fiogf49gjkf0d
العدوان الثلاثي علي مصر .. وتزييف الحقائق !!
بتاريخ 12/12/2012م وعلي صفحات جريدة الراي الكويتية وتحت عنوان " العدوان الثلاثي علي مرسي " كتب عبد العزيز صباح الفضلي يقول " تعرضت مصر عام 1956 إلي عدوان ثلاثي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بسبب تأميم مصر لقناة السويس والتعاون العسكري بينها وبين الإتحاد السوفيتي إلا أن نتائج هذا العدوان باءت بالفشل وخرجت مصر أقوي مما كانت عليه "!. إلا أن كاتب الخاطرة أو المقال المشار إليه , وبدون مبرر, وبدون ثمة علاقة تذكر يربط ما بين الحدث العظيم الذي استهل به مقاله مجتزءاً إياه بشكل مخل ليقول:هذه الأيام يتكرر السيناريو بعدوان ثلاثيني لا ثلاثي علي الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من داخل وخارج مصر بسبب مواقفه وقرارته التي اتخذها علي جميع المستويات المحلية والعربية والعالمية!.
ولكي لا أطيل فيما قد أورده كاتب المقال المذكور فهذا رأيه يلزم به نفسه فمن الواضح الجلي أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي والمعلوم أن هذه الجماعة عبر تاريخها لا تتسم بالحيدة وإنما ديدبانهم هو التعصب الأعمي لجماعتهم – وليس للإسلام كما يظن البعض ويعتقد – وهذا هو الذي ينأي بهم عن الموضوعية والفهم الصحيح للإمور وأهمها الأمورالسياسة. وللكاتب أقول: لا أدري كيف تُنزل حدث عظيم وهو العدوان الثلاثي حينما إتخذ جمال عبد الناصر قراره الجرئ في ظروف صعبة من تاريخ مصر والأمة العربية قاطبة حينما أراد بناء السد العالي وطلب من البنك الدولي وقتئذٍ إقراضه لبناء مشروعه الضخم فأخذ البنك يساومه ويضع من الشروط التعجيزية ما يحول بين مصر وبناء مشروعها,حينئذ ربط جمال عبد الناصر برؤيته الثاقبة بين ما حدث عام1859م "تاريخ إنشاء قناة السويس" وما فعله ديليسبس حين اقدم علي بناء القناة بسواعد ابناء مصر الشرفاء بطريق السخرة ومات منهم الآلاف ثم قامت فرنسا بإستغلالها والحصول علي ريعها بشكل فيه إذعان غير مبرر, وبين ما فعله مدير البنك الدولي عام 1955م من إشتراطات تعجيزية حينما طلب عبد الناصر قرضاً لبناء السد فاختمرت الفكرة في ذهن جمال عبد الناصر بتأميم القناة ليصرف من عائدها علي بناء المشروع ودخل حينئذٍ عش الدبابير بإصداره قراره الجرئ عام 1956م بتأميم قناة السويس وعلي إثر ذلك قامت الدول الثلاث التي تربطها مصالح شخصية بالعدوان علي مصر ولم تخرج مصر أقوي مما كانت عليه– كما زعم كاتب المقال - بل تهدمت مدن القناة ولا تزال الآثار باقية حتي الآن ببورسعيد والإسماعلية,وقد إنهار الإقتصاد المصري في حينها, بل يري كثير من المحللين أن قرار عبد الناصر بالتأميم لم يكن في محله آنذاك خاصة وأن حق إمتياز القناة كان سينتهي خلال سنوات قليلة ثم يتم تسليمها للسلطات المصرية وأنه لم يكد يمر قرابة الإحدي عشر عاماً علي ذلك التأميم للقناة والعدوان الثلاثي حتي دخلت مصر دوامة حرب يونيه 1967م وهو ما أدى إلي ما سمي بنكسة 1967م ولولا خطة الحرب المتقنة التي وضعها الرئيس الراحل أنور السادت والتي أدت إلي نصر أكتوبر العظيم عام 1973م لظلت مصر ومعها الأمة العربية ترفل في ذل وهوان حتي الآن.
