إذا وصفوك ب" الطيب" .. تحسس مسدسك! بقلم : محمود الشربينى
---------------------------------------------------------------------
- قبل أن تقرأوا :«أهل الشر»، مصطلح تكرر كثيراً فى خطابات الرئيس ورسائله، قبيل توليه الحكم وبعده. سمعناها منه لأول مرة فى صورة دعاء للملك عبد الله عاهل السعوديه عام 2014، بأن يحفظه الله من تلك "الفئة"(!!) ومازلنا نسمعها منه فى تصريحاته، فهو يستخدمه كلما أطلت برأسها كارثة حريق، أو نكبة طائرة ،أو مذبحه جنود! فمن هم "الأخيار الطيبون" فى مقابل "أهل الشر" كما يصفهم؟
- ***************
- أم المفارقات هنا أن الطيبين- الذين يحتفى بهم الرئيس ضمنا- هم الذين يرفضون هذا الوصف!! حتى لكأن الواحد منهم إذا تجرأت ووصفته بأنه طيب.. يكاد يتحسس مسدسه! أحد المستشارين القانونيين، أدهشنى فى حوار لنا معاً باعتراضه السريع على وصفى له بصديقي "الطيب": قال لى:"...ولو أن كلمة الطيب بعد 25 يناير أصبحت تعنى شيئاً آخر"!
- صديقٌ آخر من الشعراء مرهفى الإحساس، الذين ضلوا طريقهم إلى كتائب الجنرالات قال لى العباره نفسها .. وتحفظ على الوصف ذاته .. كنا نتحدث عبر الماسنجر .. أى أننا هاربان من "الرقابه" اللهم إلا الرقابه إياها.. ( حتما تعرفونها؟!)
- الرئيس يحمل على "أهل الشر" ويدعو عليهم .. و"اهل الطِيبْ" أنفسهم يرفضون ان يكونوا "طيبين"..والمدهش ان المستشار الصديق يعلق الذنب فى رقبة ثورة يناير العظيمه!!وليس وحده......
- ماجريمة 25 يناير العظيمه (ستبقي فى رأيي ووجدانى كذلك ولو كره الكافرون بها) باندلاع " بكابورت البذاءه" الذى انفجرت قذارته بعد الثوره .. فتجدها تنضح على لسان قاضٍ "محال للصلاحيه"، ونائب "مشلوح" من عضويته، ومذيع "بذيء" يسب معارضي الدوله ونظام حكمنا القائم .. وبنات وسيدات تويتر اللاتى لم يتورعن عن إطلاق البذاءات على الآخرين من أول كلمة ( a7.) إلى الكلمه الشهيره التى تتردد فى كل خناقه أو مشاجره او حتى على لسان ضابط أو عسكرى وتبدأ بحرف "الكاف" وتنتهى ايضا بحرف "الكاف" متبوعة بكلمة ( يابن كذا..... وأعتذر عن إيراد هذه الامثله؟!)
- .. ماعلاقة ال"بكابورت" بالثوره الينايريه ؟ لاشيء ! نعم لاشيء .. سوى أن "من أمن العقوبة أساء الأدب" .. فتجده ينفجر فى الناس سباً ولعناً ومطواةً وسنجةً ورصاصةً وقنبلةً !هذا ماحدث .. عشرات الفيديوهات الموثقه نشرت واذيعت لضباط شرطه وهم يعذبون المعتقلين ويسبونهم بأقذع الالفاظ ولم يحدث أن عوقبوا او أحيلوا للقضاء .. ربما نقل بعضهم بداعى التأديب لأماكن أخرى ، من دون أن يتصور من نقلوهم أن هذا ليس عقاباً وانما هو نقل للظلم والإهانه من مكان إلى آخر فقط .. من الثغر الإسكندرانى إلى الواحات؟ هذا هو أقسي وأقصي العقاب الذي يراه المسئولون ؟ قضاة وصحفيون ومحامون وتربويون وحتى ثيوقراطيون ورجال كهنوت - من كافة الملل والنحل - يفعلون فعل البذاءه..وكأنه كان بركانا خامداً.. وبذريعة " أهى ثورة بقي " مورس على أوسع نطاق ، لاحياء فى ذلك .. عند البنت او الولد.. الشاب أو الشايب .. المتصابيه أو العجوز .. الشمطاء أو الراقصه .. التويتريه او الفيسبوكيه! ولكن مابالنا بخليجيات وعربيات وعرب من هنا وهناك يمارسون نفس القباحات الآن..وهم الذين لم يذوقوا طعم "الثوره" أبداً!
- البذاءات .. والشتائم .. والشماته وأشياء أخرى .. كلها لا علاقة لها بالثوره الينايريه وإنما لها علاقة وثيقة بما يمارس فى مصر .. من مسلسلات إهدار القانون والحريات الكرامات والتنكيل والتشهير والوصم بالتخوين للمعارضين من دون أدلة أو براهين! يدافع نقيب الصحفيين عن نقابته ويطالب بالإحتكام للقانون وتطبيقه فتجد صحفيين(!!) ينضمون للشراشيح فيتهمونه بالفشل والخيانه والشلليله ويعملون على إسقاطه، وإمعانا فى الكيد ، فإنهم- حفاوةً- يضعون صورة الوزير النيجاتيف على البايو الخاص بهم على تويتر وعلى صفحاتهم على فيس بوك وكأن الوزير هو "نجيب محفوظ"!
- يمارس المستشار هشام جنينه صلاحياته كرئيس لأكبر جهاز رقابى ، فتكال له التهم ويتم تشويهه لمطالبته بالتفتيش على ميزانية "الداخليه" ثم لانه وبعدأن بح صوته على مدى عامين تحدث عن الفساد ،وقدر قيمة المال العام المهدر فى المؤسسات بنحو 600 مليار جنيه فإذا به يطرد شر طرده من دون أن يحقق معه أو يقال له أين أدلة إدانتك!"طيب"؟!
