المنظومة المعرفية.........وصناعة الفكر
منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر وانا اعتزل الكتابة ، وأكتفيت بمراقبة الوضع والتدقيق فيه ، وبعد كل تلك الايام...ونتيجة طبيعية لكل ما طُرح على الساحة المصرية من اقوال وافعال وسلوكيات .. نوافق على بعضها ونرفض بشدة البعض الاخر .. ونتيجة لرصدنا لمعظم الردود والتعليقات التى تُكتب على مواقع التواصل الاجتماعى.. فتلك الردود والتعليقات تعكس بشكل او بأخر ما يؤمن به اصحابها من مفاهيم ... مع الاخذ فى الاعتبار بوجود بعض المُبالغات...كونها كلمات تُكتب على ازرار الحاسوب الخاص بالفرد.... ولقد رأيت ما لم اراه من قبل من نوعية التعليقات ، وطريقتها ..بل و المؤسف جدا خروجها عن النص فى غالب الاوقات....فاصبح بها كم هائل من الشتائم الخارجة.... وهنا اقصد الخارجة بالفعل... والغريب انه قد اشترك فى هذا السلوك كل الشرائح... بمعنى لقد وجدت الطبيب يشتم ووجدت استاذ الجامعة يشتم... ووجدت العامل يشتم وهكذا!!!!
 
 ثم وجدت شئ اخر...ان الكل لا يتزحزح قيد أنمُلة عن رأية مهما طال النقاش بين كلا الطرفين.... ووجدت أن الناس اصبح لديها فائض من الكلام..ولكن دون جدوى...فنحن لم نتحرك الى الامام حتى الان... ولا احد الطرفين اقتنع بوجهة نظر الاخر ايضا حتى الان ، رغم كل هذا الفائض من الكلام....اذاً هناك مشكلة... فهذا الانقسام لم نشهده من قبل... بطبيعة الحال سيقول المُعارض إن ما تم القيام به فى 30/6 هو السبب.....وسيقول المؤيد ان الطرف الاخر هو السبب.... ولكن بالنسبه لى فالنتيجة واحدة.... الانقسام....وهنا الكارثة.. ثم انه من المعروف ان اغلب من يستخدم مثل تلك المواقع للتواصل الاجتماعى هم من الشباب ، اذاً نحن امام الشريحة الاهم فى اى مجتمع يريد ان ينهض ويتقدم.. فأذا كانت تلك الشريحة والتى تمثل فى مصر اكثر من 51% من عدد السكان تفتقد الى المعرفة ، فإنها ولا شك تحتاج الى صناعة الفكر والبحث عن المعرفة ، وهنا جاءت فكرة المقال بل قل فكرة المشروع القومى الجديد ، ولانى اؤمن أن الفكر له قوة اكبر مما نتخيل ، ولانى اؤمن انه كلما كانت افكارك إيجابية وبنّاءه ، كلما عشت حياة سعيدة وناجحة ، وكلما كانت الافكار سلبية وغير صحيحة وغير سوية كلما ابتعد الانسان عن النجاح وعن تحقيق اى شئ إيجابى فى الحياة كما علمنا استاذنا الدكتور...ابراهيم الفقى (رحمه الله) هذا المشروع هو..... خلق منظومة معرفية جديدة.......لصناعة فكر صحيح إن هذا المشروع سوف يُبنى على أساس واحد مازال مُتبقى ومازال موجود... وانا اعتبره هو المنطقة المشتركة بين كلا الطرفين..... حب الوطن... فكلا الطرفين ما اتخذ ما اتخذه من افعال واقوال الا حرصاً منه او على الاقل هكذا هو يرى وهكذا هو مقتنع ان هذا ما كان الا حباً للوطن....
 
