fiogf49gjkf0d
الله سبحانه القادر الذي يقول للشيء كن فيكون، خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وحكمة ذلك أن الله يعلمنا ويعطينا درساً وعظة كي نعطي كل شيء حقه في البنيان. وكذلك الرسالات السماوية، التي اصطفى الله لها أنبياءه، كان قادرا سبحانه أن يجعل البشر يخضعون للنبي المرسل دون عناء، فقلوب البشر بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء، ولكن لله حكمة في ذلك، يعلمنا من خلالها دروساً أخذناها من قصص الأنبياء أولها وأهمها الصبر على المحن والشدائد وعدم تعجل النتائج.
وكي أغلق الطريق على من يفكر الآن في أن يتهمني بأنني أمهّد لتشبيه الرئيس محمد مرسي بالأنبياء، أقول إن حديثي موجّه إلى الشعب المصري كله بنسائه ورجاله وشبابه وأطفاله، مسلميه ومسيحييه، مثقفيه وأمييه، أردت أن أؤكد أن الطموحات لا تتحقق بالأمنيات أو بالجلوس في البيوت لانتظار الإنجازات، أو بحماس الشباب والهتافات والنداءات، ولكن الطموحات لا طريق لتحقيقها إلا العمل الجاد البناء، والصبر على جني الثمار كما يصبر الفلاح على غرسه حتى يزهر ويثمر، هل رأينا يوما فلاحا غرس غرسا اليوم وجنى ثماره في اليوم التالي؟
 للأسف الشديد، أن الكثير من أبناء الشعب المصري البسطاء وشبابنا المتحمس كانوا يظنون أنهم سيغرسون الغرس ويجنون الثمار في اليوم التالي، وهذا أمر لا يقبله العقل، وللأسف لعب الإعلام والطامعون في الكرسي والكارهون للحاكمين الآن دورا كبيرا في التأكيد على هذا الوهم، وأخطأ الرئيس مرسي خطأ كبيرا عندما ظن في البداية أنه قادر على أن يُحدث طفرة يشعر بها الشعب خلال 100 يوم، وألزم نفسه بذلك، ثم أفاق على الحقيقة المُرّة التي تؤكد أن المائة يوم في عمر الشعوب تمر كساعات قلائل، فظهر كاذبا أو كمن وعد وأخلف والحقيقة غير ذلك، فالأمر يحتاج إلى سنوات لا إلى أيام أو شهور، ولننظر إلى الأمم التي حولنا والتي تهدمت تماما ثم أعادت بناءها، وسنعلم جيدا كم من الوقت تستغرق من أجل البناء. لا ننسى أن الدولة يستشري فيها الفساد والتفلت الأخلاقي قبل الأمني، وأن الحالة الاقتصادية منهارة ورغم ذلك خرجت مطالبات فئوية كثيرة توحي بأن مبارك ترك الدولة على تلال من الأموال ودور من يتولى الحكم فقط هو توزيع هذه الأموال على أبناء الشعب الذين ظُلموا وعانوا وحُرموا زمنا طويلا، الأمر ليس كذلك بالمرة والكل يعلم ذلك ولكنه يتناساه، ويخرج مطالبا الدولة بمطالبات يعلم جيدا أنها تحتاج إلى وفرة مالية لتحقيقها وكأنه يقول لمن تولى الحكم مادمت حاكما فما عليّ إلا أن أطلب وعليك السمع والطاعة وكأن الحاكم يملك مصباح علاء الدين أو لديه عصا سحرية يحقق بها آمال وطموحات شعب نُهبت مقدراته، وخُربت مؤسساته مادياً ومعنوياً، إما بالسرقة أو بإفساد الضمائر. أما عن الحكومة الحالية فإن الجميع يعلم أنها مؤقتة وستغادر مكانها بمجرد الانتهاء من انتخابات مجلس النواب، وغير مستغرب ما تفعله الأحزاب الآن من تشويه لها لأنهم يعدون في أحزابهم لأجندات الانتخابات ويجهزون كوادر للحكومة الجديدة، ولكن الغريب أنهم يطالبون بإقالة الحكومة وتعيين حكومة جديدة تتولى الأمر إلى أن تنتهي الانتخابات ما العقل في أن أستبدل حكومة مؤقتة بأخرى مؤقتة وما الذي يمكن أن تقدمة الجديدة خلال هذه الفترة الوجيزة، ثم إن الانتخابات لا علاقة للحكومة بها فتأمينها يكون على عاتق القوات المسلحة ونتائجها بيد اللجنة العليا للانتخابات. في النهاية على أولياء الأمور وعلى الدعاة وعلى الإعلاميين الشرفاء أم يوجهوا شبابنا المتحمس التوجيه الصحيح ليفرغوا حماسهم في العمل من أجل وطننا وبنائه ولا يجعلون حماسهم طاقة هدم وتخريب فمصر ملككم ولكم وكل ما يتم بناؤه هو دعامة من دعائم مستقبلكم.. فاهدأوا واصبروا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، والله من وراء القصد، وهو يهدي إلى سواء السبيل.