اجواء الروحانيات المتصوفه تاخذنا في النهايه الي قلب الواقع الاليم 
- تفاصيل كتبت ببراعه وشخصيات بعضها رسم بوضوح واخري ملغزه تماما
-منهاج الكاتب ان من يكتب في الدين يفتح علي نفسه ابراب الجحيم كما "علمه شيخه"!
- الدين المنزل والمبدل واللاسلكي الرباني وعالم الحضور والخلوه عناوين تدل علي حاله مباغته من الكتابه
-لاعقده الابذنب ولا فقه الا بتوبه.. نموذج للجمل القصيره البليغه االناضحه بالحكمه للمؤلف
- الكاتب محب لال البيت وعاشق للحضره والذكر وقدم وصفا صريحالاحوال المحبين في حالات ذكرهم 
-المؤلف يلتقي" نفسه" في حضرة سيدنا الحسين (!!)وفاطمه المغربيه والمراه المشاءه ه تكشفان حبه للستات"
 
العشق على طريقتي ----- ما بين المكاشفة والغموض
بقلم : عزة أبو العز  
 
 

العشق على طريقتي  ---حالة خاصة جداً من الكتابة تجعلك تقف فى حالة من الانتباه الفكرى , تسلبك من صخب الحياة ومشقاتها لترمى بك إلى عالم روحي ونوراني .
للوهلة الأولى تتصور أن الكاتب قد أنتقل بك إلى حضرته الخاصة وأحواله الإيمانية التى لا تنتهي فى جو يشبه روحانيات المتصوفة وأحوالهم --- يخيل إليك أنك قد صعدت إلى رحاب السماوات العلا مخاطباً الحبيب العظيم الجليل , فى نشوة صوفية لا تنتهي ولكن بشيء من التدقيق والتركيز تكتشف أنك فى قلب الواقع الأليم ,  فالكاتب أختار أن يرمى بنفسه فى معترك الأحداث الآنية ويواجه بشجاعة بالغة أحوال الأمة المصرية فى الفترة    الحالية .
أختار أن يصرخ قلمه الرصين فى وجه الدين المبدل الذى أبعدنا كثيراً عن الدين المنزل , وما بين المبدل والمنزل كانت معركته الضروس , وما بين العشق والمعشوق كان المقال , وما بينه وبينه كان الحب والانتقال من حال إلى حال , ويبقى ما بيننا وبينه لأنه يحتاج   منا لعقل متفتح ونفس حرة طليقة من القيود , ووجدان مؤمن عن حق , يحتاج لقارئ إنسان فقط إنسان أى كانت ديانته أو جنسيته أو موطنه فمحمد هزاع يكتب للإنسان على وجه البسيطة أينما كان موضعه .
** الجذور **
يقولون أن الكاتب الصادق هو ابن بيئته أى يظل الكاتب متشبعا ببيئته الأولى فتشكل وجدانه وتفكيره معاً  وهزاع أثبت أنه ابن بيئته  (فى العشق على طريقتي ) فهو يصف لنا محمد ابن الطبقة الوسطى ابن مرحلة السبعينات تلك الحقبة التاريخية التى اختلف فيها وعليها .
فهو محب للمرحلة   الناصرية متشبع بأفكارها كاره إلى حد كبير للمرحلة الساداتيه معللاً سبب بغضه لها , يبدأ معنا فى لقطة ذكية وهى لحظة هروبه من المظاهرة كى يدخل إلى ضريح سيدنا الحسين ليقابل الأخر الذى هو فى الأعم الأغلب الأنا لا يختلف عنه فى شيء ليبدأ الحكى وما أروع الحكى بسلاسة وسرعة خاطفة تجعلك تلهث وراء الأحداث المشوقه الغريبة فى بعض الأحيان ليبدأ محمد الثاني الذى هو محمد الأول فى سرد حكايته مع شيخه ( بقية الخير )وإن دل الاسم على شيء فإنما يدل على وعى من الكاتب بأن ما يأتي فى السرد على لسان هذا الشيخ هو بقية الخير الذى بقى للإنسانية جميعها .
