أفاق البحث العلمى والادمان
قُدر لى ان أقابل الاستاذة / رضوى هانى ، وهى تعمل مُدرسة علوم فى مدرسة (كاظمة الإعدادية بنات ) وكان سبب المُقابلة إنها حضرت لأخذ تسجيلات لصوت مرضى الادمان ، والسبب إنها تعمل الان فى أبحاث تقوم فكرتها على إحتمالية خصوصية المدمن بطبقة صوت مُعينة ومن ثم يتم صناعة جهاز يستطيع التعرف على طبقة الصوت تلك ، ومن ثم يتم إكتشاف المدمن والتعرف عليه من وسط مجموع الناس . من ثم يتم إكتشافه مُبكراً ومن ثم يتم علاجه مُبكراً ايضا ً. هنا انتهى كلام الاستاذة القائمة على هذا البحث بل وصاحبة فكرته ايضاً ، والحقيقة أن الذى دفعنى لكتابة هذا المقال وكنت مُتحمس جدا لذلك هو ثلاثة اشياء :
اولاً/ إنه ورغم كل الغيوم التى تُحيط بنا إلا أن هناك عقول تعمل وتُفكر ولديها الرغبة والقدرة على الابداع ، عقول ابت ان تستسلم لهذا الظلام الذى حولنا ، ورفضت اليأس الذى يدعو إليه حالنا فى المجتمع العربى بأكمله ، عقول أرادت ان ترفع للعلم راية ، وأن يصبح للبحث العلمى مكان ولو صغير فى عالمنا العربى ، عقول أرادت أن ترسل لنا رسالة انه فى الامكان ان يصبح حالنا افضل مما كان وليس العكس كما هو شائع ، عقل تلك الباحثة والتى صنع أجدادها من قبل حضارة أبهرت العالم كلة ومازال به من الجينات ما يجعله يُساهم ربما فى بناء المستقبل ، فتحية لتلك الباحثة .... بل تحية لمن جعلتنا نُدرك إنه مازال هناك شُعاع نور رغم كل هذا الظلام .
ثانياً / إدارة المَدرسة التى تنتمى إليها تلك المُدرسة ( الباحثة ) والنادى العلمى الكويتى ، فهما وبلا شك إدارة واعية مُستنيرة ومحترفة .... فيكفى إنها تبنت تلك الفكرة وشجعتها ودعمتها ايضا ، فتلك الموافقات الرسمية للموافقة على عمل هذا البحث على مرضى الادمان ، ما كانت لها أن تأتى الا بدعم تلك الادارة الرائعه والمستنيرة ، فتحية لتلك الادارة والقائمين عليها ، وهنا ايضاً رسالة مهمة للمسئولين ، وهى عندما يكون المسئول لديه الرؤيه والاراده والحماس والقدره على تحديد الهدف والسعى لتحقيقه ، والاخلاص والمهنيه والطموح والامل والعلم وفهم الواقع ، يستطيع ان يصعد بمؤسسته ويرتقى بها وسيتبعه فى ذلك الناس ، فالناس على دين مُلوكهم ، ولننظر كيف اعاد عمر بن عبدالعزيز زمن الخلفاء الراشدين بعد ان كان الفساد قد بدأ ينتشر فى الدوله الاسلاميه فى وقت لا يُعد فى حساب الزمن شئ ، ولننظر كيف غير غاندى الهند ، و كيف غير رئيس البرازيل بلاده ، ولننظر كيف مَهاتير محمد ارتقى بماليزيا ، ثم لننظر الى الكثير من المؤسسات كيف تغير حالها عندما جائها مُدير يُريد ان يرتقى بها ، وجميع هؤلاء كان لهم ما ارادوا لانهم ببساطة ألحقوا الارادة بالاستطاعة. فتلك هى الرسالة التى استطيع أن افهمها من تلك المُبادرة والسعى فى هذا البحث .
ثالثاً / أهمية البحث العلمى ذاته بشكل عام ودوره فى حياة الانسان ، بل وأهميتة فى خلق جودة لتلك الحياه ، ثم أهمية البحث العلمى فى مجال الادمان ، فما زال الى الان نواجة صعوبة حقيقية فى علاج هذا المرض ، ومازالت النتائج مُتواضعة للغاية ، وذلك لطبيعة المرض ذاته ، وإن مثل تلك الابحاث وغيرها ربما تصبح شعاع النور الذى يكشف لنا طريق الوصول الى العلاج ، وهناك بالفعل خُطى حقيقية تسير فى هذا الطريق ، فقد كنت احد الحاضرين فى ورشة عمل (work shop) عن الجديد فى علاج الادمان وكان هناك إشارة من الاطباء الامريكان المُشاركين فى ورشة العمل تلك ، الى وجود أبحاث كادت ان تكتمل فى إكتشاف علاج يعمل مُباشرةً على تغيرة فكرة الادمان ذاتها لدى المريض المُدمن وليس فقط العمل على تغير المفاهيم وتعديل السلوك وإكتساب مهارات التعافى . وكانت تلك الاشارة بمثابة بريق أمل جديد وأفاق جديدة فى أبحاث علاج الادمان . إن الادمان بحق يستحق أن نتعاون جميعاً ونعمل جميعاً ونجتهد جميعاً للوصول بالمرضى الى شاطئ النجاة من هذا المرض الصعب والمُعقد جداً .
اخيراً / اقول بصوت عالى وواضح أن الامل مازال موجود فى عقول ابناء هذا الوطن ، فقط نحتاج الى أن نؤمن بهذا اولا ، ثم نحتاج الى بيئة جيدة صالحة تستطيع تلك العقول أن تنمو فيها ومن ثم سنرى من ثمراتهم ما سوف يُبهرنا ويُبهر العالم بأجمعه. عادل عبدالستار ......ممرض بالطب النفسى ...8/5/2013