في أوائل يناير 2011 كتبت سلسلة مقالات، مكونة من 4 حلقات بعنوان «ممر التنمية» تناولت فكرة العالم الجليل د.فاروق الباز، وكان المقال الرابع من المجموعة بعنوان (AMERICA BUILT ON HIGH WAYS)، وذكرت فيه كيف أن أمريكا بنت قوتها الاقتصادية اعتمادا على شبكة الطرق السريعة التي تغطي القارة من «أقصاها إلى أقصاها».
وبالأمس «بشرنا» رئيس الوزراء المهندس محلب بأن مصر تستعد لأكبر مشروع «طرق» في الشرق الأوسط، يتم خلاله مد خطوط تصل الى 3100 كيلومتر، لتصبح شبكة شرايين للتنمية المستقبلية، واستشهد ابراهيم محلب بخطوط الطرق التي قامت الولايات المتحدة الامريكية ببنائها وقت الكساد الاقتصادي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
طبعاً المشروع «حلم» جميل، وأمل يتمنى كل مصري تحقيقه، يضاف إلى «مسلسل» الأمل الذي تداعب به الحكومة الجديدة خيالنا والمكون من: استصلاح مليون فدان، وإنشاء عاصمة جديدة، ودراسة تنفيذ «ممر التنمية» للعبقري فاروق الباز، وإطلاق مشروع القرن الخاص بتنمية منطقة قناة السويس، وتنفيذ تطوير سيناء، وإنعاش اقتصاد صعيد مصر،.. وبناء المليون مسكن للفقراء، وإعادة تقسيم محافظات مصر،.. و.. و..
ولأننا شعب يعشق الحلم، وعلى رأي محمد منير «لو بطلنا نحلم نموت»، فإننا ندعو الحكومة الرشيدة أن «تخف علينا» شوية، فخيالنا قد لا يحتمل تصور تحقق كل هذه الأحلام التي يحتاج تحقيقها، مليارات ومليارات، دون أن يخبرنا خبراء «الرشيدة» من أين سنحصل على التمويل اللازم لتحويل أحلامها العظيمة إلى مشاريع عملاقة على أرض الواقع؟.. وكيف سيتم ذلك ونحن ما نزال نعيش على معونات الأشقاء المالية، ونبحث عن طريقة لنكتفي ذاتياً من القمح، حتى يكون طعامنا من فأسنا.. وقرارنا من رأسنا؟!!
.. وحتى لا تفهموني خطأ فلست متشائما.. ولا سوداويا، وكلي ثقة في وطنية وعزيمة المهندس محلب، لكن سامحوني، فمن «اتلسع من «نهضة» مرسي.. لابد ان ينفخ في زبادي محلب»!!.. واتمنى على الحكومة الرشيدة التي لم يكن جهابذتها مستعدين بمشاريع محددة وخطط تفصيلية لطرحها على مؤتمر اصدقاء مصر الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين، وبالتالي تأجل حتى الآن، اتمنى عليهم الا يداعبوا خيالنا، ويدغدغوا مشاعرنا، ويرووا ظمأنا، بمشاريع «نهضوية» عملاقة، نسمع عنها منذ سنوات، ولم نر منها شيئا، دون ان يصاحب كل مشروع ملخص واف يمكن مناقشته يتضمن تفاصيل المشروع، والكلفة التقديرية لتنفيذه، ومصدر تمويله، والفترة الزمنية المقدرة لإنجازه، حتى نتمكن من «الحلم» في النور!.
.. كم نشكركم جدا.. جدا على بعث العزيمة في ارواحنا، وبث الامل بنفوسنا في خروج «مصر» جديدة للحياة،.. لكن ارجوكم،.. قلوبنا الضعيفة لم تعد تحتمل اي صدمات «فنكوشية» أخرى،.. وعقولنا لن تقبل افكارا «نهضوية».. تسبح هائمة في بحور الخيال المطلق.. ولن نقبل سوى لغة الارقام: التكلفة، التمويل، زمن الانجاز.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.