لم ينفصل محمد هزاع عن جذوره سواء جذوره الاجتماعية أو السياسية أو حتى الإيمانية --- نعم --- فقد ظهر للجميع مدى حب الكاتب لأل بيت المصطفى – صلى الله عليه وسلم –وعشقه للحضرة والذكر وتعايشه الكامل معهما , فكل ما ورد من وصف صريح لأحوال المحبين فى حالات ذكرهم وأحوالهم ينم أن الكاتب استقى ما يكتب من جذوره الإيمانية السامقة والمتأصلة داخل وجدانه الثرى .
فهو يصف لنا ويتعمق فى الوصف لينقل لنا جذور الموضوعات مرات عن قصد ومرات أخرى يأتي الوصف مطابقاً للواقع     نتيجة صدق العبير .
•    السمات
غلبت السمة الإيمانية على مفردات الكاتب فى كثير من المواضع ونقاط الحوار كما أننا قد نقف أمام النص بدهشة بالغة فلا هو / رواية طويلة , ولا هو قصة قصيرة , بل هو صنف جديد من الأدب أطلق عليه الكاتب نفسه مسمى ( سردية بلا تعريف )فى الصفحة رقم / 17 /
ولا أدرى هل أراد هذا المسمى حقاً أم أنه ترك لنا حرية الاختيار كى يصنف القارىء النص كل حسب فهمه ودرجة تقبله له ( وهنا إشكالية جديرة بالبحث فى أدب محمد هزاع وطرحه ) أيضاً اتسمت معظم شخصياته بالوضوح ورسم تفاصيلها ببراعة كاملة كى ينقلنا إلى بواطن الشخصية بسرعة فائقة وإن اتسمت بعض الشخصيات بالوضوح الشكلي الوصفي إلا أن بواطن هذه الشخصيات ظل فيه جزءا كبيرا من الأسرار والغموض فرضتها عليها طبيعة   التناول من قبل الكاتب فهناك السائل الدائم بوضوح تام الذى لا يكل ولا يمل من الاستفسار والنقاش والأخذ والرد وهو لسان حال الكاتب , وهناك المجيب الذى يرد ويتميز بسعة العلم والإلمام بكثير من ظواهر وبواطن الأمور , المختفي وراء عبارات تشبه إلى حد كبير عبارات المتصوفة التى تحمل أكثر من وجه فى التأويل ربما لطبيعة حال العاشق السابح فى ملكوت الله , كما هو الحال فى حواراته مع الشيخ بقية الخير .
كما اتسمت الكتابة بتوصيف الواقع السياسي المصرى ففي سرعة ذكية يتنقل بنا الكاتب من حال العاشق إلى حال المواطن المهموم بقضايا الوطن الجريح وقد ظهر المضمون السياسي من الحوار فى صفحة    / 25 / من الكتاب حينما أشار إلى خطاب الرئيس السادات عن ( انتفاضة الحرامية ) ليقص علينا خدمته فى الجيش المصرى فى واحة سيوه ثم إلتحاقه وعمله كمراسل صحفى لعدد من كبريات الصحف العربية .
وأعتقد أن سمات الكتابة عند محمد هزاع الأديب البارع , الحكاء بدرجة امتياز والراوي ايضاً بدرجة امتياز نظراً لسرعته الرائعة فى الحكى والتوصيف والانتقال من موضع إلى أخر ومن شخصية إلى أخرى ومن موضوع إلى الذى يليه بصورة تتحمل أكثر من وجه ومعنى ولا أجد توصيفاً للعشق على طريقتي أفضل مما جاء على لسان الشيخ والراوي عن موضوع الكتابة , ولا سيما الكتابة فى الدين حيث قال له الشيخ : ( إن من يكتب فى الدين عموماً يفتح على نفسه أبواب جهنم , والعبرة ليست بكم كتاب تكتب ولكن العبرة بماذا تكتب , وكيف تكتب , ومتى تكتب ولمن تكتب , ولربما يكون كتاب واحد أهم وأكثر بركة من مكتبة بها ألف كتاب – ص 30 ) .