وبالتالي فإنني أتسائل ما هو وجه الشبه بين العدوان الثلاثي علي مصر في حقبة هامة من تاريخها وبين ما هو حادث الآن بمصر من خروج ذات الشعب الذي خرج علي حسني مبارك في أحداث يناير 2011م والتي أدت إلي خلع الرئيس السابق– رغم مأثره في حرب أكتوبر وقرارته الحكيمة التي جعلت مصر مستقرة وآمنه علي مدي ثلاثة عقود - ولم يكن مع الذين قاموا آنذاك بالثورة محمد مرسي أو أياً من جماعته التي ركبت الموجه فيما بعد ونظراً إلي أن الساحة كانت ملتهبة وكانت هناك أراء خاطئة أدت إلي نجاح مرسي بنسبة ضئيلة جداً بينه وبين من يليه وهو الدكتور أحمد شفيق ولا يزال حتي الآن قطاع كبير من الشعب المصري يشكك في هذا النجاح الذي كانت بوادر إخلاله بادية علي اللجنة التي كانت تشرف علي الإنتخابات حين إعلانها لنتيجة إنتخابات رئاسة الجمهورية,ومع ذلك فقد رضي الشعب بالنتيجة علي علتها ورأي أن يجرب عهداً جديداً مع الإخوان الذي يمثلهم محمد مرسي ومرت الأيام ولم يجد الشعب الذي يتهمه الكاتب بأنه قام بعدوان ثلاثيني وليس ثلاثي - ولا أدري إن كان هذا تهكماً منه أم ماذا بالضبط !!- فالشعب المصري قد عرف طريقه جيداً ولا يحتاج لمن هم في الخارج ليحركوه لإنه وجد في محمد مرسي رجل غير سياسي وقرارته غير صائبة وغير حكيمة ومتضاربة ما بين عشية وضحاها ولم تعرف مصر رئيساً عبر رؤساءها الأربعة " محمد نجيب , جمال عبد الناصر , أنور السادات , حسني مبارك " رجل متخبط في قرارته مثلما يفعل مرسي,فمصر ليست جماعة أو طائفة أياً كانت إنتماءتها أوتوجهاتها ظاهراً أو باطناً,وإنما مصر نسيج وطني قوي منذ ثورة عرابي عام 1881م ثم ثورة 1919م بقيادة الزعيم سعد زغلول,ثم ثورة يوليو 1952م بقيادة ثلة من شباب ضباط مصر الأحرار آنذاك ,ثم ثورة يناير2011م بقيادة القطاع العريض من شباب مصر,ففي كل هذه الثورات نجد تعاضد وتكاتف المصريين من المسلمين والأقباط والليبراليين وغيرهم من كافة طوائف الشعب المصري,ولا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نفصل فصيل عن الآخر داخل الشعب المصري لأنه نسيج واحد,إلا أن محمد مرسي جاء ليعبر عن طائفته فقط ويختزل المجتمع المصري المتجانس في فصيله هووجماعته,ويأخذ قراره من مرشد الإخوان لا من مستشاريه ومعاونيه ويحاول قدر استطاعته هو وجماعته أن يجمع سلطات الدولة كلها في أيديهم,وكانت الطامة الكبري هي التدخل السافر في أعمال السلطة القضائية وهو ما يعد إفتئاتاً غير مبرر وربما يعجل بنهاية نظام الحكم في الدولة وعدم شرعيتة,والشعب قادر علي ذلك وهذا هو شعب مصر المارد الجبارالذي حينما يقرر لايقف أحد أمامه فهو الذي قهر كل المستعمرين من فرنسيين وإنجليز وغيرهم علي مدي الزمان ولم يؤثروا فيه أو يفتوا من عزيمته فليس هناك عدوان ثلاثيني ولا خمسيني كما يتوهم كاتب ذاك المقال إنما هي ثورة مارد جبار علي أوضاع يراها الشعب غير قويمة وليست في محلها ولا في مكانها في هذه الحقبة الهامة من تاريخ مصر.
وبما إنك لا تعلم شيئ عن المجتمع المصري بتاريخه القديم أوالحديث فكان الأحري بك أن تكتب عن مجتمع تمثله حقيقة لا عن مجتمع تقرأ عنه في الصحف وتطالع أخباره في المنتديات حتي ولو كنت إيدلوجياً تنتمي لجماعة من ضمن مكونات ذلك المجتمع فكما أسلفت فإن مصر ليست جماعة من الجماعات أياً ما كانت تدعوا إليه هذه الجماعة إذا ما كانت تغرد خارج السرب,ولكن إذا ما امتزجت داخل إطره ونسيجه فمرحباً بها معبرةً عن جموع الشعب المصري بكافة طوائفه ومعتقداته لاعن إيدلوجية معينة أو فكر محدد يتطلع للسيطرة والهيمنة وتهميش الباقين,حينئذٍ لا مرحباً بها,وعندئذٍ سيقول الشعب العظيم كلمته ولن يعود الزمن للوراء لخلق ديكتاتوريات تحت أي مسمي من المسميات,أو فرض هيمنة طائفة علي آخري داخل المجتمع المصري المتعاضد والمتكاتف عبر المحن والأزمات. واختتم بقول المولي عز وجل في محكم التنزيل:"ما يلفظُ من قولٍ إلا لديه رقيبُ عتيدُ"ق/18
إسماعيل عبــد الهادي,, مستشار قـانـــــــوني ,,
@ismailfarag3