فترة السبعينيات والثمانينيات كنا ننتظر بشغف افتتاح «معرض القاهرة الدولي للكتاب» ونبدأ التخطيط له مبكرا بدءا بادخار ما نستطيع ادخاره من جنيهات لا تتجاوز بضع عشرات وانتهاء بالتخطيط للحصول على دعوة لحضور الافتتاح، أو الندوات الثقافية المحترمة التي تواكب المعرض مرورا بمحاولة التملص من التزامات الدراسة، وتوفير وسيلة انتقال إلى ومن موقع المعرض في شارع صلاح سالم، والتي غالبا ما تكون سيارة «صديق» يتم إغراؤه بالحضور لأسباب لا علاقة لها بالثقافة!! حتى نجد وسيلة لنقل الكتب الثقال إلى المنزل.
وكانت خريطة الأجنحة المشاركة من أهم مستلزمات «غزوة معرض الكتاب» وكان الإقبال على جناح الاتحاد السوفييتي الذي توجد به طبعات عربية فاخرة لدستوفيسكي وتولستوي وجوركي وتشيخوف بأسعار زهيدة لا تساوي الورق الجيد والأغلفة الفاخرة.
ثم جناح الكويت لنحصل على ما فاتنا طوال العام من سلاسل: عالم المعرفة والثقافة العالمية، ومن المسرح العالمي، و«العربي».
ثم جناح سورية حيث أمهات الكتب التي لا غنى عنها بطباعتها الدمشقية والحلبية الفاخرة، وأسعارها المناسبة،.. أما جناح لبنان فحدث عنه ولا حرج، ما عدا غلاء الأسعار!!
وطبعا كان للكتب الدينية التي يكاد «يمنحها» الجناح السعودي بمقابل زهيد نصيب كبير من الاهتمام.
واليوم وبالرغم من انتشار الكتب الإلكترونية المحملة على الأجهزة اللوحية بأسعار زهيدة، إلا أن الكتاب الورقي ما زال مرغوبا ومقتنى ومقروءا، وما زالت السوق المصرية من أهم أسواق طباعة وبيع الكتب في العالم العربي، لكن الملاحظ هو غياب «المشروع الوطني» لإصدار الكتب كتلك المشروعات التي تبنتها في الماضي الهيئة المصرية العامة للكتاب، أو المشروعات الثقافية للدكتور ثروت عكاشة، وحتى مشروع القراءة للجميع الذي رعته سوزان مبارك!!
كما ناديت ونادى غيري.. التعليم هو الحل.. والاهتمام بالكتاب وقراءته هو الأساس، أعيدوا لأطفالنا وشبابنا مشاريع إصدار الكتب الرخيصة، وشجعوهم على القراءة فمن يقرأ.. يعرف، ومن يعرف يستطع غالبا اتخاذ القرار الصائب.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.