إن العبارات السابقة ما هى إلا منهاج حياة للكاتب والشاهد من القول أن محمد هزاع الصحفي الذى صال وجال بقلمه لم يخرج لنا كتابه القيم هذا إلا بعد فترة كبيرة بحسابات الزمن وكبيرة أيضاً بحجم المخزون الانسانى والاجتماعي والسياسي الذى عاشه الكاتب .ولا أخفيكم سراً أننى قد احترت كثيراً فى توصيف هذا العمل الابداعى , هل هو شكل جديد لأدب السيرة الذاتية ولم يصرح الكاتب بذلك أم هو جنس أدبي فيه من أصول القصص مكتوب بروح شاعر طوافة للخلاص من كل مأسى ومشكلات الحياة فأتى العمل على هذا المنوال باستخدام لغة تشبه إلى حد كبير لغة الشعر الرومانسية حيناً والصادمة فى أحيان أخرى ؟
ولماذا وصفها الكاتب نفسه بأنها ( سرديه بلا تعريف ).

•    الحديث عن ( الدين المنزل والدين المبدل – اللاسلكى الربانى – درس فى الحضور – عالم الروح – الخلوة – عصا موسى ----الخ )
كلها عناوين تدل على حالة مختلفة وراقية ومباغتة من الكتابة يسيطر بها الكاتب على قارئه وكأنه يشده إليه شداً للاطلاع على مضمون الفقرات الشارحة لهذه العناوين التى نادراً ما نجدها عند القاص من ممتهنى مهنة الكتابة ولاسيما أنه الكاتب الصحفي الذى له باع طويل مع الكلمة والحوار فالعناوين توحي بأننا أمام شيخ صاحب حال لا صحفى يكتب  القصة والمقال وكأن لغة السرد فى القصة والمقال طوعت بشكل كامل لتخفى لنا شخصية الصحفي وتظهر لنا شخصية المحب صاحب الأحوال .
كما اتسمت الجمل القصيرة بالإضافة للبلاغة اللغوية بحكمة واضحة مثل مقولة ( لا عقدة إلا بذنب ولا فقه إلا بتوبة ) .

((( المرأة )))
كان الظهور الأول للمرأة فى ص 78 حيث ظهرت فاطمة المغربية ولقاءهما الاول فى مسجد نفيسة العلوم رضي الله عنها وأرضاها , حيث أخذت فاطمة حيزا من الفكر والانشغال لديه , أما المرأة الثانية أو ( المشاءة ) حسب وصفه لها , فقد كان ظهورها الأول ص 82 والتي طرحت عليه سؤالاً بصيغة غريبة ألا وهو ---- كيف الوصول إلى سيدنا الحسين ؟
والسؤال الأخر المباغت بعد عدة دقائق من الحوارات العادية -------- هو حضرتك بتحب الستات ؟
والإجابة الذكية من السيدة المشاءة بأنها تشم رائحتين للحب وهذا دليل على حبه لامرأتين لا واحدة , وعندما يجاوبها بالنفى تقذف المرأة مقذوفها الثالث فى وجهه ( هل المكاشفة حكر على الرجال ؟ ) ليدخلا فى سجال عقلى وروحى يصبح للمرأة هنا فيه اليد العليا لأنها تقرر له ما يدور فى دواخله من تعلقه بفاطمة المغربية  , وتعترف المشاءة أن الشيخة فاطمة هى توأمها الروحى وتعترف له أيضاً بمعرفتها الكاملة بانشغاله بها رغم التحذيرات
ولكن السؤال الذى يضع القارىء فى مواجهه صريحة مع الكاتب هو :
ما مدى اعتقاده فى العلاقات الروحية بين شخصين ؟ وهل مثل هذه العلاقات موجودة بالفعل --- إلا مع خاصة الخاصة ؟
وهل يؤمن إيماناً كاملاً بصدقها ويقر بوجودها فى الواقع وهو الكاتب المطلع القارىء الذى سبر أغوار الحياة ؟
هل هو على يقين كامل بصدق معرفة وارتباط المشاءة بما يدور فى نفسه ؟
هو يضعنا فى حيرة ---- هل هذا عالم حقيقى أم عالم افتراضى ؟
هل هذا العمل الابداعى الذى بين أيدينا ( العشق على طريقتي ) كتب للعامة أم للمثقفين أم للخاصة من ذوى الأرواح الحرة الشفافة الطليقة فى ملكوت الله ؟
وإن كنت أرى أنها جرأة كبيرة ومغامرة بكل المقاييس أن يقبل الكاتب عليها فى أول عمل ابداعى له وهو لا يدرى كيف سيتقبله الأخر .