- تنشر الوفد على صدر صفحاتها عناوينا مثيره مثل " خيانه فى الداخليه" ومثل فضيحة تعيين ابناء القضاه فى وظائف معاونى النيابه، وبقرارات وزاريه يستبعد " أولاد الإيه الغلابه" ويستبدلون بأولاد " القضاه والمستشارين" وكأن الزند لازال جاثما بزنده على رقاب العداله فى مصر .. وكل هذا ويقولون لك " بعد الثوره .. بعد الثوره .. بعد الثوره"!
- عشرات الحرائق تندلع فى أماكن مهمه جدا فى مصر ولانصل إلى الجناه الحقيقيين ونتهم فقط من يصفهم الرئيس بأنهم أهل الشر الذين لايريدون لمصر الخير ؟ حسناً أين جهابذة البحث الجنائى والأدله الجنائيه وأمن الدوله ( الوطنى) من هذه المصائب اليوميه ، أم انه من السهل فقط إقتحام نقابة الصحفيين بالمخالفه للوائح والقوانين لاعتقال متهمين فى قضايا رأي او حتى تحريض؟ ( ماقيمة محمود السقا الصحفى مثلا كمحرض".. هل هو الأستاذ هيكل مثلا فأثر تحريضه مدمر ؟ هل هو نقيب الصحفيين فأثر تحريضه عاصف أو مزمجر؟!)القانون يداس بالأقدام ويجد من يشجعون على هذا الدوس ،فمن أين يأتى الناس لبعضهم البعض بالأحترام والتقدير؟
- السياسة فى مصر ماتت .. فلا أحزاب تقيم مؤتمرات أو ندوات ولاتوجد مقار تمتلىء بالباحثين عن الحريه والعداله والكرامه والثقافه والرأي الآخر .. والمعارضه حوصرت بقوانين التظاهر والإشتباه .. فحبست فى قلعة حصينه وكأنه أريد لها أن تكون "مذبحة قلعة" ولكن بلا دماء .. نزولاً على مطالبات بعض دروايش الحكم الذين يبلعون له الزلط يوماً بعد يوم .. و" بالشوال" وليس " زلطةً زلطة"! وبغياب المتنفس وزياد الكبت وموت الحوار ( اللهم الا الفيس بوكى - التويترى... والذي لم يسلم أيضا من التفكير فى خنقه بعد ان فكرت مصر فى اللجوء الى اداراته لحجبه او تقنينه بذريعة استخدامه فى التحريض على الإرهاب!!) يتساءلون أين هى مصر "الطيبه" طيبة حقيقية ( مش هبل!).
- يقتل بعض ضباط الشرطه والرقباء والبات شاويشات الناس فى الشوارع علنا أو الاقسام ، ويعذبونهم فى السجون والحجز الاحتياطى ، إو يسلبون الماره المال فى الطريق العام .. ويتهم العديد منهم فى قضايا ماسه بشرف المهنه وتجد عقوباتهم أقل من المتوقع ، ويخرج الفاسدون من القضايا زى الشعره من العجين، ويسجن الشباب والمعارضون ويقبض على الكتاب فى الطريق العام ( حسام بهجت ومالك عدلى نموذجا) مع ان استدعاء الكاتب للتحقيق يمكن أن يتم بوريقه أو برسالة .. أو بمخبر واحد !!!
- الأسوأ من هذا مايجرى فى كارثة حصاد القمح وتسليمه ل( الشونات) .. أيعقل ماتفعلون ؟ أيها الساده ناضلنا نضالاً مريراً فى السابق لكى نزرع القمح ، وبشق الانفس أقتنع الفلاحون وقاموا بزراعة القمح الذى لطالما كان سببا فى إذلال كبرياء دولتنا ( من عصر السادات الى عصر السيسي) وكنا نعانى معاناة شديدة ولازلنا نستورده بعفنه وسوسه وفطرياته .. وبملايين الدولارات .. وبعد أن أغدق علينا الفلاحون بعطائهم إذا بالدوله التى تعهدت سابقا فى عهد وزير زراعه سابق( فاسد) تأتى الآن لتذيقهم ويلات العذاب ، ولا تقبل منهم توريد القمح إلى الشونه ، ولو" عملوا عجين الفلاحه" بذريعة عدم وجود حيازات زراعية لديهم ؟ ماذا يفعل الفلاحون ( الطيبون!) فى تلك الحاله؟ تخيلوا انتم .. هه .. تخيلوا!
- مابالنا لانفكر فيما يمكن أن نفعله حقيقة ببلدنا؟لانتخيل وقع صغائر الامور حتى على وجدان وذائقة الناس .. إذ تنكب طائرة مصرية جديده ، قادمة من باريس ، وتتحطم فى البحر ، وتليفزيون الدوله يعتبر ماجرى عملا عادياً حتى ان مغردون على تويتر وثقوا لفضيحة .. ان الخبر كان منشوراً على البار نيوز التليفزيونى أما الصوره والبث التليفزيونى فكان لإحدي أغنيات الفنان محرم فؤاد؟ ربما كانت " والنبى لنكيد العزال ... أو الإخوان !!"
- بعد أن قرأنا : ماذا يفعل "الطيبون" فى مصر ونحن أمام سيل الشر هكذا ؟ وسيل الخطايا هذا وسيل إهدار القانون هذا ومنح الامان لمن أساء الادب؟ ماذا يفعلون؟ حتما سيتحسس كل "طيب" مسدسه!