fiogf49gjkf0d
استيقظت يوما من نومي، توضأت وصليت، ثم تناولت فطوري وجلست أمام التلفاز، أمسكت بالريموت كنترول، ضغطت على زر الفتح، وأخذت أقلب في القنوات، وفجأة وجدت قناة جديدة، توقفت عندها فوجدت اسمها "النهضة الثقافية" وعلمت أنها جزء من صرح دار نهضة مصر للطبع والنشر التي أسسها الراحل أحمد إبراهيم وتولى رعايتها من بعده أولاده، مجدي ومصطفى ومحمد، ثم انفرد بإدارتها منهم الأستاذ محمد أحمد إبراهيم، متعه الله بالصحة والعافية، وتحت إدارته ابنته داليا وابنه أحمد.
أجيال تعاقبت على إدارة المكان، وأجيال عملت بالمكان من أجل نشر الثقافة وجعل الكتاب الأدبي في متناول القارئ، الكل يعمل بحب وسعادة تحت قيادة تحب الجميع وتحترمهم وتوفر لهم كل ما يعينهم على الإبداع، لذا لا يبخل فرد من العاملين في تقديم كل ما يستطيع من أجل إعلاء شأن المكان الذي يعمل به. سألت نفسي: متى بدأت هذه القناة؟ هل أصبح الحلم حقيقة؟ لم أتوقف كثيرا أمام حيرتي، وأخذت أتابع برامجها لأرى ما تقدمه، كان أول برنامج شاهدته فيها بعنوان "كتاب طبعناه" وفكرته عرض أدبي لأحد الكتب التي تمت طباعتها بالدار، وكان في استضافة البرنامج أحد نقاد الأدب الكبار، الذي أخذ يذكر نقاط القوة في الكتاب وما أثاره من قضايا وقت طباعته، ما أثراني ثقافيا وأعلمني الكثير مما كنت أجهله عن هذا الكتاب. البرنامج التالي كان بعنوان "من أنا" وكان ضيفه أحد العاملين في المطبعة يحكي قصة كفاحه، منذ أن دخل طفلا، متذكرا كمّ الكتب التي شارك في إخراجها، وعلمت من مقدمة البرنامج أن فكرة البرنامج تنبني على استضافة أحد العاملين في حقل الطباعة منذ أن دخول الكتاب ورقا من كاتبه إلى أن يخرج كتابا بين يدي قارئيه، وأعجبتني الفكرة جدا، حيث إن هؤلاء بالفعل جنود مجهولون في عالم الثقافة، ولولا وجودهم ما تمكن الكاتب من نشر أفكاره، وما تمكنا نحن من الاستفادة بعلم أو أدب.
 
وحان وقت البرنامج التالي وكان بعنوان "جيل المستقبل" ووجدته يعرض مواهب أدبية في الشعر والرواية والقصة القصيرة من بعض محافظات مصر وبعض الدول العربية الشقيقة، ومفاجأة البرنامج أن هناك بعض رجال الأعمال يعرضون الإنفاق على تكلفة طباعة أعمال هذا الجيل الجديد من الكتّاب النابهين، ورأيت بريق السعادة يطل من عيون هذه الكوكبة الزاهرة من الموهوبين، فها هو حلمهم يتحقق في غمضة عين. أغمضت عيني لحظة ثم فتحتها فوجدتني مازلت على سريري لم أغادره، تلفتُّ حولي فلم أجد تلفازا أمامي، وقتها تيقنت أنه الحلم الذي طالما راودني منذ أن كنت أعمل في دار نهضة مصر للطبع والنشر، فقد كنت أحلم بأن تقوم الدار بإنشاء صحيفة تنشئ نهضة ثقافية جديدة تجعل الشباب يلتفون حول الأعمال الأدبية ويتبادلون النقاش حولها، ومن هنا تنشأ حياة ثقافية جديدة. ومع انتشار القنوات الفضائية قلت لنفسي: ولمَ لا؟ لماذا لا تكون قناة فضائية تلفزيونية تحمل نفس الاسم "النهضة الثقافية"، فتأثير المرئي والمسموع يكون أقوى من المقروء عند عامة الناس، وبدأت أعد في خيالي شكلا لبرامج هذه القناة وما تتحدث عنه وما تهتم به من موضوعات، وها هو الحلم يجسد القناة أمامي كائنا حيا يتحرك وينبض ويثري الحياة الثقافية، فهل يتحول الحلم إلى حقيقة؟
 
خير الكلام بحـبك يا دار الخـير بحبك يانهضة مصر يا ديما مسابقة الغير يا ديما مواكبة العصر