حمار ابن حمار !!!! 

بقلم عبد المنعم السيسي

مستشار اعلامي وكاتب صحفي

aalsisy@hotmail.com

قد يصاب الانسان بلوثة عقلية اذا تمعن بشكل دقيق فيما يدور حوله من الاحداث وما يرى من تصرفات وسلوكيات لبني البشر التي افقدتنا الدهشة وافقدتنا الاحساس بالاستغراب واصبح كل شيء متوقعا في حياتنا واصبح المألوف شاذا والشاذ مألوفا وترى من حولك يسخرون منك اذا حاولت ان تلتزم باسط قواعد المبادئ والاخلاق واصبحت سياسة انا اولا هي السائدة في كل تعاملاتنا الحياتية واصبح من الطبيعي ان تجد الابن يقف امام ابيه وامه في المحاكم لطردهما من الشقة التي ربياه فيها حتى يرضي زوجته واصبح من الطبيعي ان تجد الاخ يسرق اخيه عينك عينك وان تجد الصديق يتحايل على صديق عمره ليستولى على ما لديه باي وسيلة حتى وان قتله هذا على المستوى الشخصي مبالك على المستوى الاشمل والدول واذا اردنا ان نوسع الدائرة قليلا سنجد العجب العجاب من بني البشر الذين فضلهم الله عن سائر المخلوقات وسخر تلك المخلوقات لخدمتهم .. وقد وردتني قصة جميلة جدا من سيدة فاضلة اكن لها كل احترام وتقدير وهي ابنة بلدي الحبيبة بورسعيد هبة ابنة الكاتب والصحفي الكبير صلاح الدين قبضايا شفاه الله وعفاه انقلها كما هي لعل وعسى ان يكون فيها عبرة ..

 " كان يا مكان في أحد الاسطبلات العربية معشر من الحمير وذات يوم أضرب حمار عن عن الطعام مدة من الزمن فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم وأراد أن يفهم منه سبب ذلك فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا فقال له : ما بك يابني؟؟ لقد أحضرت لك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لاتزال رافضا أن تأكل..أخبرني ما بك؟ ولماذا تفعل ذلك بنفسك؟ هل أزعجك أحد؟ رفع الحمار الابن رأسه وخاطب والده قائلا: نعم يا أبي .. إنهم البشر.. دُهش الأب الحمار وقال لابنه الصغير: وما بهم البشر يا بني؟ فقال له: إنهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير.. فقال الأب وكيف ذلك؟ قال الابن: ألم ترهم كلما قام أحدهم  بفعل مشين يقولون له يا حمار..أنحن حقا كذلك؟وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار.. يصفون أغبياءهم بالحمير.. ونحن لسنا كذلك يا أبي..  إننا نعمل دون كلل أو ملل.. ونفهم وندرك.. ولنا مشاعر.. عندها ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يُمنة ويٍسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولا إقناعه حسب منطق الحمير.. انظر يا بني إنهم معشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة.. فانظر مثلا.. هل رأيت حمارا في عمرك يسرق مال أخيه؟؟ هل سمعت بذلك؟ هل رأيت حمارا ينهب طعام أخيه الحمار؟ هل رأيت حمارا يشتكي على أحد من أبناء جنسه؟
هل رأيت حمار يشتم أخيه الحمار أو أحد ابنائه؟ هل رأيت حمارا يضرب زوجته وأولاده؟ هل رأيت زوجات الحمير وبناتهم يتسكعون في الشوارع والمقاهي؟  هل سمعت يوما ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب!! من أجل الحصول على الشعير؟ هل رأيت حمارا من دولة عربية لا يفهم كلام أخيه من دولة عربية أخرى؟ هل رأيت حمارا عميلا لدولة أجنبيه ضد بلده؟  هل رأيت حمارا يفرق بين أهله على أساس طائفي هل رأيت حمارا  يشع حقدا ولا يشبع من التفرقه والقتل؟   طبعا لم تسمع بهذه الجرائم الإنسانية!!  إذن أطلب منك أن تحّكم عقلك الحميري وأطلب منك أن ترفع رأسي عاليا وتبقى كعهدي بك حمار ابن حمار واتركهم يقولون ما يشاؤون..فيكفينا فخرا أننا حمير لانقتل ولا نسرق ولا نغتاب  لا نسّب... أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول: نعم سأبقى كما عهدتني ياأبي .. سأبقى حمار ابن حمار..!! "