قليلة هي ساعات العزة والكرامة فيك يا وطني وما اكثرها سنوات النصر الوهمي والنجاح الزائف الذي لم يتخط حاجز مباراة في كرة القدم نخرج عقبها إلى الشوارع نرفع الاعلام ونطلق الهتافات لنذرف مشاعر وصرخات الظلم واليأس المكبوتة ولنحقق حلما لطالما راودنا لسنوات بأننا مازلنا على قيد الحياة وحققنا انجازا نحتفي به وإن كان قوامه الانتصار على دولة عربية شقيقة في مبارة تعيسة ننخرط بعدها في حرب كلامية طويلة تضيع على اثرها البقية الباقية من كرامتنا كعرب أمام العالم.
حالة من اليأس تمكنت من الاجداد والآباء على مدار ثلاثين عاما كان شعارهم فيها فلندع السياسة لأهلها هم اولى بها ، خلينا ماشيين جنب الحيط، أمشي عدل يحتار أمن الدولة فيك ، العشرات من الاقاويل والحكم والامثلة المسالمة ورثناها عن ذوينا والتزمنا بها بسبب الخوف، نعم الخوف ذلك الداء الذي استشرى بين ابناء مصرنا الحبيبة حتى اصبح يسري في العروق مجرى الدم.
انا ابن هذه المرحلة باخفاقاتها – سامحوني فلا اذكر لهذا النظام ايجابيات- ابصرت النور على صورة الرئيس حسني مبارك نشأت في كنف الفساد والظلم وغياب العادلة الاجتماعية ورغما عن ذلك كان في داخلنا كشباب بصيص من الأمل في حياة هادئة بسيطة فرصة عمل واسرة صغيرة لنكمل مسيرة الطبقة الوسطي، ولكن هيهات ، فلماذا يتركوا لنا هذا الهامش المتواضع في الحياة؟ يبدو ان البعض كانت لهم وجهة نظر اخرى، وخلال سنوات قلائل انهارت هذه الطبقة تماما وتبددت الاحلام واصبحنا كشباب نواجه المجهول، البعض اتخذ قراره بالهجرة غير المشروعة فقضوا غرقا ..اكاد اسمع كلماتهم الأخيرة ..اللهم انتقم ممن هجرنا من وطنا.. وآخرون كانوا اكثر حظا تلقفتهم ايدي الاشقاء في دول الخليج اما السواد الاعظم فاستسلم للواقع المرير ووجد في الشبكة العنكبوتية ضالته ليعيش في عالم افتراضي يراه اقرب إلى المدنية الفاضلة فلا كذب ولا رشوة ولا خداع ولا خوف ولا فساد ولا عنوسه لانك قد تجد ايضا الحب... على الفيس بوك.
على الفيس بوك لك ان تكتب ما تشاء وعمن تشاء وتتبادل اطراف الحديث مع من تشاء انها الديمقراطية في ابهى صورها ، قد يحاول البعض تضييق الخناق عليك او توجيه رسائل تحذيرية إذا ما تجاوزت ولكن يبقى الشعار الذي طالما رفعه الظالمون ..لندعهم يتحدثون ..(هوه الكلام عليه جمرك).. لم يتقوع اكثرهم حنكة وذكاء ودهاء ان الشرارة الاولى للثورة التي غيرت وجه مصر ستنطلق من الفيس بوك، وان كبيرهم الذي علمهم الفساد سيسقط بسلاح الفيس بوك وبثورة الشباب التي امتدت لتشمل قطاعا عريضا من الشعب، فشكرا للفيس بوك وشكرا لشباب التحرير وشكرا لشعب مصر العظيم وأنا مش آسف يا ريس.
انا مش اسف يا ريس ...انتظرت لاكثر من شهرين عقب ثورة الكرامة لاقولها انتظرت حتى تمثل امام القضاء المصري النزيه ولنسطر باحرف من نور هذه اللحظة التاريخية التي كللت نجاح ثورة شعب مصر فكيف تنجح ثورة في تغيير نظام بأكمله من دون مسائلة رموزه وقادته؟ سؤال فرض نفسه لاسابيع واثار التكهنات حول دور القوات المسحلة حتى جاءت لحظات الحقيقة وتوالت اوامر النائب العام بالتحفظ على اموال رؤس الفساد واحتجازهم في (طره لاند) ليحتل الخبر صدارة المشهد السياسي في جميع انحاء العالم ، ها هي مصر تستفيق من ثباتها وتنفض عن نفسها غبار الظلم والفساد.
انا مش اسف يا ريس..كم تمنيت ان اقف امامك لاقولها (بالفم المليان) انا مش اسف يا ريس لان الفضل في مجانية التعليم يرجع للاديب العالمي طه حسين.
انا مش اسف يا ريس لانني درست المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس كانت بالاساس قصور ومنازل لحاشية اسرة الملك و أممتها ثورة 52.
انا مش اسف يا ريس لانني خريج جامعة المنيا التي شيدت في عهد الرئيس الراحل انور السادات عام 1976.
انا مش اسف يا ريس لان في عهدك اخترعتم قانون الخصخصة فاصبح الاب يشارك ابنائه البطالة بعدما خرج معاش مبكر.
انا مش اسف يا ريس لاني اضطررت للاغتراب عن وطني واسفت لنظرة الاشقاء العرب لمصرنا الحبيبة في عهدك.
انا مش اسف يا ريس عشان دماء الشهداء الطاهرة وعشان دماء المصريين الغلابة الي راحوا ضحية تعذيب جلاديك وتجارة زبانيتك بارواحهم واقواتهم.
انا مش اسف يا ريس لان كلمة مصري كان البعض يصفنا بها للتقليل من شئننا ،، انا مش اسف لان قائمة اخفاقاتك تطول ولو اسف على اي حاجه في حياتي يبقى اكيد على صمتي.
بقلم : محمد جمعة