fiogf49gjkf0d
احمد الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلى واسلم على خير رسل الله محمد ابن عبد الله وبعد هذه رسالة اوجهها لكل من يسعى الى الشو الاعلامى والفرقعة الاعلامية واقول لكم كفانا خلافا فالان اصبح لدينا رئيس يحكم البلاد وانا جالس عادت ذاكرتى الى زمن ليس بالبعيد وقتها كنت خارج الدولة على ارض دولة ماليزيا واتابع كل الاحداث التى تحدث فى مصر وانا فى لهف وشوق ويمتزج معهم الخوف الرهيب ووقتها تخيلت نفسى جراحا او طبيب اقوم بعملية جراحية و قررت أن أضع الثورة تحت مشرطي ترددت قليلا ليس عن خوف –حاشا لله- لكنها كما أظن بعض بقايا الهلاوس السمعية البصرية التي أصابتني بها نشرات الأخبار أربع وعشرون ساعة يوميا لمدة عام ونصف ناهيك عن الإكتئاب المزمن وفوبيا (الفيس بوك)!
 قضيت يومين أرى نفسي في القائمة السوداء لأعداء الثورة الطاهرة وكأن الملايين قد اعتصمت في ميدان التحرير ترفع شعارا واحدا هو : (الشعب يريد إلغاء المشارط)! وألف بلاغ ضدي على مكتب النائب العام يطالب بشنقي في ميدان التحرير بتهمة الخيانة العظمى! لكن جنوني كان أقوى من تلك الهلاوس وقد تقتضي الحكمة أحيانا أن تكون في قمة جنونك ، لذا فإنني سوف أضع الثورة تحت مشرطي دون أن أجهز كفني أو أكتب وصيتي فعندما تفشل المسكنات ووصفات العطارة وأحجبة المشعوذين فيلس لها إلا الجراح الذي تعرف يده العاقلة كيف تداوي من حيث تجرح فإذا كنت تخاف من الحقيقة كما يخاف البعض من منظر الدماء فلا تقرأ لأن السطور القادمة ليست لأصحاب العقول الضعيفة.. كلما أتأمل في توابع زلزال 25 يناير أتذكر الفنان يوسف وهبي وهو يصرخ في انفعال مسرحي (يالضربات القدر..ما الدنيا إلا مسرح كبير)!
 
وحتى لا ينسى هؤلاء الذين حولتهم بعض الأقلام وبعض الشاشات إلى أبطال فاتحين أجبروا الشمس أن تشرق من مغربها أذكر بأن ما حدث لم يكن إلا كحادثة عبور أسراب الجراد للمحيط الأطلسي فبينما كانت بعض الدول تنام في أمان من هجمات الجراد جاءت عاصفة قوية عبرت بأسراب الجراد من المحيط إلى تلك الدول وبينما كان العرش وحراسه ينامون في وهم الخلود الأبدي جاءت عاصفة القدر لتجعل مظاهرة سلمية غالبا ما تموت قبل أن تولد جعلت منها ثورة شعبية أطاحت بمن فوق العرش ومن حول العرش ، كان هذا لأن سنة الله تقتضي أن يسبب الأسباب وقد سبب لها غباء السياسة وشرف الجيش وشجاعة الشعب فكانت بتلك الصورة التي صدمت العالم بأسره فلم يملك إلا المباركة والتصفيق ، أقول هذا وأصدق في قرارة نفسي أنني لا أسفه من أحد لأنني رأيت بعيني شعبا صدق حلمه وارتضى أن يموت من أجله وعندما تكون الحياة هي مهر الحرية فمن العار أن تشتريها حفنة دولارات أو وجبة (كنتاكي)! ولكني بالمثل لا أشتري بالحق الذي أعتقده رضا البعض أو سخطه لأنني لا أسمع إلا صوت العقل وإن حاصرني ضجيج التهليل والتصفيق وأغاني البطولة التي تصنع عروشا أبدية تدعي لنفسها العصمة والإلهام وعندها لا تشفع لها البداية النبيلة لتنتهي كسلفها بعاصفة قدرية في ميدان التحرير!
 
 وكما يقول الأنجيل ( تعرفون الحق والحق يحرركم) فسأطرح بعض الأسئلة أحاول بها أن أنسف بعض الأساطير التي ستتخم بها كتب التاريخ مستقبلا في محاولة مني لتحرير نفسي برؤية الحقيقة المجردة بلا أقنعة أو مساحيق : السؤال الأول : هل كانت حقا ثورة شباب؟ إذا كنت مثلي تسمع جملة (شباب الثورة) في اليوم عشرات المرات فأقترح عليك أن تكف عن ترديد الألقاب دون البحث في حقيقة الكلمات وما تحمله من معان مهينة أحيانا ومخادعة دائما . فلو أصبحت تلك الجملة نصا مقدسا أو ثرثرة ببغائية فتلك إذا كارثة لأن الذي يخدع مرة يخدع ألف مرة ولست هنا في حاجة أن أذكرك ونفسي كم ضاع من العمر في سلسة من الخدع عمرها ثلاثون عاما وأظنها كافية لكي نزيل مافوق عقولنا من صدأ وغبار سنوات من النصب والاحتيال. إذا أمعنت النظر معي في مشهد الميدان ودلالته الرمزية سترى شعبا بأكمله تقاطعت أحلامه وأهدافه البسيط منها والمركب والنبيل منها والدنئ في هتاف واحد سمعه العالم حتى صار كالعلامة المسجلة : (الشعب يريد إسقاط النظام) وهنا يحق لي أن أضع سؤلا إعتراضيا يبدو بديهيا : هل كان كل من في مشهد الميدان يفهم دجل السياسة ومنطقها النفعي؟ هل يعرف الفلاح البسيط والعامل المطحون معنى كلمات تلوكها الآن ألسنة مدعية ؟ هل سمع هؤلاء من قبل عن الدستور والديموقراطية والطهارة الثورية والثورة المضادة وشرعية الثورة ؟
 
