قِيامَةُ أَرْضِ النِّيل شعر: أشرف الشحات
في الذكرى الخامسة لوفاة ثورة 25 يناير أعيد اجترار حروف الوجع التي شكلت سماوات حلم ظننا يوما أنها جاءت لتفقد أقدامنا صلاحيتها في السير على الأرض لأن أجنحة للحلم نبتت لنا لنطير لواقع أفضل آدمية وإنسانية.. ولكن وا اسفاه لم ينبت ريش الأحلام بل وشلت الأقدام أيضا…
قِيامَةُ أَرْضِ النِّيل
قَامُوا عَلَى الظَّلْمِ لا خَاْفُوا وَلا ارْتَجَفُوا
بَنوكِ يا مِصْـرُ أمْ ذا الحَشـرُ ينْكَشـفُ؟!
هزّي سَماءَكِ بالتَّكْبيرِ وابْتَهجي
فَجـْـرٌ أَتَـاكِ فَلا لَيـلٌ وَلا أَسَـفُ
تَرضَى الْعُيُونُ بِهِمْ وَالْقَلْبُ فِي حَزَنٍ
لولا التَّغَرُّبُ فِيْنَا نَالَهُ الشَّرَفُ
فلْيَرْفَعِ الْفَخْرُ فِي قَلْبِي لَهُمْ وطَناً
تَحْمِيْه قَبْلَ الضُّلوعِ الأعْيُنُ الذُّرُفُ
كَأَنَّ حَجَّاً بِمِصْرَ.. اللهُ شَرَّفَهَمْ
بِهِ فَمَا عَنْهُ دُونَ الأمْرِ مُنْصَرَفُ
وَالْحَجُّ مِنْ يَوْمِ إِبْرَاهِيمَ مُلْتَمَسٌ
فِيهِ التَّوَحُّد بَعْدَ الدِّينِ لَوْ عَرفُوا
فَذَاكَ وَعْدٌ لِدِينِ اللهِ قَدْ نَزَلَتْ
طَوعَاً لَهُ رَحَمَاتُ البَيتِ تَزْدِلِفُ
مَا كَانَتِ السُّحْبُ تَرْضَى غَيرَ طَلْعَتِهِمْ
لِغَمْرَةِ الْمَاءِ وَالأمْطَارُ تَعْتَرِفُ
حَتّى النّجُوم عَلَى أَكْتَافِهِمْ سَهِرَتْ
مِنْ حُسْنِ طَالِعِهِمْ قَدْ مَسَّهَا شَغَفُ
وَالأرْضُ تَحْتَ خُطَا أَقْدَامِهِمْ رَضَخَتْ
حَيثُ ارْتَضُوهَا مَشَتْ.. حَيثُ انْتَهُوا تَقِفُ
فَاسْتَقبَلوا قِبلةَ التَحْرِيرِ قَاطِبَةً
فَاهْتَزَّتِ الأرْضُ خَوفَا.. خَارَتِ السّقُفُ
جَاءوا لِمِظْلَمةٍ عُدَّتْ كَمَعْصِيَةٍ
وَعَنْ سِوى العَدْلِ فِي الأوطَانِ مَا اقْتَرَفُوا
وَرْدٌ تَظَاهَرَ فِي الأكْمَامِ مُضْطَهدٌ
بِالسِّلمِ مُتَّشِحٌ باِلقَتلِ مُقْتَطَفُ
شُكْرَاً لأمٍ على الأوْطان ما بَخَلَتْ
إنَّ اللآلئَ درُّ جادهُ الصَّدفُ
خَطُّوا لتَارِيخ هَذِي الأرْضِ مَلْحَمَةً
فِي جَبْهةِ الدَّهرِ يَرْوي ذِكرَهَا الشَّرَفُ
هَذِي قِيَامَةُ أَرْضِ النِّيل فَانْتَبِهُوا
فَاليَوم تنْشَرُ فِي أَرْجَائِها الصُّحُفُ
فَكُل نَفسٍ تُجَازَى أجرَ مَا عَمِلتْ
والظَّالِمونَ عَلى أَعْمَالِهمْ عَكفوا
يَا مَنْ غُرِرْتَ بِهمْ يَومَاً عَلى طَمعٍ
فَرُحْتَ تَنْهبُ منْ خَيرٍ وتَغترفُ
قَد يَخْدعُ المرءَ حُسْنُ الأرْضِ من سَفَهٍ
وتَحْتَ سَطْحٍ قَريرٍ تَسْكُنُ القِذفُ
قوْمٌ عَلى الصَّمْتِ قَد شبَّت حَنَاجِرُهمْ
وصَارَ للموتِ فِي أّْرْوَاحِهمْ نُطَفُ
تَعَشّقُوا الخَوفَ مِنْ أَهْوالِ مَا وجَدُوا
فإنْ يَغِبْ لَحْظةً يَجْتَاحُهمْ لَهَفُ
مَا حِيلةُ المَرْءِ وَالآلامُ مَرْقَدُهُ
وَقَلْبُـهُ بِالهَـوَانِ الْمُـرِّ مُلتَحِـفُ
