fiogf49gjkf0d
الأزمة الحقيقية للشرطة والداخلية
almansi9@hotmail.com
أحمد المنسي
الأزمة الحقيقة للشرطة والشعب في مصر لا تكمن في فساد ضباط الشرطة , ولا في التعامل غير الآدمي مع الشعب , ولا في استكانة وضعف شعب أغلب أفراده من البسطاء والمساكين , ولا حتى في السادية والأمراض النفسية المتأصلة في نفوس كثير من ضباط وأفراد الشرطة لعقود طويلة جدا من الزمن , ولا في التجاوزات الخطيرة التي مارستها الشرطة في التعدي على الحريات والحقوق والأرواح وخرق القانون , ولا في عدم المبالاة والأنانية المفرطة التي يتمتع بها نظام كامل ومنظومة كاملة ظلت تحكم مصر لعقود طويلة ومازالت مسيطرة على الكثير من الأمور حتى الآن , ولا في الحالة البغيضة من الخوف والجبن والشعور بالرهبة التي تؤدي إلى انفجار في بعض الأحيان من قبل الشعب بشكل يصعب معه التفاهم مع نفوس تعرضت للظلم حتى هلكت واهترأت ويئست , ولا في حالة الكبر والعجرفة والبلادة الحسية والفكرية والإجرام واحتقار القانون والهمجية والتعدي على الناس من قبل الكثير من أفراد الشرطة , ولا في حالة الانهزام والانكسار واليأس والإحباط التي سيطرت على الشعب وعادت لتسيطر عليه من جديد بعد 25 يناير , والتي يصعب معها بناء اقتصاد أو علوم أو حضارة أو دولة قانون . إن الأزمة الحقيقية للشرطة والداخلية تكمن في كلية الشرطة , هذه الأزمة التي تكمن في الأسباب التي أدت إلى كل ما ذكرناه , وتكمن في الطريقة التي يلتحق بها طالب الشرطة بالكلية , لأنها تقوم على المحسوبية والرشوة والقرابة والانتقائية , فخلقت عالما منفصلا تماما عن الشعب من أفراد الشرطة , وجعلت من الشرطة قبائل وجماعات ضمت الصالح والطالح , الكفء وغير الكفء , وتشعبت فيها العلاقات والخدمات والوساطات والتعدي على القانون وتكسير كل الحواجز لكل من له قريب في الشرطة , ليظل يعاني الفقير والمسكين والضعيف في الحصول على أبسط حقوقه معاناة تصل إلى حد الصراخ والموت ولا مغيث , فصار القانون الذي يحكم علاقات الناس لا يسأل عن الحق والباطل وإنما يسال عن القريب والحسيب والنسيب وصاحب المال والنفوذ , فتحطمت بذلك كل القيم والأعراف الإنسانية لدينا , لأن القانون لم يعد الطريق الموصل إلى الحق , ولم يعد للفضيلة ثمن , ولا للكرامة قيمة , وكفر الجميع بكل جميل , وأُُلبسنا ثوب القبح قصرا , وارتفعت هامات اللصوص وأشباه الرجال في دولة لا عدل فيها ولا قانون ولا كرامة لأحد , فالكل متهم , والكل مدان حتى تثبت براءته , وإن ثبتت أيضا مدان . كنت أتحدث مع ضابط شرطة صديق فيما يتعلق بالالتحاق بكلية الشرطة , فقال لي ( هو انت عايز ابن بياعة الخضار يدخل شرطة ؟؟؟ ) قلت له وما المانع أن يدخل ابن بائعة الخضار كلية الشرطة إذا كان كفء , وتنطبق عليه شروط اللياقة البدنية والعقلية وحسن السلوك والسمعة ؟ هذا الضابط أعرفه , وهو من الشرفاء الكثيرين من ضباط الشرطة , ولكن للأسف هذا رأيه , ويرى أنه لا يجوز للفقير أن يلتحق بكلية الشرطة , ولا أعرف لماذا ؟ هل يريد الطالب المدلل الذي لا يدرك معاناة الناس ولا مشاكلهم , إن كثيرا من أبناء ضباط الشرطة يدخلون كلية الشرطة مكرهين , وأعرف نماذج كثيرة منهم , وتجد بعضهم لا يجيد التصرف في ابسط أمور حياته , فهل ابن بائعة الخضار إذا صار ضابط شرطة سيستخدم نفس الأساليب التي يستخدمها الباشوات وأبناؤهم , من تلفيق التهم للناس والتعالي عليهم وإذلالهم واتخاذ الساقطات والمجرمين وسيلة للتنصت على الناس والوشاية بهم ؟ . يجب أن ننتبه لهذا الأمر لأنه أساس كل المصائب والعلاقات السيئة بين الشرطة والشعب , يجب أن يتم الالتحاق بكلية الشرطة على أساس الكفاءة وحسن الخلق والأمانة وسلامة النفس من الأمراض , وليت يكون شعار كلية الشرطة خلال السنوات القادمة إن شاء الله ( القوي الأمين ) , مصداقا لقول الله سبحانه ( يا أبت استأجره , إن خير من استأجرت القوي الأمين ) , يجب أن يكون معيار القبول في الكلية هو القوة والأمانة , ويجب أن تفتح كلية الشرطة أبوابها للقوي الأمين وإن كان ابن بائعة الخضار .