وطني أم وطن -
كتب/ سعيد مندور
في النظر للفرق ما بين كلمة (وطني) وكلمة (وطن) ليس في الشكل القريب في التشابه أو حرف الياء الفاصل بينهما، ولكن الفرق في المسافة التي بينهما والتي تأتي هنا في المضمون.. فالوطني كان مسمى (الحزب الوطني الديمقراطي) المصري الذي أنشأ عام 1978م بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات، وتولى رئاسته حتى اغتياله في حادث المنصة يوم العرض العسكري 6 أكتوبر عام 1981م، وتعود البداية الحقيقية لنشأة الحزب الوطني للعام 1907م على يد الزعيم المصري مصطفى كامل لتبنيه وقتها قضية تحرير مصر من الاحتلال الإنجليزي.. وأسس الحزب الوطني على مبادئ وقيم عظيمة اتخذها ركيزة لتأسيسه، وفي عام 1981م ترأس الرئيس السابق محمد حسني مبارك رئاسة الحزب، واحتفظ منذ ذلك الوقت بالأغلبية في البرلمان، وحرص على الإمساك بمقاليد السلطة والهيمنة عليها والسعي لإضعاف القوى السياسية والأحزاب المناهضة له، في ضوء تقييد حرية التعبير واعتقال أصحاب الآراء السياسية المخالفة له والتمييز بين أفراد الشعب.. وأشياء كثيرة أنهكت كاهل المواطن المصري .. إلى أن قامت ثورة 25 يناير ثورة الرجال والشباب الشرفاء الذين ضحوا من أجل هذا الوطن الغالي.. قامت الثورة عندما وجدت أنه لا مفر من القيام في ظل هذا الحزب الواحد الذي أفسد الحياة السياسية وأفسد كل شيئ من التعليم والصحة والحالة الاجتماعية .. مروراً بالمجالس المحلية .. وانتهاء بسمعة مصر عربياً ودولياً .. وتوالت أهداف الثورة تتحقق مروراً بخلع الرئيس السابق حسني مبارك وصولاً بحبس أركان نظامه ومساعديه، إلى أن صدر يوم السبت 16/4/2011 بعد طول انتظار قرار المحكمة الإدارية العليا المصرية بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد من عام 1981 حتى اليوم، مع رد أمواله المنهوبة ومقراته إلى الدولة، وهو خبر أسعد الشعب المصري وعمت الفرحة على مستوى جميع المحافظات، ومع هذه الفرحة اعتبر المصريون أن هذه هي نهاية طبيعية لحزب أفسد الحياة السياسية على مدى تاريخه، وزور الانتخابات البرلمانية وصدر الغاز المصري بأبخث الأثمان وفرط في مقدرات الشعب وأراضيه وأمواله، وترك في نفوس الشعب المصري بصمات لا ولن يتغير أثرها حتى وبعد مرور السنوات. أما (الوطن) فهو الأرض والعرض والهواء والماء والحرية والكرامة وهو الأمن والآمان، والجذور التي امتدت من آلاف السنين، وهو الحضن الدافئ، وليس البلطجية والفساد. وهنا يأتي الفرق بين (الوطني) و (الوطن) ونأمل في المستقبل القريب أن يسطع نور الوطن بعد إزاحة الفساد والغبار وتتكاتف السواعد لرفع راية الوطن في التنمية، والإنتاج، وبناء الأجيال القادمة على روح التعاون، وبث الثقة في النفوس، ويصبح الوطن والمصريين معافيين بقدرة الله وإخلاص المخلصين.
إميل: sism59@hotmail.cim