الإخوان..مابين تهديد القضاء..والتصميم على البقاء!. بقلم / إسماعيل عبد الهادي,, بجريدة النهار الكويتية وبتاريخ 13/5/2013م أجري حواراً مع الدكتور/ محمد رشاد بيومي النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والذى قرر في جزء منه صراحة بأن الإخوان لن يقبلوا ببراءة الرئيس المخلوع!. فماهى علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالأحكام القضائية والرضاء أو عدم الرضاء بها وماهى صفاتهم في ذلك من الوجهة القانونية؟هل أصبحوا أوصياء على الشعب المصري؟أم أن ذلك إستعراضاً للعضلات والتنمر بشكل مباشر لسلطة مستقلة من سلطات الدولة وهى السلطة القضائية والتدخل السافر فيما تصدره من أحكام والتهديد المعنوى المسبق لقاضٍ ينظر قضية هامة بإنه في حالة ما إذا قضى بالبراءة وفقاً لمعطيات القضية أمامه وهو أدرى بها سوف لا يرضي بذلك جماعة الإخوان المسلمين!
 
 ولا أفهم تحديداً ما هو نوع عدم القبول الذي صرح به نائب المرشد العام للجماعة عبر هذا الحوار بجريدة النهار الكويتية؟ومن المعلوم شرعاً وقضاءاً أنه لايجوز التعرض لقضية لازالت قيد البحث أمام قاضٍ صاحب إختصاص ولائي عام فيها ومن ثم فهو مسئول عن قضيته التى ينظرها وإلا عُد ذلك تدخل فى عمل القاضى مما لا يجوز ولا يعد مقبولاً ولكن هناك ضوابط قانونية فى الطعن على الأحكام بعد صدورها ويقتصر ذلك على من لهم صفة ومصلحة خصوصاً وأن مصر تأخذ بنظام القضاء على درجات فصاحب المصلحة من كلا الطرفين المتقاضيين سواء أكان قضاء جنائي أو مدنى فإن لم يروقه الحكم الصادر ويعتقد أنه قد أضر بمصلحته حينئذٍ يلجأ للطعن عليه أمام الدرجة الأعلى والنظام القضائي للجنايات في مصر على درجتين لإنه لم يأخذ بنظام الإستئناف مثل بعض الدول العربية الأخرى التى تأخذ بنظام الإستئناف للجنايات مما تكون معه على درجات ثلاث ومن المعلوم أن القضاء الجنائى له ميزة خاصة تتلخص في وجوب تلمس القاضي للبراءة أو الميل للتخفيف عن المتهم وذلك إعمالاً لمبدأ إسلامى هام أقره الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث المروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" إدرءوا الحدود عن المسلم ما استطعتم فإن كان له مخرجاً فخلوا سبيله إن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ قي العقاب " وبالتالى فإذا لم يثبت لدى الحاكم – ومحله الآن القاضي – الحد ثبوتاً واضحاً لا شبهة فيه من خلال الأدلة والبينة فإنه لا يوقع العقوبة ولا يقيم الحد ويكتفى بما يردع عن الجريمة من أنواع التعزير..ومن خلال هذا المبدأ الإسلامى القويم أخذت المحاكم الجنائية على إختلاف درجاتها ومنه المبدأ الهام الذي استقرت عليه محكمة النقض بمصر وأخذت به معظم الدول العربية وهو " إفلات مجرم من العقاب خير من إدانة برئ ". فهذا التلويح الصادر من نائب المرشد العام وهو للأسف حاصل على الدكتوراة ويقال أنه مدرس بالجامعة لا يليق أن يصدر من رجل مثله؟ فماذا نقول إذاً لرجل الشارع البسيط الذى لا يعرف أدنى القواعد القانونية في الأحكام فبهذا التصريح نستعديه على الأحكام القضائية التى لها حجيتها واحترامها لاسيما التى لم تصدر بعد ولازالت قيد البحث من خلال أوراق وأدلة أعان الله القاضى عليها فهو وحده الذي يطبق عليها مايراه من اسانيد ترشح لما ترشح له سواء بالإدانة أو البراءة وهو المسئول عنها أمام الله لإن القاضي عليه أن يقيم عدل الله فى الأرض وهو محاسب عليه وأمره على الله فلا يجوز لكائن ما كان أن يشكك أو يتطاول أو يجرَح فى حكم صدر فما بالنا بحكم لم يصدر بعد ويقول مسئول جماعة الإخوان المسلمين إنه إذا صدر بالبراءة فلن تقبله الجماعة! فأرونا ماذا أنتم فاعلين؟.
 
