحداث عنف ودمار ونكبات وصولاً الى نكبتى الطائرتين الروسيه والمصريه.أخشي أننى مدين لكم بداية باعتذار عن التذكير بهذه الجراح التى لم تلتئم حتى الأن ، فملفاتها مازالت مفتوحه ، والجناه فيها لايزالون طلقاء - فى الأغلب - لكنى أرتجى أن أنفذ من التذكير بجراح الوطن إلى محاولة تطهيرها ومعالجتها أو على الأقل المحاوله!
----------------------
دق جرس الهاتف فى مكتب المهندس محمود طاهر رئيس النادى الأهلى. على الطرف الآخر من الخط رئيس النادى المصرى البورسعيدى:
آلو ..
* ايوه .. مين؟!
انا رئيس النادى المصرى !
* أيوه انا محمود طاهر
أهلا يابشمهندس .. ممكن أتكلم معاك دقيقتين ..أرجو ألا تكون مشغولا؟!
* إتفضل.. لست مشغولاً بشيء ...
تعرف أننا لانستطيع أن نرد قضاء الله .. وأن أمرَ الله قد نفذ فى تلك الفترة المظلمه من عمر مصر .. وأنا أتحدث معك الآن من اجل مصر وليس من أجل المصرى أو الأهلى!
...... يواصل رئيس النادى المصرى حديثه التليفونى مع رئيس النادى الأهلى فيقول:
لايخفى عليك اننا كلنا نتألم ونحن نشاهد لوجو قناة النادى الأهلى وهو يشير إلى ضحايا موقعة بورسعيد ، تلك المباراه المنكوبه التى راح ضحيتها 72 شهيدا من مشجعى النادى وعشاق الكره المصرية.. والتى لم يكن أحد يتمنى أن تنتهى تلك النهاية المأساوية.. شهداء هذه الموقعه فى وجداننا .. فنحن معا كناديين رياضيين نعرف الهدف من الرياضه: سمو الاخلاق وتعميق الروح الرياضيه .. وماجرى كان إستثناء دامياً فى مناخ محتقن ومشتعل ومفعم بالثوره.....
*مهندس طاهر: أيوه أيوه ..مفهوم .. مفهوم !
رئيس المصرى مواصلًا حديثه: الملف بأكمله ذهب للقضاء .. بما فيه من أخطاء ودماء وشهداء ولانريد أن نرتهن علاقات بورسعيد وشعب مصر فى ماجرى رغم أنه مهول ومروع ولانقلل منه أبداً، لكن من غير الممكن ان نوقف عجلة الزمن هنا عند هذا الحادث.. على آلامه وفواجعه!
* مهندس طاهر: الملف ذهب للقضاء وبقي فى القلب جرح وفى الحلق غصه وفى النفس مراره .. وصعوبة شديده فى تجاوز المحنة العصيبه....
رئيس المصرى:الحياه مستمرة يابشمهندس رغم كل المحن والإحن .. ولعلك ترى أن الوطن كله يتعرض يومياً لكوارث شديدة .. وربما تجاوز لحظة ماجرى فى استاد بورسعيد .. وهى بقعة عزيزة على قلب كل مصرى وفى القلب منهم "الأهلويه" .. فالنادى الأهلى نادى مصر الوطنى واعرق الانديه المصريه ونادى الوطنيه المصريه كما تعلم.
* مهندس طاهر : هذه الروح ليتها سادت بدلا من روح المذبحه والدم!
رئيس المصرى: لنحاول ترجمة هذه الروح فى لقاء الناديين المقبل .. لانريد لكل مباراة جديدة طرفاها الناديان الكبيران المتنافسان أن تكون فى الأذهان مباراة محنة ومباراة خوف وتَحَسُبْ.. فتُؤجَل وتؤجل وكأنها "البعبع" أو " الوحش" الذي يطاردنا حتى فى أحلامنا.. خوفاً من صدام يتفجر!
*.. وكيف يتحقق هذا فى رأيك؟
قل لى أنت يابشمهندس ؟ مالذى يمكنه أن يفعله النادى المصرى؟ بل مالذي يجب أن يفعله "البورسعيديه" إذا لزم الأمر لأجل تضميد جراح النادى الأهلى وتطييب خواطر مشجعيه ..والتراسه .. وذوى شهدائه؟
* الحقيقة نحن فى النادى الأهلى وضعنا شهدائنا فى هذه المذبحه نصب أعيننا عندما نتخذ أي قرارات لها علاقة بهذه المأساه الكروية - الإنسانيه.. وهم دوماً فى القلب منا .. نادياً وألعاباً وفرقاً رياضيةً ومشجعين .. لكننا لم نفكر فى تجاوز مؤسسات الدوله ولانستطيع ، خصوصاً القضاء الذى مايزال ينظر القضية بدرجاته المختلفه؟ الموضوع يحتاج الكثير من المعالجات !
* أوافقك الرأي تماماً مهندس طاهر .. وأطمئنك .. حديثى هذا لاعلاقة له بالإقتراب من عمل القضاء من قريب أو بعيد .. لكن علينا أن نعرف أن القضية تتجاوز بأبعادها المختلفه مؤسسات الدولة بما فيها القضاء.. القضية متشعبه إنسانياً ووطنياً.. فهناك محافظة من محافظات مصر ذات التاريخ العريق فى البسالة والوطنية.. تبدو وكأنها معزولة أو منبوذة أو مغضوب عليها .. مع أنها مصرية وأهلها مقاومون بطوليون .. ويشهد تاريخنا ببسالتهم فى الصمود ومقاومة الغزاة والاستعماريين.
