لا يريد خيرت الشاطر أن يفهم أن الجماعة لم تعُد تخيف أحدًا.

 

قلنا مئة مرة إن «الإخوان» لا تحتكر العنف وحدها وإن تهديداتها التى يتبرع بها قياداتها الغُفْل عن الواقع أو شبابها ممسوح العقل لا تخيف أحدا على الإطلاق بل تصبح مثارا للتندُّر عند شباب الثورة، واستفزازا للرد الأهوج.

 

المقطم كان درسا جديدا لخيرت وجماعته أن العنف يولِّد العنف، وأن غطرسة الإخوان هى غطرسة المنفصل عن الواقع، وأن الحرب الأهلية التى يهددنا بها الإخوان طوال الوقت هم وأتباعهم من الإرهابيين غير التائبين لن تكون نتيجتها لصالحهم أبدا، فضلا عن أنه لا أحد ينتصر فى الحروب الأهلية، بل يخرج الكل مهزومين.

 

بدلا من أن يعتذر الإخوان عن حماقة حارس خيرت الشاطر الذى ارتكب فُحشًا مدوِّيًا حين صفع سيدة معارضة للإخوان، وبدلا من أن يأسفوا ويعتذروا إلى شباب الرسامين والنشطاء والصحفيين الذين طالتهم غباوات الإخوان أمام مقر الإرشاد، أمعنت الجماعة فى غرورها وغيِّها بمنتهى الصفاقة فى الكذب والتضليل.

 

فما الذى جرى؟

 

المتأمل فى أحداث جمعة «رد الكرامة» يدرك ببساطة أن جماعة الإخوان قد نزلت من الجبل الذى كانت تعتقد أنها تعتليه وفقدت رهبتها وهيبتها حين فقدت أخلاقها وذكاءها.

 

لقد قرر الإخوان أن يجعلوا من التظاهر أمام مقرهم بالمقطم درسا وعبرة لكل من تسوِّل له نفسه مناهضة الإخوان فحشدوا آلافًا من شبابهم فى مشهد ميليشياوى مُزرٍ، وأعلن بعض الأنجال المراهقين لقيادات الإخوان عن ضرب المتظاهرين القادمين إلى المقر على قفاهم. وبينما كان آلاف من جنود محمد إبراهيم خدامين للجماعة حارسين لمقرهم أصرّ خيرت الشاطر على أن يسلّط أعضاء الجماعة، الذين أتى بهم من كل المحافظات، على شباب المتظاهرين حتى تكون موقعة حاسمة تعلن هزيمة معارضى الإخوان.

 

فما الذى جرى؟

 

جرى ما يتعامى الإخوان عن رؤيته.

 

شباب الثورة رد على العنف بعنف أسوأ وتَمكَّن شباب غير منظَّم ولا مدرَّب من إلحاق أذى واسع وعميق بالإخوان. وقد بلغ عنف المعارضين للجماعة درجة من القسوة والوحشية اللا أخلاقية حتى إنهم قلَّدوا انحراف الإخوان فانتهكوا القيم الإنسانية حين سحلوا وأحرقوا وضربوا خصومهم بلا شفقة.

 

لم يكتفِ الإخوان بحراسة مقرهم الذى حوَّلوه وثنًا بل أطلقهم الشاطر على مداخل المقطم وشوارعه لإجهاض مسيرات المعارضين، فإذا بالإخوان يتساقطون فى أفخاخ المعارضين حتى إنهم لجؤوا إلى مساجد الجماعة فى المقطم التى كانت مقرات للتجمع والاحتشاد الإخوانى فى تعامل انتهازى سافر مع بيوت الله.

 

الحصاد شوك..

 

تلقَّى الإخوان هزيمةً لغرورهم وانكسارًا لأوهام قوتهم وتبخرت هيبتهم وتعرَّت أسطورة الجماعة التى يخافها الجميع.

 

وأثبت الشباب المحتجّ والمناهض للإخوان أنهم وقد ردُّوا الكرامة فعلا للسيدة التى تَلقَّت الصفعة قد تخلوا عن أنبل قيمة فى الثورة وهى السلمية.

 

لم يعد العنف محتكَرًا عند الإخوان وأتباعهم فقط، بل صار مُتاحًا مُباحًا فى يد الجميع، حتى يد من يُدينه!