 أن الأمانة تقتضي أن تجيب بلا وأنت مرتاح الضمير فلم يكن هؤلاء يتعاطون ترهات الوطني أو الوفد أو التجمع والأخوان ولم يدرسوا في مدرسة المرحوم ( جيفارا) لإعداد القادة الثوريين بل وأزيد فوق هذا وأقسم أن منهم من يتعامل مع كل ما يعمل بأزرار بحذر خبراء المفرقعات ويظن أن ( الفيس بوك) ليس سوى اسم دولة أجنبية أو دواء مسكنا للصداع! وأستسمح من يشحذون من أجلي أقلامهم وألسنتهم وأزرار لوحة المفاتيح أن يتمهلوا فمن يصدق أن بإمكانه (اسقاط النظام) فلن تفوته أبدا الفرصة في اسقاط من هو – بمنطق الدنيا- (لا شيء) وسألقي لهؤلاء بكلماتي دفعة واحدة ولهم الحق بعدها أن يضربوني ضربة رجل واحد! قد يبدو مشهد ميدان التحرير مربكا ومعقدا بقدر تعقيد ذلك الخليط العشوائي الذي اجتمع في ساحته وأول طريق الفهم يبدأ من تحليل هذا الخليط إلى عناصره الأولية البسيطة فالشباب رغم اعترافي بشجاعته في المبادرة ونبل الغاية والمقصد لم يكن هو الأغلبية التي يصح معها مصطلح (شباب الثورة) بل كان ما حدث نارا أشعلها الظلم واحترق بها في النهاية أو معادلة طرفها الأول الفساد والبطالة والفقر والمرض والثورة المصرية بالرمزية العميقة في مشهد ميدان التحرير هي الطرف الثاني ؛ لذا قبل أن تهين نفسك وتهين ثورة شعب بأكمله وتردد جملة (ثورة الشباب) فكر مرتين ثم إستعذ بالله من الجهل واحمده على نعمة العقل! السؤال الثاني : لماذا نمنح الثورة هذه العصمة المطلقة؟
 
أعلم أني بهذا السؤال أسير في وسط حقل ألغام يتطلب مني الحذر في اختيار كلماتي ، ولكن ألا ترون أنه أمر مثير للسخرية والشفقة في آن عندما تسمع أحدهم يتحدث بلهجة المحب المعاتب ويمهد لكلماته بقصيدة غزل طويلة لتكتشف في النهاية أن المسكين يريد أن ينتقد ثورتنا المقدسة ولا يعرف من أين يدخل لهؤلاء الذين يتصيدون زلات اللسان والأخطاء المطبعية أحيانا ليحولوها ببراعة ملفتة إلى اتهامات معلبة بالخيانة والعمالة أو إلى مادة للسخرية والكوميديا السوداء التي لا ترحم على ( مجتمع الفيسبوك) ؟ لذا فقواعد اللعبة قد تفرض علي فيما هو آت أن أبدأ بحديث مطول عن حبي واعزازي للثورة التي غيرت وجه مصر وعن تقديري لكل مصري حر ضحى بنفسه في سبيل الحرية والكرامة ، وكل هذا وأكثر لا أنكره ولا أزايد عليه ولكنني ببساطة لست مضطرا حين أعبر عن رأيي أن ألطفه بشيء من النفاق والتزلف لأنني أحترم حرية التعبير التي جاءت ثورتنا من أجلها ولست مضطرا لأن أدعي القداسة لمن لا يملكها فكلنا بشر خير خطائينا التوابون. القضية ببساطة أن صدمة ما حدث لم يتوقف أثرها على الإطاحة بالنظام البائد بل منحت البعض شعورا بالقوة والبطولة وهذا أتفهمه جيدا من الناحية النفسية بعد عقود من القهر والظلم ولكن تأثير هذا الشعور خطيرا على المدى الطويل خاصة أن الإعلام غذى بسذاجة بالغة هذا الشعور فخلق ما أسميه ( الحصانة الثورية ) فكانت النتيجة سلسلة غير منتهية من التشكيك والقوائم السوداء والبيضاء وادعاء الوطنية والبطولة تضم حفنة من الفانين ولاعبي الكرة وأنصاف الساسة الذين تذكروا فجأة أنهم على قيد الحياة بعد سنوات من الغيبوبة ونفاق السلطة حتى أصبحت الثورة أشبه بأضرحة الأولياء التي يقصدها العامة الجهال طلبا للخير والبركة! أعود وأقول أن الثورة لو لم تنجز إلا كسر حاجز الخوف لدى المصريين لكفاها ولكنها أيضا ككل الثورات في تاريخ الإنسانية قابلة للنقد والتقييم ولهولاء الذين لا تعجبهم كلماتي أختم بجملة أتمنى أن يسمعوها بقلوبهم وعقولهم : إن مصر لا يصح أن تحكم من ( قصر رئاسة ) ميدان التحرير إلى الأبد! إلى هنا قد أنهكت يدي وانقطع –مؤقتا- حبل أفكاري لذا اسمحوا (للمشرط ) باسترحة محارب
 
ولنا لقاء إن شاء الله مدام في العمر بقية..