لانها ليست بقعة على خريطة وانما خطًّا نورانيًّا في سماء الكون
و همزة الوصل ما بين نور الحق في عليائه وبسط الارض للصلاة
سيناء... محبتها أعلى درجات التصوّف
بين المساحتين «الجفن والرمل» تمتد لحظة العشق لسيناء مصلى الانبياء. لتعكس سحرها على خصوصية الناظر لتؤكد ان الاماكن فيها خلقت لتكون خاصية زمانها ولذلك ليس بالغريب ان تتجزأ وتتحد عندما تشعر برغبة الخيال ليكتبها بشكل مختلف ينطلق من نافذتها خيالات التصور وفلسفة التفكير ورؤى التغيير.متى اشرقت تتحول دروبها إلى افراح وزغاريد ولباس ابيض كالنهار الولهان و كأنفاس الطيور والفراش العاشق لكل جمال ونقاء . وليلها سواد يكحل العيون بالسهد يروي الضمأ بالسحر ، ومابينهما ترى في وجهها عبقري التفاصيل ، لحظات رحيل الشمس الى الغروب حيث يكسوها بحلةٍ حمراءَ من شفقٍ تهدل فوقَ شطآنِ الصفاء.
من نقطة التماس بين الضوء والظل ، والعطش والارتواء ، سيناء محبتها أعلى درجات التصوّف، لانها ليست بقعة على خريطة وانما خطًّا نورانيًّا في سماء الكون .
فليس هناك ما يعادل تأثيرسماع اسمها على الإحساس، فيتحول الي نهر متدفق تجري فيه الألفاظ سخيّة ليس فيها كلمة ناشز ولا نغمةغريبة، ولا مقاطع نافرة ، لكونها درة فريدة على الأرض، ماءُ بحرِها مداد وساحلها كتاب دون شعاع فضاءات تلاقي التاريخ مع الحضارات وعِناق البحارة الذي اذابهم الشوق الى شاطئها المسجَّرِ بالحنين في لحظة صمت رسمت دهشة الشجن وقتَ اللقاء في أعين نوارِس بيضاءَ تصدحُ.
فهي كنزا لا يفنى ونورالله يضيء جبالها ، التي عجز الزمن عن تفسير خلودها ، ولذلك لا عجب ان ذكرها يليّن الصخور وعزيمتها تُروّض الوحوش، فهي ربّة الجمال وموطن التهذيب وساحة الذوق والأخلاق ، والحلم الشارد من كتب الاساطير ،تناديك اليها مقبلة فاتحة ذراعيها كغانية امتلأت فتنة ودلالاً، تصنع الماس للخيال الذي يولد في لحظة الموهبة، ومنها تؤسس اللحظات التاريخية وتعيش محطات الأزمنة ومراحل انتعاش الروح والعقل والعيون حيث يبدأ السحر من اشارة الجفن وينتهي في ملمس الرمال التي هي اقرب الى ملمس الحرير.
،اقولها بكل ذرة في كياني، واكتبها لكي فوق بساط ماء البحرين "الابيض والاحمر"، وعلى صفحة رمالها الذهبية ،وعلى اوراق الاشجار والزهر، بكل لغات العرب والعجم ، بلغة الملائكة والجان، يا شرفة التاريخ لا تبتآسي وارفعي راسكي الي السماء لكي تغسلي وجهك الصبوح من نور القمر فذرة من رملك تسوى وطن ، وعشقنا لكي فرض ، من اجل هذا قلوبنا منديل لعيونك عندما دمعك يسيل .
من قال انها تركتنا او تركنها ، ومن قال ان بهاء العروس في ليلة التجلي هو صورة ، انها قلعة كل الازمنة والامكان ، تكسرت على راحتها الحانية كل المظالم وكانت رحيمة ان جعلت من ثراها غطاء للظالمين حتى لو كانوا مقبورين ، ابدا لم تنكسر ولن تنكسر ، انها همزة الوصل ما بين نور الحق في السماء وبسط الارض للصلاة ، ابدا لم تنحني ولن تنحني الا للواحد القهار .
مهما كانت ضبابية المشهد، وعتمة الطرق المؤدية لدروب الشمس،والدماء والاشلاء بفعل فاعل، الا اني ارى رغم الحزن العميق أرض تنهض من رماد الغياب، توزع بطاقات فرح،ممزوجة بالدموع لكن كلماتها من سِفر الأمل، وورقها منسوج من كبرياء الرجال، واحرفها مغزولة من شموخ النساء ،واحبارها كحل على رمش فراشات الربيع ، ،تحملها ايدي، كل هدفها بناء جسر من ضوء النهار، لموكب عودته أكيدة، قادم من فضاء وضياء، برائحة الضفاف وعطرالمكان