منذ ايام كنت على الهاتف مع أحد أعضاء
الموقع القدامي الذين كانوا يتابعوننا منذ البداية في 2005.. هذا الرجل تخطى عمره
خمس عقود.. تعرض في حياته لأزمات انتهت بعودته النهائية لأرض الوطن.. لكنه لم يجد
مصدر رزق هناك فعاد للكويت بعد معاناة استمرت لحوالي 3 سنوات.
عاد الرجل بعد كفاح في الحصول على
كارت زيارة ومن ثم عانى الامرين حتى منَ الله عليه بوظيفة نعم هزيلة براتب 190
دينار ولكنها في النهاية (نواية تسند الزير).. المشكلة ان الرجل ولأنه شريف كان
يحدثني وهو يحمل هموم الدنيا فقد وصلت الديون عليه مبلغا كبيرا جدا في نظره رغم
أنه بسيط جدا في نظر آخرين.. ويريد أن يعيد المال لأصحابه.. ويخشى ما يخشى أن يغضب
أحد اصحاب الفضل عليه أو يعتقد أحدهم أنه نصاب أو أنه غير مهتم باعادة المال
(الدين).. ولهذا يبحث عن وظيفة أخرى بعد الثانية ظهرا ليستطيع سد ديونه في اقرب
فرصة.
الرجل وهو يتحدث معي وكان لنا اتصالات
سابقة قبل عودته النهائية لمصر تحشرج صوته ورويدا رويدا انخرط في البكاء.. فالرجل (عزيز
قوم ذل).. داهمه المرض وأجرى عملية كبيرة.. ورغم ذلك يكافح ومستعد للعمل طوال
اليوم.. المهم أن يسدد ما عليه من دين ويظهر بمظهر يليق به وهو العزيز الذي ذل.
انتهت مشكلة الرجل وبدأت مشكلتي أنا -
كاتب هذه السطور- فيا له من إحساس مقيت.. أن تقف عاجزا أمام
بكاء رجل تعرف مدى صدقة ومدى شهامته ومدى رجولته فعلا وليس قولا فقط.. دموع الرجال
هذه لا تقدر بثمن ولا يمكن أن تقف أمامها دون اكتراث.. احساس يهز الوجدان ويحرك
الفؤاد ويعصف بالقلب.. ويصيب العقل بالشلل.. العجز.. نعم العجز.. ياله من إحساس
مخز ومذل ومهين.
المشكلة أنني أتعرض كثيرا لمثل هذه
المواقف.. ف (المصريون في الكويت) يبحثون عن ملاذ لمشاكلهم فيلجأون إلى هذا وذاك..
ولكني أقف أمامهم كثيرا موقف العجز.. هم
يتوسمون في الخير.. وأنا والله أبذل قصارى جهدي للمساعدة.. لكنني أقف عاجزا في
مواقف لا أملك فيها الأدوات.. أحاول واتصل بمن أعرفهم.. منهم من يتفاعل ومنهم من
لا يهتم.. وأجد نفسي اقف في موقف الشحاذ أو المذنب الذي يبحث عن واسطة تذلل له
عقبات أو توفر مبلغا يسد حاجة مديون أو مطارد بسبب إقامة أو غيرها.
قصص كثيرة عشتها قد اعرضها عليكم
مستقبلا لكني اكتفي هنا بهذا المثل البسيط.. وأتساءل ماذا يمكن أن نفعل لنتعاضد
ونتعاون ونساعد بعضنا البعض.. سؤال يحيرني.. لماذا يقف سفير مصر في الكويت مكتوف
الأيدي تجاه مجلس الجالية المصرية في الكويت الذي لا يؤخر ولا يقدم.. ولماذا يقف
أيضا هو موقف العاجز تجاه هذا المجلس القميء الذي أوقف كل السبل لمساعدة الناس..
فهذا المجلس يقبع فيه سلبيون محبي التصوير والظهور.. كل هدفهم الذي أتوا من أجله
هو التقاط صورة بجوار السفير وعرضها على الفيس بوك في البروفايل وكأنهم التقطوا
صورة نادرة وخاصة وغير مسبوقة مع شخصية اسطورية مع كامل احترامنا لسعادة السفير.
مجلس الجالية يستطيع أن يبتكر الكثير
من المشروعات الاقتصادية التي تجلب له المبالغ الكبيرة التي يستطيع أن يسخرها
لمساعدة الناس وطرحنا ذلك مرارا وتكرارا ولكن لا حياة لمن تنادي.. مجلس الجالية
يستطيع أن يوحد المصريين لخدمة بعضهم.. وأن يقوم بانجازات كبيرة تغني المصري في
الكويت شر السؤال.. وعرضنا قائمة بتلك الافكار ولكن من ينفذ ومن يكون هدفه الاول
والاخير خدمة الناس.
لا أنكر أبدا أن السفارة والقنصلية
يقومان بمساعدتنا ومساعدة الناس في أشياء كثيرة هي حقهم الذي لم يحصلوا عليه.. ولا
أخفي مدى تقدير ومحبتي للعاملين في القنصلية والسفارة.. ولكن هؤلاء أيضا مقيدون
وهؤلاء ليس بيدهم حل كل المشكلات.. لكن ما لا أستطيع تجاهله أنه بمقدور جهة شعبية
كمجلس الجالية تقديم الكثير.. ولا يمكن أن أسامح سعادة السفير على تجميده للموقف
ومنع العمل على حل المشكلات أو على الاقل المحاولة من خلال مجلس جديد متحمس.. يعمل
على خلق طرق جديدة لمساعدة الناس.
اليوم يتسلم الرئيس المؤقت مسودة
الدستور.. وقريبا نصوت عليه.. وقريبا بإذن الله تبدأ مصر عهدا جديدا نأمل أن يكون
ملؤه التفاؤل والنجاح والإنجازات ونأمل هنا كمواطنين مصريين في الكويت أن نلمس
تغييرا جذريا في مجلس الجالية وأداؤه.. وأن يتفاعل سعادة السفير مع نداءات
المصريين في الكويت بأن يكون هناك من يحمل الراية ولديه افكار واطروحات ينوي
تحقيقها على ارض الواقع لا من يكون كل طموحه (اضحك علشان الصورة تطلع حلوة).