قلم دامع .. وقلب حزين!بقلم : محمود الشربينى

------------------------------------------------

قبل أن تقرأوا:هذا اختبار رهيب .. نعيشه فى الوطن.. كل يوم نكبه .. كل ساعة كارثه .. كل دقيقة مأساه..كل لحظه محنه رهيبة! كل هذا .. كل هذا؟ ألم يشبع مخططوا النكبات؟ألم يمتلىء منفذوا الكوارث؟ ألم يضجر عشاق المآسي والمحن .. فيتوقفوا هنيهة ربما " يتنفسوا هواءً جديداً اصفى وانقى ؟!

**************

لم نعد نملك سوى الأقلام الدامعه والقلوب الحزينه المخضبه بالدماء ..والهتافات الجوفاء التى نتغنى فيها بحب الوطن .. والبحث عن كلمات أو مواقف تشد الأزر وتدعو إلى التماسك والصبر ونقد أهل الشر !! فهل عدنا الى الوراء لنراجع انفسنا وأداءنا وسياساتنا ؟ العالم يتغير من حولنا .. الدول النابضه بالحياه تتحاور مع نفسها ولو بقسوه ! نقد عنيف لسياسات وهجوم أعنف على أشخاص ، حكومات تقوم وأخرى تسقط .. ندوات تعقد واحزاب تنهض ..زعامات تولد واجيال جديده تتولى المسئوليات . فى البرازيل تخطيء رئيسة الدوله فيعزلها البرلمان .. فى بريطانيا يتسرب خطاب لرئيس الوزراء يكشف عن سياساته تجاه الابقاء على بلاده ضمن الإتحاد الأوربى مستبقاً إستفتاءً يعد له للوقوف على رأى الشعب، فاذا برئيس الوزراء يطلب فى خطابه المسرب " تخويف" الشعب البريطانى من مغبة التصويت لصالح الانفصال عن الاتحاد .. فتتلقف المعارضه الخطاب وتنشره الصحافه ويصبح كاميرون فى مهب الريح .فى تركيا الوزير الأول الإمعه داوود أوغلو الذي كان مطية لأردوغان يتمرد ، فيقرر اردوغان إستبداله بوزير المواصلات وسيكلفه برئاسة الحكومه بعد ان فاز فى انتخابات المؤتمر العام لحزبه. وهكذا السياسه تفعل فعلها فى العالم كله من أقصاه إلى أقصاه .. بينما نحن فى حالة ضجيج إعلامى فقط !!

حديثي ليس عن انجازات بعضها ملموس ، خصوصا فى معالجة منظومة الكهرباء التى هددتنا العام العام الماضى والاعوام السابقه عليه، ومنظومة الخبز ، وبعض الطرق والكبارى وايضاً منظومة وقف عمليات البلطجه التى سادت فى أعقاب الثوره وظلت لسنوات تنهش اكبادنا .. وأي منصف لابد أن يقر بحقيقة إنحسار هذه الظاهره الخطيرة .. ولكن حديثى ينصب الآن على حيوية المجتمع المصرى وتجدده . موت الحوار والسياسه والعمل العام فى مصر هو الذي يدفعنى للحوار من خلف أسوار القهر الذي نعيشه وحياتنا المرتهنه لصالح بعض رجال الاعمال والنواب ومالكى وسائل الإعلام . هؤلاء المسموح لهم بأن يتلاعبوا بأقدارنا ومصائرنا ويجعلوا من مقولة دواود اوغلو -التى لاتذيقنى طعما للنوم منذ أن سمعتها منه حتى اليوم - مقولة معبره .. وهى مقولة أن مصر دولة هشة لم تعد مفيده لأحد ".. قالها فى قطر (!!) من دون ان يهب الشعب المصرى كله من غفوته ليعلن احتجاجه ورفضه لمثل هذا الإنتقاص الشائن من قيمة وقدر مصر . لو ان لدينا فى مصر منظومة عمل سياسي حزبى صحيحه، ولو ان الناس ليسوا مكبلين بقوانين عقيمه ماانزل الله بها من سلطان ، لكان أدير اوسع حوار مجتمعى سياسي فى مصر ، يعيد الامور إلى نصابها ويجعل الدول تحسب حساباً لمصر .