هل يستطيع القارىء العادى أن يتحمل تلك الجرعة الإيمانية التى قد يفسرها البعض بوصف{ الدروشة الكتابية } ؟
نعم : فشخصيات العمل قد مسها قدر كبير من الأحوال الصوفية والتباديل المعرفية بدليل --- كيف لإمرأة تسير فى الطريق لا يعلم عنها شيئاً تصبح فى لحظة عالمة بكل ما يدور فى نفسه تجاه حقيقة تعلقه بإمرأة أخرى --- أى عالم هذا الذى يضعنا فيه الكاتب ---
وهنا أستطيع القول أن محمد هزاع استطاع وببراعة أن ينقلنا إلى عالمه الخاص رغماً عنا ودونما اختيار عقلى منا فنحن لا نملك أن نرفض الولوج إلى عالمه رغماً عنا { نحن أبناء الحداثة – والعالم الإلكترونى الرقمى – والسموات المفتوحة } نحن { عصر العلم – والصعود إلى الفضاء } نحن { عصر الحروب والدمار الشامل – عصر الدواعش الذين يقتلون البشر كما تقتل الطيور بدم بارد } نحن ---.اليوم والغد .
يسحبنا هزاع سحباً إلى عالمه هو وهنا المفارقة الغريبة
هل عالم الكاتب هو العالم المرتقب المنتظر ؟
هل عالم هزاع الزمانى هو الافتراضى فى اللازمان بالرغم من تحديده له محددات ومواصفات الزمان والمكان ؟
يا الله ----- ما كل هذا التشابك والغزل الذى غزل بعصارة فكر ووجدان يخيل إلى فى بعض المواضع من النص الابداعى ان الكاتب قد أنهكته الحياة لدرجة أنه أصبح غارقاً حتى النخاع فى مشكلات العصر زماناً ومكاناً وفى مواضع أخرى يخيل إلى أن محمد هزاع قد أنفصل عن الواقع ونسج لنفسه وللقارىء عالم روحي شديد الخصوصية والبهاء والنورانية , يرسل لنا من خلاله رسالات الخلاص من كل الأوجاع وشرور البشر .
عن طريق هذا الاختراع العجيب ( اللاسلكى الربانى ) كما أطلق عليه الكاتب نفسه ---- الذى يختصر المسافات , ويطلق العنان للبشر للسباحة عبر الفضاءات , ويؤنس وحشة البعض فى الجمع بين المحبين من أصحاب الأحوال والابتلاءات .

((( اللاسلكى الربانى )))
أعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أختص بعض البشر بهذه الوسيلة الإيمانية السريعة التواصل الروحى أو الإحساس بحدوث بعض الأشياء قبل حدوثها وقد أطلق الكاتب على هذه الوسيلة مسمى ( اللاسلكى الربانى ) وهو اسم جميل ومعبر وموظف فى إطار عمله الابداعى شديد الخصوصية هذا .
ليوضح لنا هذا اللاسلكى الربانى ويقرر بأنه لا توجد علاقة حب أخص من علاقة الحب فى الله , ويسترسل الكاتب فى الحوار بينه وبين المشاءة ليصف لنا المرأة والحالات التى يجب  ان تكون عليها بعبارات هى أشبه بالرسائل المشفرة الخاطفة السريعة الحاملة لعدة وجوه من المعاني وعلى الأخص فى صفحتي ( 86 – 87 ) من الكتاب .
