fiogf49gjkf0d
مصر ومناخ التنمية
سيدي ،
الامر اخطر مما يبدو على ارض الواقع ، فالوطن قد تنازعته مخالب الصراعات الداخلية وكل فريق يستميت في سبيل أن يمسك بمقود القيادة ودفة السفينة وسط هذه الامواج المتلاطمة من عدم الثقة المتبادلة وهذا الفوران الناتج عن تفاعلات اجتماعية وسياسية من الممكن ان يكون ناتجها صورة لوليد مشوه قسمته الخلافات وعدم الوعي والمعرفة بقيمة وطن بحجم وثقل وحضارة وتاريخ وقداسة وعظمة ومنزلة وشعب مصر . المخيف بل المرعب في الامر سيدي أن كل طرف من اطراف الصراع (الاخوان المسلمين ومن يستميلون من التيارات الدينية الاخرى ) قد بدأ التشرذم يدب في اوصالهم فانقسموا الى وحدات خلاف وصراع اصغر وهو الامر ذاته بين التيارات التي تعارض حكم الاخوان ومن يوالوهم وهذا يدخلنا في سلسلة لا نهائية من الخلاف والصراع . الامر الاكثر خطورة ان جميع التيارات السياسية والاجتماعية المعارضة بعد ثورة يناير البيضاء قد ارتشفت وتذوقت نوع من مشروب حرية انتقاد القائمين على الحكم الى اعلى المستويات دون تلميح او مواراه بل اصبح رئيس الدولة نفسه مادة غنية ودسمة تنال منه التيارات المعارضة حتى لاذت مؤسسة الرئاسة بالقضاء بعدد ليس بالقليل من القضايا التي تحمل تهمة اهانة الرئيس وهذه الحرية المكتسبة في التعبير عن الرأي وتوجيه سهام النقد الى كل من يختلفون معه . لا يخطر ببالهم التنازل عنها مهما كلفهم الامر وعلى الطرف الاخر فالتيارات الدينية مشتملة على الاخوان قد لاقت الامرين منذ حكم عبدالناصر مرروا بالسادات وصولا الى حكم مبارك واحتضنتهم غياهب السجون وسياط التعذيب واحيانا كثيرة القتل غيلة في المعتقلات حتى ان بعض قيادتهم قضى معظم سنوات شبابه في المعتقلات والان وبعد ان اعتلوا المناصب وامسكوا بزمام الامور ولاحقتهم وسائل الاعلام ونشرت لهم الاحاديث واصبحوا نجوم ، لن يسمحوا لأحد الاقتراب مما تحقق لهم على الارض ، والحالة هذه سيدي فان كل فريق سوف يلجأ الى العنف اذا ما كان الفشل حليفه في حل نزاعه مع الطرف الاخر . ومع توارد الاخبار عن كمية الاسلحة المنتشرة في الشارع فان العنف سوف يكون اشبه بحرب اهلية وحينها سوف يراهن كل فريق على قدرته على الحشد في ميادين القتال الداخلي دون تعريض قادة الفريقين الى اتون تلك المعركة . وهي الحرب التي سوف يخسر فيها كلا الفريقين والخاسر الاكبر سوف يكون هذا الوطن فلا امل في تنمية ولا خطط ولا نهضة ولا تعليم ولا ....... ولا........ أضف الى ذلك سيدي ضياع هيبة الشرطة والامن وتجرؤ الناس عليه وعلى مقراته ولم يعد قادرا في كثير من الاحيان على حماية نفسه فكيف له ان يحمي المواطنين ويؤمن طرقهم وحياتهم واعراضهم والتي صارت مستباحة من قوة لا يستهان بها من الخارجين على القانون والذين اخذ الجوع والفقر والعوز وعدم القدرة على الزواج واقامة علاقات اجتماعية شرعية وغيرها من اوجه الافتقار الى اقل مقومات الحياة الانسانية بهؤلاء جميعا الى الانتقام مما لاقوه من معاناه واضعين في اعتبارهم ان فقرهم كان الناتج الوحيد للممارسات الحكومات السابقة والتي اتت على الاخضر واليابس من ثروات البلاد وتقاسمت مواردها في استيلاء منظم على الاراضي والموارد ذابت معه الطبقات المتوسطة اجتماعيا وبدا للرائي ان مصر بها فريقين الاغنياء فاحشي الثراء والمعدمين الباحثين عن القليل الذي يقيم اودهم ومن سوف يؤل بحثهم الى لا شيء وهو ما يملئ نفوسهم غل وحسد وحسرة تترجم الى قطع طريق وسطو واعتصاب وقتل بدم بارد .
فعن اي مناخ للتنمية نتحدث كيف لزارع ان يفلح الارض وخلفه من يرفع السلاح على رأسه، وقس على ذلك ما تشاء . هذه هي الحالة في مصر الان كما اراها بوجهة نظري المتواضعة . واعلم سيدي ان ما يزيد من تخوفي وحسرتي انه ليس لدى اي فريق من فرق الصراعات هذه القدرة على القضاء على خصمة ابدا وهو ما ينذر بطول فترة الصراع مع استمرار نزيف الاقتصاد المصري الذي سوف يؤل في النهاية الى مزيد من الجوع والجياع وفناء السلام الاجتماعي الذي يعتبر المناخ الامثل للتنمية واحراز التقدم المنشود.
احمد مواطن مصري