fiogf49gjkf0d
الثائر الحق أحمد المنسي Almansi9@hotmail.com
( الثائر الحق , هو الذي يثور ليهدم الفساد , ثم يهدأ ليبني الأمجاد )
هذه العبارة الجميلة قالها الشيخ الجليل الجميل محمد متولي الشعراوي , وما تفتأ وسائل الإعلام المصرية والفضائيات تعرضها علينا ليل نهار , ويريدون من الناس بها أن يهدأوا ويسكنوا ويتركوا الدولة تعمل لمصلحة الناس والوطن وتحقق الأمن والأمان للمواطنين , وهذا كلام حق يراد به باطل . قلنا قبل ذلك أن هناك بعض العبارات التي تصدع رأسنا في وسائل الإعلام , هي تنطق بحق ولكن يراد بها باطل , أيا كانت درجة صحة هذه العبارات فإننا نقبل بها , غير أن الذي يصدع رأسنا بها يريد بها باطلا لا يمت للحق بصلة , مثل عبارة ( ارحموا عزيز قوم ذل ) .
وإذا قلنا أن الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد , فهذا كلام جميل نؤمن به ونصدقه ونحترمه , لكن هل هذا الثائر قد هدم الفساد ودحره بالفعل حتى يهدأ ليبني الأمجاد؟ بل هل هدم جزءا كبيرا من الفساد حتى ضعف واستكان ولم يعد قادرا على النمو والتشعب والسيطرة على الأمور ومن ثم يكون على هذا الثائر الآن أن يهدا ويبني الأمجاد ؟ إذا كان الثائر الحق هو الذي يثور ليبني الأمجاد فعلى هذا الثائر الحق ألا يهدأ حتى يهدم هذا الفساد بالفعل , ويقضي على أذنابه ومعاونيه ورموزه ومروجيه والمدافعين عنه والمبررين لوجوده والمخوفين الناس من زواله. ثم كيف تبنى الأمجاد في ظل وجود الفساد وسيطرته ؟ لقد أصبح واضحا جليا أن الفساد في مصر مازال مسيطرا على الكثير من الأمور , وهناك من يروج له في محاولة خبيثة لإقناع الشعب بأن الثورة قد نجحت وآتت ثمارها وأكلها , في حين أننا لم نسمع من يحذر هذا الفساد وأعوانه من أفعالهم أو حتى يطالبهم بالهدوء والسكينة والعمل لمصلحة الدولة وتحقيق سيادة القانون وإقامة دولة العدل . المشهد في مصر مأساوي بمعنى الكلمة , فماذا يعني إسناد قضية مهمة مثل قضية قتل المتظاهرين لقاض سيء السمعة وتربطه صلة قرابة بالرئيس المخلوع , وهو الذي أعلن بدم بارد نتائج الانتخابات المزورة لمجلس الشعب السابق ؟ وماذا يعني بقاء القيادات الفاسدة بأكملها في الوزارات والجامعات والمؤسسات الرسمية والأندية الاجتماعية وغيرها ؟ بل وترقيتهم أيضا ؟ وماذا يعني توريث الوظائف حتى الآن وحرمان الشعب المصري من الحصول على وظيفة تضمن له حياة كرمة ؟ , وما معنى استمرار التجاوزات والاستثناءات والمحسوبيات واستمرار القهر والعنف , والإرهاب الذي يمارس من قبل بعض قيادات الشرطة وأصحاب رؤوس الأموال واصحاب السلطة ؟! وماذا يعني بقاء اللغة التعتيمية لبعض وسائل الإعلام على الوضع المأساوي في مصر وتزييف الحقائق بدعوى أنه لا يوجد سيطرة لأحد على الإعلام , فمن إذن صاحب السيطرة ؟ ومن يحرك الأعداد الرهيبة من البلطجية لنشر الفوضى وإرهاب الناس ؟ وما معنى أن يتم تحويل خمسة عمال من شركة بترول للقضاء العسكري بوشاية من إدارة الشركة - التي تقوم بتعيين أبناء كبار المسئولين فيها وتعتدي على حقوق العمال - إلى القضاء العسكري في حين أن الذين قتلوا الشعب واغتالوا تاريخ مصر وأغرقونا في بحر من الذل والعوز والقهر والمرض إلى القضاء العادي ولا يتم محاكمتهم ؟ هناك قوى تسيطر على مجريات الأمور في مصر ولها قدرةة فعلية على تحريك الأمور , هذه القوى تتمتع بقدر كبير من الأمراض النفسية وسيطرة الاعتقاد بأنهم أسياد وباقي الشعب عبيد , وأنهم أصحاب الحق في السيطرة على مقدرات الناس وأصحاب الحق في الاستئثار بخيرات هذا الوطن دون غيرهم , ويتعاملون مع الشعب كله من هذا المنطلق , ويتم استخدام كل الأساليب لقمع هذا الشعب وإسكاته , مرة بالتخويف ومرة بالتخريب ومرة بالانفلات الأمني , ومرة بالتوجيه الإعلامي المضلل . إن مصر مازالت تُدار كما كانت تُدار في العهد السابق , حتى متى يُلعب علينا كما يُلعب على الصبيان ؟ إن كلمات شيخنا الجليل الشيخ الشعراوي قد مُنعت من الإذاعة في عهد الرئيس المخلوع خوفا من أن تثير الناس وتحرك فيهم الرغبة في القيام بثورة , واليوم تٌعرض على الفضائيات لنفس السبب – أي لتجعل الناس يهدأوا ولا يستمروا في ثورتهم – كان الله في عونك يا مصر , وكان الله في عون شعبك المسكين المقهور المخدوع . عندما قامت الثورة في 25 يناير , بدأت تداعبنا نسمات الحرية , وبدأت الدماء تسري في عروقنا بالانتماء إلى وطننا الغالي مصر, وبدأ الأمل ينبت في نفوسنا نبتا جميلا معطرا بأسباب الحرية والعدل والإنصاف , ثم سرعان ما انتزعت منا ثورتنا , واغتيلت تضحياتنا , وضاقت بنا الدنيا من جديد , وبدأ اليأس يضرب في أعماقنا من جديد , فهل نحن أمة لا تستحق الكرامة ؟؟؟ لماذا يعز على بعض إخواننا من العرب أن يرونا نسترد كرامتنا وعزتنا ؟ فصاروا يهتفون ضدنا , ويتهموننا بأننا عملاء للخارج ؟ لماذا تفرقنا نحن وتشرذمنا وأصبحنا طوائف وجماعات وائتلافات ؟ لقد كانت الثورة أروع ما تكون الثورات , ولكن أين أنتم اليوم يا ثوار الفضيلة ومكارم الأخلاق واسترداد الحرية والكرامة ؟ لو لم يحكم مصر الشرفاء من رجالها لهلكنا جميعا , فالفاسدون لا تعنيهم مصر في شيء غير أنها فريسة لهم ينهشونها كل يوم مرات ومرات . أيها السادة ...