إلا انكِسَار عَلَى ضَعْفٍ عَلى وَجَعٍ
وَكُلّ شَرٍ عَلى الْمَكلومِ يَأتَلفُ
فَلا يَغُرَّكَ فِي أبْنّائِها خُلُقٌ
مِن قبلِ تُعْرَفُ أخْلاقٌ بهِ عُرِفُوا
بِالحلمِ واللّينِ بَينَ الناسِ تُبْصرهُمْ
وَبِالتّرَاحُمِ والإحْسَانِ لَو تَصِفُ
وبِالتَواضُعِ والصَّفحِ الْجَمِيلِ لَهُمْ
قَدْرُ الملوكِ فَلا كِبْرٌ وَ لا صَلَفُ
مُسْتَسْلِمُونَ لِحُكمِ اللهِ عَنْ ثِقةٍ
صَبْرَاً وَسِيمَاهُمُ الغُفْرَان.. مَا ضعفُوا
يَا مَجْلسَ الشَّعْبِ خَانَ الشَّعْبَ مَجْلِسُه
وَقُبَّـةَ الْعِزِّ غَابَ العِـزُّ وَالأنـفُ
فِيْكَ الأرَاذِلُ بالتدليسِ قَد جَلسُوا
مِثْلَ المَقَاعِدِ لا تَمْشِي ولا تَقِفُ
لا يَنْطِقُونَ سِوَى سَمْعَاً بَلَى وَنَعَمْ
مَاتَتْ بِأَفْوَاهِهِمْ كَلا وَنَخْتَلِفُ
كَأَنَّ وَحْيَاً بِتَحْرِيمٍ يَجِيءُ لَهُمْ
لا تَنْطِقُوا اللامَ فِي حضنٍ لَهَا أَلِفُ
يَا مِصْرُ قُولِي لِمَنْ آذَاكِ مُؤتَمِنَا
حَيثُ الأمَانِ فَثَمَّ الْخُسْرُ والتَّلفُ
تَمْضِي اللِّيَالِي عَلَى ظُلامِهَا تَرَفَاً
ويفضح الصبحُ مَا شَانُوا وَيَكْتَنِفُ
فَاحْذَرْ زَمَانَكَ إِنْ جَاوَزْتَ فِي ذللٍ
فَالنَّاسُ مَوْتَى وَيَحْيا الدَّهْرَ مَا سَلَفُوا
فذاك حَقٌ لِيَومِ الحَشْرِ مَرْجِعُهُ
وذا حِسَابٌ لِقَومي فَوقَ ما أَصِفُ
مُبَارَكٌ عَصْرُهُ بِالسّلْبِ مُـشْتَهرٌ
إِبْلِيْسُ بَارَكَهُ والقَهْرُ والجَنَفُ
وَلَّى لُصُوصَاً أَمَانَاتٍ وَأَمَّنَهُمْ
فَهْو الإمَامُ وَهُمْ فِي إِثْرِهِ الخَلَفُ
قَدْ غَرَّ أَحْمَقَ أنَّ الحُكْمَ فِي يَدِهِ
سَيْفٌ سَيُزْهِقُ أَرْوَاحَاً وَيَخْتَطِفُ
يَا وَارِثَا ظُلْم فِرْعَونٍ وَسَطْوَتِهِ
أَيَنَ الفَرَاعِينُ أَينَ المُلْكُ والتَّرَفُ
الآنَ أدْرَكْتَ كَم عَذَّبْتَ أَفْئِدةً
كَانتْ لِوجْهِكَ فِي الأحْلامِ تَرْتَجِفُ
يَا سيَّدَ الكلِّ ولّى الكُلُّ مُرْتَعِداً
والكلُّ دَاسُوكَ عَمْداً بَعدَها انْصَرَفُوا
يَا مِصرُ حُبّكِ فِي أرْوَاحِنا قَدَرٌ
للحبِّ سِرُّ وَفيكِ السِّرُ ينْكَشِفُ
أنْتِ القِلادةُ والبلْدانُ فِي فَلَكٍ
دارت كَما دارَ حَول النَّخلةِ السّعفُ
مِصْرُ الوجُودُ إِذَا مَا شِئتَ مُخْتَصَرًا
لَم يُعرف الكَوْنُ لَولا أنَّها الْهَدَفُ
وهْيَ الْوحِيدةُ قَبلِ النّورِ خالِدةٌ
تَرْوي النَّهارَ إِذا مَا دَمْعُه يَكفُ
لَكِنَّ وَعْدَاً عَلَى وَجْهِ الزَّمَانِ لَها
مَا دَامَ فِي النِّيلِ تِرْيَاقٌ وَمُرْتَشَفُ
أَنْ تَطْلعَ الشَّمْسُ للدُّنْيَا إِذَا أَمَرت
والْبَدْرُ يَرْقَى ولو تَنْهَاهُ يَنْصَرِفُ
خَجْلَى حُرُوفِي إِذَا فِي حُسْنِها دُعِيَتْ
مَاذا تَقُولُ.. وَحُلْو الْمَاءِ يُرْتَشَفُ
شعر:أشرف الشحات