•    وهنا لي وقفة فى حوار الكاتب مع المشاءة بذكاء شديد يبدأ الحديث على لسان المشاءة بالسؤال والاستفسار عن الحب , والمرأة , وعلاقة المحبين ليدخلنا الكاتب فى سرعة خاطفة لعدد من الأحكام وطبائع البشر , وكيفية الحكم , ويضعنا أمام حقيقة دامغة يقر بها ألا وهى [ الأمة مسئولة مسئولية كاملة عن الحاكم الذى تختار ]  بمعنى أن البشر بحسب قدراتهم واستعداداتهم هم من يقررون شكل الحكم وطبيعة الحاكم ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) وهنا ينتقل بنا الكاتب من جو المشاعر الحالمة المشتاقة فى فضاءات الحب والمحبين  ليدخلنا إلى طبيعة واقعنا المرير والدور الذى يلعبه كل من الحكام والمحكومين فى تسيير أمور البشر ولكن النتيجة المؤكدة التى يقر بها أن طبيعة الحاكم من طبائع شعبه .
•    ثم يقرر لنا حقيقة أخرى فى عذابات الأخيار جريرة ما يصفه الاغيار من الأشرار داخل الأمة الواحدة موضحاً أن الابتلاء إذا وقع بلا ذنب فهو ترقية للعبد وإذا وقع بذنب فهو تنقية للعبد وبهذا التحليل البسيط اعتقد أن الكاتب نجح فى إعطاءنا مفتاح الاطمئنان الدنيوي تجاه   الابتلاءات والمصاعب والمصائب بشكل بسيط وميسر
فإذا تم الابتلاء بدون ذنب فهذا نوع من الترقية للعبد فى المنزلة عند الله سبحانه وتعالى وإذا  وقع بذنب فهذا نوع من التنقية من الذنوب والمعاصي وبهذا تتحقق معادلة ( الرضا ) النفسي والروحي للإنسان فى كل زمان ومكان .

فى نهاية مشوار المشاءة وقبل أن ينتهي يختتمه الكاتب ببعض العبارات التى تصيبني بحالة من الفضول وترجع بى إلى دائرة التفكر والتدبر من جديد وتضع أمامى عدة رسائل مشفرة وشديدة الخصوصية  ,حيث تقر المشاءة له بأن فاطمة هى توأم أخراه فى الصفحة رقم 92 ---- فهل هذا القول تحقيقاً لمقولة ( المرء على دين خليله ) ؟
وكيف علم فى اجتماع حضرته بشيخه أن فاطمة هى أخراه ---؟
ياله من نص ابداعى محير كثير الرسائل , عاصف للذهن فى بعض المواضع --- مريح للنفس والروح فى كثير من المواضع الأخرى .

((( الاسم الكبير )))مرة أخرى يدخلنا الكاتب إلى حال جديد من أحواله فى ساحة المعركة مع كائنات وأقوام سفلية حسب تعبيره ليستعين عليهم بمدد من الله ومن السادة شيوخ طريقته وبالأخص الشيخ      سيد ولى الله ساكن الصعيد الذى يساعده بفضل الله لينتصر فى معركته الضروس ويذيل كلامه له بمقولة هى بمثابة الحكمة البالغة : { العاشقون لا يحزنون ولا يغضبون أبداً لاستغراقهم فى بحار العشق التى تشغلهم عن كل    - سوى – بل يفرحون ويرضون بكل شيء منه حتى الموت أو القتل فى سبيل الله  أو فى الله } وهنا تدلل العبارة على مدى الرضا الايمانى للقضاء الله وقدره سواء موتاً فى سبيله أو موتاً فى حبه .
{ وأسر إلى كثيراً من الأسرار , وأرانى كثيراً من الحقائق , وأستودعنى الله ومضى إلى سبيل حاله } نهاية الصفحة رقم 94 .
والسؤال هنا :
هل البوح بعدة أسرار من الشيخ كان على سبيل الحقيقة وتلك الأسرار لاتزال رهينة نفس الكاتب وروحه أم  أن الكاتب كتب على سبيل المجاز لربط القارىء به وإن كنت أميل إلى التصور الأول نظراً لطبيعة العمل الأدبى ذاته .
