fiogf49gjkf0d
أعترف مبدئيا أنني انبهرت بصور المسنات والمسنين والعجائز.. التي ملأت شاشات الفضائيات، أو تواترت على وكالات الأنباء، وصفحات الجرائد، تؤكد إقبال المصريين على صناديق الانتخاب. والدليل على ذلك الصور المؤثرة لكبار السن، وذوي الإعاقات.
والحق يقال انني - وغيري كثيرين - على يقين أن أغلب المصريين فرحوا أيما فرح.. أن حياتهم شهدت كل هذه الأحداث ابتداءً من ثورة 25 يناير، وحتى أول انتخابات حقيقية.. تشهدها مصر منذ 6 عقود على الأقل.
غير أن الأمر اللافت للنظر، والذي لم يسترع انتباهي حقيقة من قبل هو مسألة «الغرامة» المفروضة على من يمتنع عن التصويت دون عذر، حيث جاء في المادة (40) من المرسوم بقانون رقم (124) بتعديل بعض أحكام تنظيم مباشرة الحقوق السياسية: «يعاقب بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء».
وما لفت نظري إلى قسوة العقوبة خاصة على البسطاء وكبار السن من أبناء شعب مصر هو ما ورد في الزميلة «المصري اليوم» عدد الأربعاء 30 نوفمبر مصحوباً بصورة مؤثرة لسيدة تبكي بحرقة عقب التصويت! يقول الخبر:
«داخل لجنة مدرسة «سراي القبة الاعدادية» في الزيتون جلست حسنية سيد أحمد عبدالحميد «68 عاما» تبكي بشدة حاملة في احدى يديها بطاقة أحد المرشحين، وقالت بصوت حزين «أنا مش بعرف أقرا ولا أكتب ومش عارفة أعمل ايه..أنا جيت أنتخب وأنا مش فاهمة حاجة عشان خايفة من الغرامة».
«حسنية» - التي تعيش بمفردها مع زوجها المريض المصاب بجلطة ويعيش على جهاز تنفس صناعي - فوجئت بمندوب أحد المرشحين يطرق باب غرفتها لأول مرة، وأعطاها عنوان لجنتها الانتخابية على كارت دعاية المرشح وطلب منها انتخابه والا ستدفع غرامة 500 جنيه!!
«حسنية» التي لم يتجاوز معاش زوجها 600 جنيه خشيت من دفع الغرامة وحضرت الى المدرسة بعد ساعتين قضتهما في المواصلات، وقالت: «زوجي المريض أيضا تحامل على نفسه وذهب إلى لجنته الانتخابية على الرغم من أنه لا يستطيع السير إلا بمساعدة الآخرين، وكل ذلك خوفاً من الغرامة التي قد تصل إلى ألف جنيه لو تم تطبيقها عليَّ أنا وزوجي».
.. انتهى الخبر.. وبالرغم من إيماني العميق بأن الغالبية العظمى من المصريين على اختلاف أعمارهم، أقبلوا على التصويت بدافع من المشاركة في بناء مصر الجديدة، والإحساس بأن صوتهم أصبح ذا قيمة، بعدما كان نظام مبارك يصوت نيابة عنهم أحياء وأمواتا أيضاً!!
إلا أن قسوة الغرامة المفروضة في المرسوم على من لا يصوت تجعلني أهيب بالمجلس العسكري إلغاء هذه الفقرة أو تعديلها، حتى لا يقال ان المصريين ذهبوا للتصويت لا لتنشق عبير الحرية ولا للمساهمة في بناء مصر المحروسة.. بل خوفاً من ضخامة الغرامة المفروضة على من لا يشارك، وهو قول يسلب الكثير من الناخبين «فخارهم». ويُذهب عنهم اعتزازهم بوطنيتهم،.. وقبل ذلك يفتح الباب لذوي النفوس الضعيفة من المرشحين لتخويف الناخبين ثم تقديم خدمات النقل والمواصلات و«.. خلافه..»!! لحثهم على التصويت لهم دون غيرهم.
ولو اعترفنا بأن غالبية شعبنا العظيم هم من البسطاء المكافحين لعلمنا مدى الظلم الذي ربما وقع عليهم إذا تم تطبيق هذه المادة المجحفة من جميع الجهات.
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66

قلبي معكْ
ذُلّ الذي حبس البيوتْ،
فتكفنت بالصمت،
لاذتْ بالغيابْ
أماه، ما يجدي العتابْ
تبّاً لمن قد أدمَعَكْ
رأوا الخزائنَ خاوياتْ
فتأرقتْ صُحُفُ الجنودْ
واسترجعوا «سِفْرَ» البنودْ
وتسابقتْ هِمَمُ الجُباة على الدفاترْ
وجدوكِ والفقراءَ كنزاً للمتاجرْ
فتموّلين بلقمتيْك خزائنَ السلطانْ
لتقرَّ عينُ «البُطرسيِّ» المستجدِّ الأفعوانْ
وتنامَ بورصتهم لتصحو..
تحت تهليلِ الحناجرَْ!

مختار عيسى (يوميات يناير)