لكن الناس الموجوعة بالغلاء اليومى للأسعار ، و المكتوية بغياب السياسات الصحيحه أجمالا، والمعذبة قلوبها بنكبة كل يوم ، من مذبحة جنود الى نكبة طائرةٍ تلو الاخرى، إلى حرائق تدمر وتزمجر فى كل مكان ، لم تعد قادرة على إطلاق اوجاعها من مخابئها .. استكانوا.. وتركوارئيسهم يعمل ويفكر ويقرر منفرداً.. حسنا الرئيس ليس سوبرمان .. ورب أى أسرة مصريه مهما كان من الرجال العظام ، فهو يأتى إلى بيته آخر الليل ، بعد نهاية يوم عصيب، ليشاور أهل بيته ، فى شأن من شئون حياتهم .. فهو يدرك أنه ليس وحده الذي يستطيع إدارة مفاصل الحياه فى أسرته ،وان فيها إرادات قد تتناغم معه وقد تتصارع ! هذه سنة الحياة . وقديما قالوا المعارض يشد أزر المفاوض.فأين نحن من كل هذا؟ .

-نعم .. قلمى مبلل بالدموع .. وقلبى مخضب بالحزن ..ومرصع بالوجع.. فنحن هذه الساعات فى حضرة الوطن وجلال الموت .. حيث أزهقت أرواح بريئه، هوت بهم طائرتهم فجأه دونما سبب معلوم .. وربما لن يكون معلوما ،على طريقة طائرة البطوطى وطائرات أخرى.. لكن الوجع له أسباب أخرى ، هو أننا لسنا على موعد مع وقف هذا النزيف .. لسنا على موعد من النهوض من تحت الركام والرماد كطيور الفينيق ..لسنا مهيئين بعد لمثل هذا التحول والتغير ..

فى محنة كهذه يتلاحم المجتمع كله ، وتعلو أصوات ابنائه فتمنح الوطن قوة .. لكن أى ضعف يعترينا ونحن لم نتعامل مع باريس بموقف الند للند كما فعل معنا العالم وروسياتحديداً من قبل ،عندما نكبت طائرة الركاب الروسيه . لقد طالب العالم كله بملء فيه بمراجعة إجراءات الامن فى مطارات مصر كلها! لو أن غضباً شعبياً وسياسياً عارماً تجلى فى مجتمعنا عبر أحزابه وساسته ومعارضيه ورموزه ، لأمكننا ان نحول هذا الغضب ونترجمه مطلبا شعبيا عاما يرفع الحرج عن الدوله المصريه التى لاتريد أن "تنكب"علاقتها بفرنسا! إحساس ما بأن داخلنا نقص ما! مع الأسف ! نقص يجعل مقولة أوغلو عنا صحيحه وإن كنا نرفضها منها رفضا باتا .. فهذا شأن داخلى مصرى لايجوز فيه لامثال هؤلاء المتحالفين مع" الاخوان المجرمين" أن يلقنوننا إياه! لكنها فى الحقيقة جمله مريعه كاشفه.

أيها الساده الإصطفاف الذين تريدونه لمصر لايتأتى بأن يحتكر البعض العمل العام والخدمه العامه .. فكلنا شركاء فى الوطن . وكان أحرى بنا ان ندعو المجتمع المدنى وكافة منظماته الطوعيه والحقوقيه وكافة الاحزاب السياسيه لحوار مجتمعى عام .. يبدد كل ضعف يبدو علينا وكل نقص يعترى جبهتنا الداخليه ! لماذا نحن خائفون من طرح همنا و همومنا على أنفسنا ؟ العالم كله يعرف المشكلات التى نمر بها والضائقه الاقتصادية التى تزهق أرواحنا وتعيقنا عن رفاهية شعبنا وعن تحقيق أمالنا فى مستقبل واعد .. لكن أيهما اجدي ان نستمر فى مانحن عليه ام نبحث عن طاقة نور لدى كل عقل يفكر ؟

بعدما قرأتم : إفتحوا النوافذ للناس ايها الساده.. أفتحوا الطريق أمام الأفكار.. دعوا صراع الأفكار يؤتى ثماره فى المجتمع .. دعوا السياسه تحيا فى مصر . ولاتميتوها فى مجلس النواب .. دعوا النور يتسلل الينا من شباب مصر الجديد الذي مايزال بعيدا حتى الآن عن المشاركه رغم أنه طاقة هادرة . دعوا الحكماء يحملون مشاعل النور ودعوا الاجيال الجديده تحمل مشاعل الثوره على القديم ..

دعوا القلم المبلل بالدموع يكفكف دموعه ويجفف مآقيه، ودعوا القلوب الموجوعة تنضو عنها ثيابها الحزينة .. وترتدي ثياب مصر الجديده .. مصر المستقبل!