أخي الفاضل الأستاذ أسامه جلال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت مقالتكم المعنونة "دول مصريين... شكرا للإرهابيين" وفي الحقيقة أنني أتفق معكم في معظم ما كتبته وأنا من خلال اتصالاتي المستمرة معكم أشهد علي صدق مشاعرك في هذه المحنة التي هزتنا جميعا والتي يتعرض لها إخواننا في الوطن وإخواننا في الدم.. أقباط مصر.. أهلها ومحبيها وعاشقي ترابها... هم من ضحوا من أجل مصر في حروبها.. لم يبيعوها يوما ولم يخونوها أبدا ... حتى وإن قلة منهم كما ذكرت خرجت عن المألوف فلكل قاعدة شواذ.
أخي الكريم إنني لا أنسي ولن أنسي أصدقائي وزملائي شفيق..ممدوح..ميلاد..صامويل... ايهاب.. إبراهيم.. عبد المسيح.. وعشرات غيرهم ممن أخلصوا في تعاملهم معي... بادلتهم هذا الإخلاص والحب ..ولم أجد منهم إلا الحب ومنهم من كان يبحث عن مصلحتي بصدق ويبديها علي أي مصلحة.. لأنهم مصريين مخلصين... لم ينظر أي منا للمعتقدات ولكننا أكدنا علي التعايش وعلي التعاون وعلي حب الوطن كأرضية مشتركة ولم يخذل أي منا الأخر يوما ما وكم أسعد بتهانيهم في أعيادنا ويا للسعادة التي أراها علي وجوههم عندما أبادلهم ذلك في مناسباتهم.
تقول في مقالتك " بالله عليكم ماذا استفاد أصحاب العمل الإجرامي...الخ" ... الإجابة بسيطة وسهلة .. نعم يستفيدوا من إبكاء المصريين .. نعم يستفيدوا من تشكيكهم في بعضهم البعض.. نعم يستفيدوا من نحيب الأم علي ابنها ومن بكاء الزوج المكلوم علي زوجته ومن انهيار بيت كانت فيه أم إلي بيت أصبح فيه أيتام وزوج أصبح أرمل كل همه في الحياة رعاية أبناءه "الأيتام" وتربيتهم بعد أن كانت تحتضنهم أمهم وترعاهم ويتفرغ هو لعمله وعلمه... يستفيدوا من تخلف الأبناء عن دراستهم لحزنهم علي فراق الأم أو الأب... يستفيدوا من إعاقة سببها الانفجار لتسعين مواطن مصري ومن زرع الحزن في أكثر من 120 بيت للقتلى والجرحى... يستفيد من تعطيل 80 مليون مواطن عن عملهم ومشاريعهم وأبحاثهم ودراستهم لأنهم الآن متفرغون للحزن وزرع اليأس بدلا من الحماس وزرع الأمل... ولمتابعة الأخبار بدلا من متابعة الأبحاث... والتظاهر بدلا من التعلم.... وجمع التبرعات بدلا من إقامة المشاريع وكتابة مذكرات اللحظات الأليمة بدلا من تأليف الكتب وإبداع العلم..الخ. نعم المهم أن يعيش المصريين في كآبة.. المهم أن يمرض ويشيخ هذا المجتمع ويصبح هشا مدمرا... هذه هي الاستفادة الكبرى وهي تخلف مصر وضعفها.
يا سيدي إن مصر علي مر الزمان كانت عامره بالعقلاء والنبلاء من المسلمين والمسيحيين ولولاهم لكانت مصر قد تقسمت منذ مئات السنين وهؤلاء هم ذخيرة الوطن في وجه الأعداء الذين استهدفوا مصر طوال تاريخها والآن عليهم الظهور من جديد عليهم أن يبتعدوا بأي خلافات الآن حتى تخرج مصر من محنتها ويعيدوا تأهيل العلاقة بين أبناء الوطن الواحد.
إن هذه الجريمة التي ارتكبت ما هي إلا محاولة خارجية لزعزعة مصر من الداخل لتضعف مصر أكثر ولكنها مصر التي كم دقت علي رأسها من طبول وكم دخلت في أحداث أخطر كثيرا من ذلك ولكنها كانت تخرج من كل حدث أقوي واشد... يجب أن تزيد هذه الحادثة المجتمع صلابة وتماسكا ...نعم من حق إخواننا المسيحيين أن يغضبوا ويجب أن نقدر ذلك ولنضع أنفسنا مكانهم....ومن حقهم أن يحزنوا فالمصاب جلل والجرح شديد.
اسأل الله السلامة والأمان لكل المصريين ... أدعو الله أن تكون هذه الحادثة هي أخر أحزان المجتمع المصري.. وأن ينظر المصريين لمصلحتهم جميعا علي السواء وأن تنهض مصر بسواعد أبنائها المسلمين والمسيحيين.. بارك الله في كل مصري مخلص... اللهم احفظ مصر وشعبها من كل مكروه.. اللهم عليك بمن يعبث بأمن مصر.. انك علي كل شيء قدير .. آمين
بقلم: د.إيهاب عبدالغني