ولا شك ان حب الاوطان ليس بمعزل عن الدين ، تلك المنظومة المعرفية سيكون خط إنتاجها لا يَنّتِج الا مُنتج واحد فقط....هو المعرفة .. المعرفة الصحيحة... تلك التى إفتقدناها على مدار كل الايام والشهور بل والسنوات الماضية ... خط الانتاج هذا سيُنتج عن طريق المعرفة...كيفية الحوار... قبول الرأى الاخر...والتعايش معه ، قاعدة رأيى صواب يحتمل الخطأ...ورأيى غيرى خطأ يحتمل الصواب... قاعدة كيف يأتى المظلوم بحقه من الظالم ,,,متى وكيف،،، وكيف ان لكل مرحلة يكون فيها للمظلوم رد فعل مناسب لها ،،،فالامر ليس عشوائى...كما علمنا استاذنا الدكتور/ راغب السرجانى.... ، كيف يتم التغير...متى يتم التغير... ولماذا لم يتم التغير فى بلادنا الى الان.... ثقافة الوقوف وإعادة تقيم الامر مرة ثانية.... كيفية التعلم من التاريخ....ثقافة ان السياسة فن الممكن.... ثقافة انه كلما زاد علمك قل إعتراضك... ثقافة ان بالتعليم وبالعلم يُبنى الانسان ومن ثم تُبنى الامم..... ثقافة وقت الازمة....ثقافة عدم الانكسار والهزيمة النفسية.... ثقافة زراعة الامل فى النفوس ...قبل زراعة القمح فى الحقول.... ثقافة..أن الجاهل يُضيع فرصة قائمة وفرصة قادمة....ثقافة العمل بروح الفريق.... ثقافة ان ما لا يدرك كلة لا يُترك كله........ ثقافة إحترام الوقت والعمل ...ثقافة إحترام التخصص... وغيرها وغيرها من ثقافات ومفاهيم ، لابد وان نبدأ فى نشرها وتعليمها للناس وخصوصا لشريحة الشباب والاجيال الجديده القادمة ... تلك المنظومة يجب ان يعمل عليها الجميع ....
 
الدولة مُتمثله فى مؤسساتها الاعلامية و التعليمية والدينية والثقافية... المجتمع المدنى بكل اشكاله ... الاباء والامهات... الافراد... إنه مشروع قومى يجب ان يعمل عليه وفيه ومن اجله وله الجميع ....نعم الجميع لان الجميع سيستفيد او ان الجميع سيصيبة جانب من الضرر اذا لم نقوم بهذا ...فهذا الانقسام... وتلك السلوكيات الموجودة الان والناتجة فى الاصل من مفاهيم معكوسة ومغلوطة..ستصل بنا لا محاله لحافة الهاوية...وتلك الهاوية يُخطأ من يظن انه ناجى منها ...الا من رحم ربى ... فاهمية تلك المنظومة المعرفية الجديده فى إنها ستكون هى المسئولة عن تكوين المفهوم...وبما ان المفهوم هو المسئول عن السلوك اذاً سيتغير السلوك والمعاملات من السلب الى الايجاب لانه قد تم تغير وتعديل وتصحيح المفهوم لدى الناس نتيجة بث ونشر المعرفة الصحيحه التى تساعد على إتساع الادراك وإعماق الفهم ووضوح الرؤية وتحديد الهدف والسعى لتحقيق هذا الهدف ، فهذه المنظومة المعرفية ستكون كزرقاء اليمامة تلك السيدة العربية التى كانت حادة البصر فكانت تحذر قومها من العدو قبل وصوله....فهكذا تصنع تلك المنظومة ، تجعلنا نرى عن بعد فنستعد لما هو قادم. تلك المنظومة ستقول لنا كما كانت تقول الزرقاء: خذوا خذوا حذركم يا قوم ينفعكم..........
 
فليس ما قد أرى مل أمر يحتقر إني أرى شجراً من خلفها بشـرٌ.............. لأمرٍ اجتمع الأقوام والشّـجـر هذه دعوتى ايها السادة...فهل من مُستجيب.......
حفظ الله مصر
 بقلم/ عادل عبدالستار.........
ممرض بالطب النفسى