التطرف هو ايديولوجية فكرية تتم صناعتها وليست ردة فعل على الأوضاع السياسية أو الاجتماعية التي يواجهها الأفراد، جاء ذلك في معرض حديث الكاتب والمحلل السياسي السعودي عبدالله بجاد العتيبي، حيث تناول في جلسته والتي جاءت تحت عنوان "صناعة السخط والتطرف" مصادر وأسس التطرف، والآليات التي يجب على الحكومات اتباعها لمكافحة هذه الإيديولوجية التي تؤدي لمختلف الأعمال الإرهابية. وقد أشار العتيبي إلى أن الأمة الإسلامية ورغم أنها من تتوجه لها أصابع الاتهام في الوقت الحالي جراء مناداة الكثير من الجماعات المتطرفة والإرهابية بحملها راية الإسلام، إلا أن الكثير من الديانات والحضارات والدول على مر التاريخ عانت من الفكر المتطرف وذلك نتيجة لتأويل واجتزاء النصوص الدينية من سياقها الطبيعي واستخدامها بما يخدم مصلحة هذه الجماعات. وقد ذكر العتيبي إلى أن جذور التطرف في الثقافة الإسلامية ليست بالأمر الحديث بل ترجع إلى العديد من الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإسلامي الثقافي التي نادت بهذا الفكر وعملت على إحداث الجماعات الإسلامية السياسية، وقد تأثر العديد من الجماعات بذلك كجماعة الإخوان المسلمين التي قامت بالأصل على فكرة استعادة الخلافة الإسلامية من خلال جماعة منظمة ومؤدلجة تعمل من داخل الدولة.
وقال العتيبي: "التطرف هو عبارة عن صناعة تقوم على ثلاث مراحل وهي صناعة السخط عبر توليد أفكار الغضب الشديد اتجاه الأوضاع، وهناك صناعة الإحباط وتعتمد على الهجوم على كل ما تقوم به الحكومات من مشاريع تنموية وإصلاحات وذلك بهدف ضرب مشروعية الدولة، ومرحلة صناعة العنف التي تستند إلى القوة العسكرية بحيث تبنى منظومات سرية قائمة على عمليات اغتيال وقتل القادة والسياسيين وأفظع أشكال القتل كما نشهده اليوم من خلال تنظيم داعش." وأضاف العتيبي: "ثمة العديد المفاهيم التي يتم البناء عليها لشحذ قابلية الفرد للعنف وهي مفاهيم هدفها غسل الأدمغة، مفاهيم فكرية مرتبطة التكفير والجهاد، واجتماعية كالعزلة الشعورية والخطاب المنافق، وأخرى قتالية كالإعداد للعمليات الانتحارية."
وأشار العتيبي أن مفهوم هذه الجماعات قد اتخذاً بعداً أوسع وذلك من خلال استخدامهم لكافة ما توفره التكنولوجيا لخدمة أعمالهم وزيادة انتشارها وهذا من خلال مفهوم عولمة التطرف، بالإضافة اعتمادهم على جماعات تعمل فقط على تقديم تبريرات للمتطرفين وأعمالهم. وقد دعا العتيبي الحكومات إلى الاستمرار بمواجهة هذه المعضلة الكبرى وذلك من خلال خلق استراتيجية شاملة لتطوير الخطاب الديني، ومنظومة تشريعية تتصف بالقدرة على مواجهة مشاكل العصر، والسعي إلى قطع التمويل.