«إعتام».. الخديعة - بقلم: حسام فتحي
لا ضير من بعض جلد الذات.. ولا ضرر في قليل من مصارحة الأصدقاء.. فخلال الأيام القليلة الماضية التي ابتعدت فيها عن كتابة مقالي اليومي، تابعت عن كثب.. وبهدوء أداء الإعلام المصري في تناوله للقضايا والأحداث الأخيرة داخل مصر المحروسة والتي كان من أبرزها أزمة وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين، والحرائق المريبة التي انتشرت في ربوع القاهرة.. وأخيرا حادثة سقوط الطائرة المصرية.. وخلال تلك المتابعة لرصد مدى تفاعل الإعلام وتجاوبه مع الأحداث لاحظت أداء متدنيا - للأسف - للإعلام بشقيه الحكومي والخاص.. أداء لا يرقى إلى مستوى الأحداث والتحديات التي تتعرض لها مصر.
ومع مقارنة ذلك بأحداث العنف والإرهاب التي شهدتها فرنسا وبلجيكا، وقبلهما بريطانيا، وكيفية تناول الإعلام في تلك الدول العريقة في ديموقراطيتها لهذه القضايا، سنرى وبوضوح وقوف الإعلام مع الدولة دون سفسطة أو لجاجة ومساندتها في الحفاظ على أهم مقوماتها، ولم نر أحدا يخرج عن الأعراف لينتقد لمجرد الانتقاد أو إثبات الوجود كما يحدث عندنا، بل الجميع وقف مع الدولة ووصل الأمر إلى دعم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها تلك الدول.
تذكرت أيضا تصريحات رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون حين قال: عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا يحدثني أحد عن حقوق الإنسان، ولم نر سوى اصطفاف الجميع في موقف موحد ضد الإرهاب..
تبادر إلى ذهني تلك الإجراءات وأنا أتابع القنوات المصرية الحكومية والخاصة وحتى بعض
القنوات العربية والعالمية لنرى أنها أفردت مساحات كبيرة لنقل الحدث أولا بأول، بل إني أكاد أجزم بأنه كان سباقا محموما لتلك الفضائيات لنشر الأخبار وتسريب الرسائل المغرضة أحيانا، والموجهة أحيانا أخرى حتى لو كانت مجرد اجتهادات تبعث بها جهات غامضة للعب بعقول أهل مصر المتعطشين للأخبار.. في حين كان التلفزيون المصري يعرض أحد الأفلام القديمة واكتفى بوضع شريط أسفل الشاشة يعلن عن اختفاء الطائرة المصرية!
في ظل هذا التخبط وتلك الفوضى الإعلامية، أرى أنه من الملح الآن قيام لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بدورها للإسراع في الانتهاء من قانون ضبط الإعلام وإلزام كل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ببنوده.
نصيحة إلى القائمين على مؤسساتنا الإعلامية التي انخفضت أرقام توزيع مطبوعاتها الورقية وتراجعت نسب مشاهدة فضائياتها: طهروا أنفسكم بأيديكم قبل أن ينفض الناس من حولكم ثم يلعنوكم، وصححوا أوضاعكم قبل أن يكتشف من «يستخدموكم» اضمحلال تأثيركم.. وتأكدوا أنكم لن تستطيعوا خداع كل الناس.. كل الوقت!
.. وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.