عجبت وأتعجب كثيراً في واقعي الحياتي من الهموم والأحزان التي تسود أمتنا العربية، ولقد غابت الفرحة والسعادة في عيون أطفالنا التي تتهدم أوطانهم يوماً بعد يوم. وضاع مستقبلهم الثقافي والتعليمي وآمالهم في الحياة، كل هذا وذاك نتيجة الإهمال الفزيع في علاقاتنا العربية وعدم الوفاق بيننا.
 
لقد رأت وشاهدت الأمة في تاريخها العريض والطويل، النصر والهزيمة، وتلك أيام بياض وأيام سواد، وهذا ما تراه الأمة كل يوم، ولكن أمتنا بالأخص تواجه أشد من كل ما واجهت في سالف الأيام الماضية، أعداءها يكيدون لها الآن كيداً (مدروساً ومخططاً)، يخططون لها بعقول كبيرة وإنفاق أموال كثيرة جداً، وتسندها جماعات ودول قوية، ولكننا لا نيأس مع هذا وذاك كله من الظفر، لأن الله وضع لنا في أمور الدنيا وأمور الآخرة سنناً لا نختلف عليها، بالإضافة لأنه عز وجل خص أمتنا كثيراً في كتابه العزيز. فسوف يأتي اليوم الذي ترجع فيه الأمة إلى ما كانت عليه ولكن إذا...!!! شهدت الفترة الأخيرة تدهور في العلاقات بين بعض الدول العربية، لكن لمصلحة من وفي صالح من؟ كل هذه تساؤلات غريبة وعجيبة نسألها لبعضنا البعض، فالمعروف هو أن الله عز وجل قد شاء أن تكون مصر هي موئل الإسلام والأم الكبيرة لكل العرب والعروبة، وحصنها السامي منذ زمن طاف على أجيال بعيدة، ولن ينسى التاريخ والبطولات التي وقفتها مصر مع كل العرب، ولن تنسى مصر المواقف التي وقفها العرب مع مصر ضد التتار والصليبيين واستطاعوا أن يكسروا السيل الجائح وأن يردوهم على أعقابهم، فانهزموا وبقيت حضارة العالم آمنة في ربوعها ووديعة احتفظ بها الأسلاف يرونها للأخلاف. كل هذه الهزائم التي لحقت بالتتار والصليبيين لأن العرب كانوا يداً واحدة ولم تزرع بينهم فتن واختلافات ومغالطات، وكانت أفكارهم واحدة في سبيل وجود أمة وحضارة تسعى إليها كل الحضارات والأوطان لكي تتعلم منها وتتعظ. وإنني أتصور أن العرب والعروبة لا يستطيعوا أن ينسوا الروابط الأخوية بينهم بالدين الذي هو أعلى شأن في الدنيا الذي خلد أدبها وجمع من شتاتها وجعلها أمة عربية قدمت للإنسانية أزكى المثل وأرجح القيم. وقد يشعر العالم كله أن عروبتنا هي حضارة واحدة وتاريخ مشترك وروابط قوية ذات جامع في دين يطوف أرجاء العالم برسالته السامية. فعروبتنا هي دم واحد ولون واحد، كما أنها ليست نقيضاً ضد أي دين، فالإسلام هو عروبتنا ويعتمد على قيامه وبقائه على الحرية المطلقة وهو يكافح في الأمة لمنع الفتن والإكراه والاستبداد. ولا نعني هنا بالعروبة الجنس، بل نعني اللسان، وبلا شك أن العرب هم الذين خدموا شتى آفاق السياسة والثقافة والأدب والتشريع
 
، فعلينا أن نعترف بأن الشرف المتاح للعروبة لم يأتي من نسبها الأرض، بل جاءها من رسالتها السماوية، فإن أجناس البشر لا يرجح بعضها البعض الآخر، فنحن العرب لنا الأحقية في قيادة أمتنا بأنفسنا ولا يفرض وتفرض علينا قيود وشروط وتدخل في شؤوننا الداخلية، فنحن لنا الحق في إدارة شؤون أمتنا وعلينا جميعاً أن نعلم ونعي من تجارب الماضي، نحب أن نبني نهضتنا وأمتنا على دعائم عربية خالصة نبيلة، وأن نتيح للأمة أداء واجبها المنوط بها ورسالتها الكبرى، وبذلك يستعيد العرب أمجادهم وتتهيأ بهم ولهم قيادة حكيمة ومبصرة. إن أمتنا العربية لقد احتضنتها العناية العليا بمواهب فريدة، فهي أمة موحدة في الأرض، فلا مكان للإنقسام والإنفصال في صفوف الأمة، ما دامت متمسكة بأهدابها حريصة على عروبتها ودينها، فكل شيء في الدنيا أو من الدنيا فهو إنقضاء وفناء راحل لا بقاء. ....
 
أيها العرب إذا كنتم تعيشون على الأرض وتحت السماء فقد جئت الليلة والوقت الذي تثقوا بربكم وببعضكم بعضاً وتماسككم واعتمادكم على أنفسكم وأن تتوحدوا وتترابطوا وتمدوا أيديكم لبعضكم البعض وأنسوا لحظة واحدة كانت بينكم تحمل خصومة وفكروا في نفوسكم ومستقبل جيل الأمة، كما كان عليه أسلافنا وأجدادنا وانتهى إليه حالنا الآن وأعلموا أننا بصدر حب وتطلع إيجابي وتوليد بارع واسع الأفق أن المفاهيم المغلوطة بيننا سوف تزول ونتجه نحو الأفضل، وإننا بلا شك منصورون.. منصورون.. منصورون.
 
محمد شوارب
كـاتب حـر
mohsay64@gmail.com