* المصريون جميعاً شعب واحد .. ونحن فى النادى الأهلى لا نأخذ الأبرياء بجرم المجرمين .. ونعرف ان بين ( البورسعيديه) من يكنون مشاعر نبيلة لشهدائنا الذين سقطوا فى استاد بورسعيد .. لكن كما قلت لك المأساه شائكه وتحتاج جهودا جبارة ورؤيً فريدة وخلاقةً ، لتجاوز المحنه بأبعادها!
نعم نعم .. أوافقك الرأي يابشمهندس.. و بما أننا نتحدث عن المؤسسات ، فلماذا لانحدد من هى هذه المؤسسات المعنيه بالموضوع.. بالطبع هناك مجلس النواب وهو ممثل لمصر كلها، وهناك وزارة الشباب والرياضه باعتبار الحادث وقع أثناء مباراة كروية .. ووزارة الداخلية باعتبار أن قياداتها هى من تحفظ الامن وتنفذ القانون .. وهناك مشجعوا كرة القدم وروابط الالتراس الاهلاوى.. وهناك أيضا دور لمطيبى الخواطر .. وأصحاب الحلول المبنيه على شرع الله .. لدينا الازهر .. ولدينا الكنيسه.. ولدينا علماء فى الدين من الجانبين المسلم والمسيحى .. ولدينا أيضا الاعلام الرياضى النزيه ، من الخبراء الذين يتحلون بالنزاهه والخلق والتسامى على الصغائر .. ولدينا ايضا صيغة فريدة بطلاها الاخوان "حسن" .. مدربا النادى المصرى .. ولاعبا النادى الإهلى سابقا.. كل هذه أوراق يمكن استخدامها بحثا عن حلول للازمة .. يمكننا ان نتوجها فى مباراة الناديين المقبله لتكون مباراة "حلم.. باللعب من أجل مصر وليس الأهلى أو المصرى.....
إستطرد رئيس النادى المصرى قائلا: لماذا لاتقام مباراة الحلم والمصالحة والمسامحه فى "استاد القاهره الدولى" لتكون لها مغزاها؟ وبأعداد جماهير محدده تمثل المصريين جميعاً .. جمهور من الاهلى وجمهور من المصرى وجمهور من الاسماعيلى وجمهور محلاوى وأخر سكندرى وجمهور من المقاولين ومن اسوان ومن اسيوط جمهور من كل مصر....
مازال الكلام لرييس النادى المصرى:
مستعد على طريقة الصعايده الرجال الذين يضرب بهم الامثال فى الرجوله والحكمه أن أسير نحو مقصورة ستاد القاهره ، حيث يجلس ممثلون عن ديوان الرئاسه وعن مجلس النواب وعن مجالس القضاء الاعلى ومجلس الامن القومى ورموز مصر كلها وانا احمل " كفن" الشهداء لاقدمه لجماهير مصر كلها، أنا ومعى الاخوين حسن وقيادات النادى المصرى، ولاعبو الفريق وإدارييه ، ليس هذا تعبيرا عن مسئوليتنا عما جرى .. لا .. فنحن كنادى عريق نادى للرياضه، ومع كل تقديرنا لبشاعة ماجرى ، وتقديرنا لكل نقطة دم سالت فى استاد بورسعيد ولكل ارواح مشجعى النادي الاهلى ،لسنا المتهمين بإزهاق الأرواح البريئه.. لسنا مدانين بأي جريمة، فالمتهمون موقوفون ويحاكمون .. أما نحن فمعكم فى الهم والدم .. وكله هَمْ ودمْ "مصرى".. غالى الدم المصرى يا بشمهندس أو هكذا يجب أن يكون.....
مازال الكلام لرئيس النادى المصرى وهو يتحدث بالهاتف مع رئيس النادى الأهلى فيقول: لماذا لانشكل لجنه من رموز هذه الموسسات المعنيه بالقضيه أو المأساه المصريه .. لتقترح الحلول .. بعضها رياض، وبعضها سياسي وبعضها اجتماعى وبعضها اعلامى وبعضها مالى ....
أمسك رئيس النادى المصرى عن الكلام هنيهة ثم واصل قوله: والله لو اقترح علماء الدين وفقهاءه أن ندفع "الدية" عن شهداء المأساه لندفعها وان عجزنا ، فإن كل المصريين سوف يبادرون للمشاركه فى جمع مبلغ الديه إن تم إقتراحه .. وليس هذا وحسب ، بل إننا سوف نقيم نصبا تذكاريا ينحته فنان بحجم آدم حنين او صلاح عنانى مثلا أو غيرهما من اساتذة الفنون فى مصر ....
إننى يابشمهندس طاهر أحلم بأن تكون مباراة الناديين المؤجله كاللغم .. مباراة الاحلام والمصالحه والمسامحه من أجل مصر .. فهل "أحلم"؟!
بعد ما قرأتم: رئيس النادى المصرى يسأل رئيس النادى الأهلى : هل انا "أحلم"؟ والحقيقة أنه لم يكن يفعل.. ولم يتحدث لمحمود طاهر .. وإنما كنت انا الذي غط فى نوم عميق لدرجة الحلم .. الذى يبو فى الواقع الان حلمٌ مستحيل"!
ترى هل هناك من يريد أن يشارك فى " الحلم المستحيل".. هل مازال تحقيق الاحلام ممكناً فى مصرنا؟!