فنحن أمام حالة جديدة من الكتابة أختلط فيها    الواقع بالخيال ولنتفق أننا سنستبدل كلمة ( الخيال ) فى هذا النص بكلمة ( الحال )    فالحال أصبح واضحاً لي وجلياً كبديل عن الخيال بالمفهوم العام لدى بعض الروائيين , ولكن نظراً لاختلاف هذا العمل  من حيث التصنيف عن كل الأجناس الأدبية المتعارف عليها من قصة أو رواية أو حتى ملحمة شعبية .
أصبحت كلمة حال بالنسبة لي هى بديل كلمة   خيال عند كثير من الكتاب فى الأعمال العادية .
ويعود بنا الكاتب بسرعة خاطفة فى الصفحة رقم 95 ليضعنا من جديد على أعتاب الحقيقة ويعترف أنه بعد     عامين من حضرته أصيب بالسكر والقلب , ويرى كما يرى النائم موت الشيخ سيد التى تتحقق بالفعل ويعترف الكاتب بأن موت الشيخ  أولى العلامات لتغيرات جذرية على المستوى الشخصي والاقليمى   بل والعالمى .
أو حال التصفير على حد قوله فى عام ( 98 ) ليضعنا أمام سؤال أخر أكثر تعقيداً : لماذا عام 98 عام التصفير ؟وإن كان قد وصفه فى شطر الصفحة الأول ص 96 ولكننا نحتاج لمزيد من الإيضاح .
ثم ينتقل بنا من إبهام حال   التصفير والجمع إلى واقع الثورة فى ميدان التحرير ويزداد عمقاً فى الواقعية ليحدد لنا تاريخ الفترة من 25 الى 11 فبراير فى أحد أيامها عصراً يرى ( العلامة الثالثة ) ويبرهن لنا ويؤكد صدق رؤاه برحيل من برك وتاه فى السكك ( إشارة إلى رحيل مبارك عن الحكم ) ويعود  ليقرر لنا أنه قد جاء زمن انكسار يزيد واستبدال من هو أدنى بالذي هو خير ( الدين المبدل بالدين المنزل ) وهنا وتحديداً فى الفقرة الأولى من الصفحة رقم 97 تظهر لأول مرة عبارة    الدين المبدل بالدين المنزل  التى هى محور وجوهر الفكرة العميقة فى هذا العمل    ( العشق على طريقتي )  وفى هذه الصفحة تحديداً من الكتاب وهى ص 97 تبدأ تتكشف لي بعض طلاسم قد سبقت فى الصفحات الفائتة ففي الخيال السابق أو الأحوال السابقة لا فرق عندى فى المعنى وفى حضرات الكاتب مع شيوخه قد أفهموه بعض الأسرار عن وقوع مصر فى فخ الثورة التى سماها بين قوسين ( الثورة المؤامرة )    فر براثن أصحاب الدين المبدل بعد تخلى أو تنحى من برك إشارة إلى رحيل مبارك عن عرش مصر وتولى ( الستر المهترىء الأحول ) حسب توصيفه عرش مصر ,ومحاولتهم التخلص من الروائع معصوبة العيون وأظنها إشارة إلى القضاء بمفهومنا نحن فى العصر الحديث لا بمفهوم أصحاب الحال , هنا تزداد حبكة العمل الابداعى فى الإيضاح فأحوال الرجل إذاً كانت رؤية شاملة سابقة لأحوال مصر المحروسة وما جرى فيها من مجريات الأمور ولكن السؤال الذى يجب علىٍٍ طرحه على الكاتب بمنتهى الشفافية والوضوح  :
هل قراءاتك للأحداث ومجرياتها كان يحتاج لكل هذه الحضرات والطلاسم التى قد ترهق القارىء إلى حد كبير وأوقعته فى مرحلة من الشك وأنا معه  ؟
هل هذا العمل  كان بمثابة نبوءة برحيل من برك وتولى أصحاب الدين المبدل وصولاً لرسو حال السفينة إلى بر الأمان ؟----- ألم يكن فى مقدورك ومقدور كتاب كثر من السياسيين والمبدعين بالوصول فى التفكير إلى هذه النتيجة الكارثية بعد اهمال وتجويع وفقر وجهل لمدة قاربت على الثلاثين عاماً .
