انزعج الكثيرون من تصريحات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والتى أطلقها منذ أيام قلائل في وسائل الإعلام بأنه تبين لدى الجهاز أوجه قصور وخلل فى مؤسسات الدولة تسببت فى إهدار 600 مليار جنيه فى المدة من العام 2012 حتى 2015 وذلك كما صرح جنينة بناءً على طلب وزارة التخطيط من الجهاز بإعداد تحليل عن أوجه القصور والخلل التى إرتكبت فى تلك الفترة السالفة الذكر , وعلى الفور وكالعادة إنبري الكثيرون ونصبوا أنفسهم قضاة للحكم على الرجل بالتشكيك فى كلامه بل وتكذيبه ووصفه بالمغلوط وكأنهم الخبيرون ببواطن الأمور , فضلاً عن إتهامه بأنه على صلة بالإخوان ويجب تنحيته ومحاكمته على إعتبار أنه يؤلب الرأى العام , ويطعن إستقرار الدولة بخنجر مسموم بنشر تقارير كاذبة ولا أساس لها من الصحة , والسؤال إذا كان هشام جنينة إخوانياً ويمثل خطراً على الدولة وإستقرارها لماذا تم الإبقاء عليه كل هذه المدة وهو على رأس أكبر وأهم جهاز رقابي فى مصر ؟
ولماذا ننزعج ونمتعض عندما يخرج علينا مسئول بفضح وكشف واقعة فساد هنا أو أخري هناك أيحيلنا هذا للشك والريبة ؟ وهل نريد حقاً مواجهة الفساد وإستئصاله أم أننا غير قادرين ولا نملك الشجاعة والإقدام فى ذلك ونؤجل مصارعته ومواجهته خوفاً على العروش والكراسى ؟ فلا يخفى على الجميع ولا أحد ينكر أن الفساد تحول لكرة من اللهب تحرق من يقترب منها , وصار وحشاً يبتلع من يعترض طريقه , ومن ثم لم أجد حماساً كافياً لتصريحات جنينة وأصواتاً تنادى بسرعة التحقيق فيما ورد بتقرير جهازه ومحاسبة كل من يثبت فى حقه ذلك يقيناً لدى جهات التحقيق سوي بعض الوطنيين والشرفاء فى هذا الوطن الذين تمهلوا وتريثوا وطالبوا بذلك , فضلاً عن قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وكشف الحقيقة أمام الرأى العام , وعلى الجانب الآخر تم تناول الموضوع من زاوية التخوين وكيل الإتهامات وتسيس الأمر بصورة بحتة ,
ويقيني أن هشام جنينة يعلم جيداً أنه محاط بشبكة من الفاسدين والمتربصين والإنتهازيين لأخطاؤه وزلاته كى يطيحوا به بل ويودعوه السجن لفضحهم وكشفهم أمام الجميع فهو أو غيره ممن هم على رأس هذا الجهاز معرضون فى كل وقت للأذى والخيانة ليس لشخوصهم ولكن لموقعهم الحساس , وبالتالى وفى ظني أنه يعلم تمام العلم أن المغامرة بنشر تقارير عارية من الصحة أو حتى مبالغ فيها ستفتح عليه أبواب الجحيم , أضف أننى لا أضفى البراءة والصواب كما التشكيك والتكذيب على ما صرح به الرجل حتى لا يساء الظن أو الفهم , ولكن سأنتظر شأنى كشأن كل مواطن ما ستفصح عنه جهات التحقيق فإذا ما ثبت كذب هذا الكلام سأكون من أوائل الداعين لمحاكمته ومثوله أمام العدالة لخيانة وتضليل هذا الشعب , أما ما إذا ثبت العكس فسأرفع له القبعة إجلالاً وتعظيماً على شجاعته ومروءته لإقتحامه أوكار الفساد وأمانته وحرصه على أموال ومقدرات هذا الشعب , وللأمانة
إذا صح ما قاله جنينة فبذلك يؤكد أن الدولة تفضح الفساد وتحاصره ومن ثم إضفاء المصداقية والجدية في المواجهة , فالجهاز المركزي للمحاسبات أحد أهم أدوات وأذرع الدولة فى حربها على الفساد فقوته وإستقلاليته شرط أساسي في عملية التنمية والمضي قدماً إلى الأمام .