ثم في اليوم التالى مباشرة الأربعاء15/5/2013م وفى تواصل للحوار مع أقطاب هذه الجماعة على صفحات ذات الجريدة يقول طارق الزمر" إذا تم إسقاط مرسي يعنى دخول مصر في دوامات لا يعلمها إلا الله لأنه لو تم إسقاط الرئيس المنتخب فلن يدوم لمصر رئيس آخر لساعتين وليس لشهرين لإن التيار الإسلامي بصفة عامة والإخوان المسلمين بصفة خاصة لن يتركوا حاكماً آخر على الكرسي لساعتين"!. هذا ما قمت بنقله حرفياً مما ورد بجريدة النهار من حوار تحت عنوان "مصر .. التحولات الكبرى" فهذا تلويح من شخص آخر فى موضوع آخر أشد خطورة وجسامة ويُعد تهديد مباشر لأمن الدولة في مصر فهل الرئيس المنتخب لا يجوز بأى حال من الأحوال الخروج عليه وتغييره بأخر إذا ما كانت سياسته تقود البلد إلى الخراب والدمار وزيادة الأمور سوءاً وتعقيداً وضياعاً للهوية؟وفي حال ما إذا قام الشعب بذلك بوسائل دستورية وتم إنتخاب آخر من غير الجماعات الإسلامية فلن يتم بقاءه في السلطة لساعتين؟!!. إذاً فماهى الوسائل التى ستتبعها الجماعات الإسلامية وفقاً لما أدلى به طارق الزمر وهو أحد مسئوليها؟هل ستعود الجماعات للإغتيالات كسابق عهدها مثلما حدث مع الرئيس الراحل أنور السادات"رحمه الله" وكما حدث مع الشخصيات العامة من قبله؟أم ستعلنها حرباً أهلية أم ماذا تحديداً؟ ونحن لا ننتظر الإجابة عن هذه الإسئلة فهى معلومة مسبقاً ولها نظائرها في الدول الأخري التى كانت تسيطر وتهيمن عليها الجماعات ذات المرجعيات الدينية ثم تم إزاحتهم ولكننا ننبه فقط إلى خطورة هؤلاء الناس وشهوتهم إلى السلطة حتى ولو أدى ذلك إلى الفوضي وضياع البلد فسياستهم "أنا ومن بعدي الطوفان" فهل هذه هى ديمقراطية الإسلام ولا نقول ديمقراطية الغرب الكافر؟.
 
إثنان ممن هم يعتبرون أقطاباً لجماعة الإخوان المسلمين الأول يهدد بعدم الرضا وعدم القبول لحكم قضائى لايزال في علم الغيب والثانى يعلنها مغلفة بالحرب إذا ما قام الشعب بالخروج على محمد مرسي وإسقاطه مثلما حدث مع مبارك فلن يهنأ الرئيس الجديد ولن ينعم الشعب بكامله ولو ليومين وليس لشهرين!!. فهل وصول الإخوان للحكم يعد بمثابة لصقة لا يستطيع الشعب نزعها والفكاك منها وإذا ما حاول ذلك ستكون حرباً شعواء من أجل تمسك هؤلاء الناس بهذا الكرسي وهم أول من يعلم - إن كان لديهم فكر ديني حقيقي - أن هذه الكراسي زائلة وليست باقية إلى الأبد وسبحان الذي له البقاء والدوام فلماذا التهديد بالفوضي؟هل هذه عقلية سوية تستحق أن تحكم دولة وتستمر في الحكم وهى بين الحين والآخر تكشف القناع الزائف الذي تتخفى وراءه بأسم الدين وهى في الواقع تتمسك أول ما تتمسك بمصالحها الشخصية لا مصلحة الأغلبية ولا مصلحة المواطن البسيط الذي انخدع في تلك الجماعة وزمرتها وظنها موسي جاء بعصاه لينقذه مما هو فيه من فقر وجوع ومرض وسوء توزيع للثروات فإذا هو يفاجأ بأنهم أشد من فرعون قوة وبطشاً وتمسكاً بالسلطة وإشاعة الفوضى وإرهاب الناس وتهديد كل السلطات بالدولة التى لاتسير على نهجهم ولا ترضي بظلمهم .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.