فمن أعمل عقله يستطيع الوصول إلى  هذه النتيجة فى سقوط من برك وتاهت به السكك لا محالة ---
إذا عليك أيها المبدع المتميز أن   تقر وتعترف إما أنك فعلاً هو هذا الشخص صاحب الأحوال وقد كتبت هذا العمل من وحى واقعك  الفعلى الذى هو قمة فى اقرار الحال الذى استعضنا به عن كلمة الخيال حتى يستطيع القارىء ان يتابعك ولا يتوه  فى ثنايا أحوالك الصاعدة المتبادله الكاشفة   ما بين روح ساعية للخلاص وباحثة فى ملكوت وفضاءات الله   الواسعة.
وأغلب الظن أن هذا الكتاب الذى كتب بحرفية عالية من رجل خبر أحوال  العشق فى حضرة المعشوق الأجل الاكمل --- ذاق مرارة البعد بعد أن نال حلاوة الوصل والوصال فى كثير من الأمور والمواضع من لدن حكيم عليم .
فالعشق على طريقتي ما هو إلا دعوة مفتوحة فى حضرة الجمال والكمال بل والجلال فى بعض المواضع لخاصة الخاصة من البشر أصحاب القلوب البصيرة الكاشفة , والإشكالية هنا     أننا لأول مرة وأكاد أجزم بذلك {  يضعنا عمل ابداعى فى مأزق مثل هذا , فقد وضعنا الكاتب فى تلك المرحلة الوسطى   , وآه من مصاعب تلك المرحلة الوسطى التى يعجز    فيها القارىء أو الناقد عن تحديد المسافة بين الواقع والخيال الذى هو هنا وفى هذا النص تحديداً صعوبة تحديد المسافة الفاصلة بين الواقع والحال .ومما يزيد من روعة و خيال هذا العمل وأسراره أن الكاتب يعترف صراحة أنه كان فى حضرة شيخه فلان أو أصر أن يرى ما يحدث فى حضرة قصيرة .
ولكن نظراً لأن القارىء لم يتعود على مثل هذا القص فى عمل ابداعى يقف متحيراً هو ايضاً فى تلك المرحلة الوسطى بين الرفض والتصديق   .فتارة يجد القارىء نفسه متوحداً    مع أحداث وروايات وأشخاص العشق على طريقتي ويسلم نفسه وروحه طواعية لصاحب الحال ( الخيال ) الكاتب وتارة أخرى ينفصل عنه انفصالاً  جزئياً ويرفض أن يسلم عقله وموروثاته الثقافية إلى صاحب الحال أو الخيال أو الكاتب .
وهنا لا أستطيع أن أجزم هل بهذه الحالة المتأرجحة بين التصديق والتسليم الكامل من القراء     وأنا منهم , أو الرفض الكامل لأحوال أو خيال الكاتب أتى فى مصلحة محمد هزاع     وعمله الابداعى   ( العشق على طريقتي )أو ضده , وفى اعتقادي أن الكاتب   قد نجح وبامتياز فى إدخالنا إلى عالمه الروحى لذلك   صعب علينا وعلى نفسه من ناحية أخرى    فهمنا الكامل لمفردات العشق على طريقتي التى تحتاج إلى إعادة قراءة من المتلقي ومع تكرار القراءة تزداد المكاشفة التى هى فى ذاتها سر من أسرا ر هذا العمل الابداعى .
وسوف يبقى لمحمد هزاع الصحفي والكاتب والمثقف الكبير هذا العمل فى ذاكرة الإبداع الانسانى كمثال على التميز والغرابة التى قد تصل لحد الغموض ,سوف يتقبله البعض وربما يكون عند البعض الأخر محل اختلاف ونقاش ولكن المؤكد لدى أنه إبداع غير معهود .