الثائر الحق , هو الذي يظل ثائرا حتي يقضي على كل أسباب الفساد ورموزه ومروجيه ومعاونيه , الثائر الحق , هو الذي يثور على نفسه لينفض عنها غبار الذل والخنوع والتكاسل والتخبط والانصياع لكل مخادع خبيث , علينا أن نثور على أنفسنا حتى نخلق فينا نفوسا أبية , ترفض الذل والتبعية , علينا أن نثور حتى نقيم دولة القانون والعدل , ولن تنهض أمة انتشر فيها الظلم , إنني أعجب من قولهم أن الناس عليهم أن يهدأوا ويعملوا على دفع عجلة الإنتاج , فكيف لإنسان يشعر بالمهانة والذل والظلم أن ينتج ؟ أقيموا دولة العدل فينا حتى نستطيع أن نعمل وننتج , كيف ينتج من يُسلب حقه ويرى غيره يأخذ فوق ما يستحق أضعافا مضاعفة ؟ , كيف لمن لم يأمن على حياته ولا على حياة أولاده من الظلم والقهر أن ينتج ؟ حاكموا المفسدين في الأرض والظالمين حتى نأمن على أنفسنا منهم فنقدر على العمل والإنتاج , اجعلوا الوظائف للناس على أساس الكفاءة لا على أساس التوريث والمحسوبية والرشاوى , اقضوا على أسباب الطبقية والحقد بين الناس وإلا لن تسلموا ولن نسلم جميعا , طهروا السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية , وافتحوا باب القبول في الكليات العسكرية لشباب مصر الأكفاء ولا تورثوها فتصبح أحزابا وجماعات فتفسد كما فسدت وتحتقر الناس وتزدريهم . بعدها قولوا ان الثائر الحق قد هدم الفساد وعليه أن يهدأ ليبني الأمجاد . أما الآن فالثائر الحق لن يهدأ حتى يهدم الفساد ويقضي عليه تماما , ويغير من نفسه ابتداءا , ولكن بلا تخريب ولا عنف ولا طائفية ولا فئوية ولا عنصرية ولا تبعية لأحد . ولا يحسبن أحد أنني أدعو إلى الفوصى والهمجية والتخبط , بل إن كل هذا مرفوض تماما ,
ولكن يجب على الشعب كله أن يتابع تحقيق أهداف الثورة ويستمر في المطالبة بها وأولها تحقيق مبدأ العدل والمساواة وسيادة القانون وصون الحريات الشخصية , وذلك كله بالطرق الحضارية والسلمية التي رايناها بأعيننا أثناء الثورة , وعن طريق وحدة الصف , حتى لا تصبح الائتلافات اختلافات , وعندما يكون الشعب قوة واحدة لن تستطيع أي قوة أن تقضي على أهداف الثورة وتعطيل إقامة دولة العدل وسيادة القانون في مصر, ولن يكون هناك أي مبرر لممارسة القهر والظلم والقمع واستمرار المحسوبية والطبقية بعد قيام الثورة التي راح ضحيتها الكثير من شباب مصر الأشراف . إيه يا شعب مصر , لماذا يكيدون لك بالداخل والخارج؟! , يا شعب مصر ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ومازال الطريق طويلا , يا شعب مصر.. انتصر على نفسك حتى تستحق النصر من الله , لا تنتظر أن ينصفك أحد , إن العالم الذي نعيش فيه لا يحترم ولا يلتفت إلا لكل أبي يطلب حقه ويدافع عن كرامته . لا يلتفت العالم إلى أمة ذليلة مهينة خانعة . إن مصر بحضارتها وشبابها ورجالها الأشراف لن تخلو من طاقات بشرية تخشى الله وتتقيه , يخرج منها حاكم رباني يحارب الظلم والفساد وينشيء دولة العدل والعلم والحضارة , ودمتم بألف خير . أحمد المنسي Almansi9@hotmail.com