عشت اربعة عشر عاما خارج مصر منها 7 سنوات لم يكن مسموحا لنا كمصريين بالخارج بالمشاركة في اي نوع من الانتخابات المصرية وخلال عضويتي بمجلس الجالية كم طالبنا بذلك خصوصا وان عدد المصريين المغتربين كان يفوق العشرة ملايين وهو ما يشكل قوة تصويتية عالية وربما مرجحة في الانتخابات.. عشت فترة المجلس العسكري والذي في عهده تم تفعيل التصويت لنا كمغتربين ولا أنسي مشاركتنا لأول مرة في الانتخابات وكم كانت فرحة غامرة لي ولأسرتي.
بالأمس توجهت للجنة الانتخابات بالسفارة وكان معي والدي وكنت حريصا علي ان نتواجد مبكرا امام اللجنة لكي نتمكن من التصويت في يوم الاجازة سريعا ظنا مني ان الاقبال سيكون ضعيفا في ظل اننا في الصباح الباكر ليوم الجمعة وأيضا لأن الانتخابات شبه محسومة النتائج ...كنا امام السفارة قبل الثامنة صباحا وفوجئنا بطوابير لا نهاية لها من الناخبين من جميع الاوساط والاعمار .. شباب وفتيات و وسيدات مسنين واصحاء ومرضي ..الكل ترك راحته الاسبوعية وذهب ليعيش اجواء الوطنية .. ذهبوا ليمارسوا حقهم في انتخاب من يرونه قائدا لدولتهم وعدم تركها رهن ايدي العابثين بمصيرها.
اجواء وطنية وحماسية رائعة تلك التي عشتها امس لدي تصويتي في انتخابات الرئاسة 2018 وكان هناك العديد من المشاهد التي أردت أن اسجلها في هذه المقالة فقد رأيت الاعلام ترفرف في ايادي الناخبين .. رجال وسيدات السفارة سجلوا ملحمة عملا منظما متكاملا، كانوا شديدي النظام لا فرق بين دبلوماسي واداري او بين محلي ومنتدب او ملحق فالجميع يقف ويعمل في نظام وهدوء... رأيت السفير طارق القوني في ميدان العمل يتابع وينظم ويساعد ويسمع للجميع... رأيت السفيرة هويدا عاصم كعادتها تعاون الجميع وبحسها الانساني تدفع بكرسي متحرك لناخبة وتساعدها في اداء الواجب الانتخابي رأيت الدبلوماسية المحترمة جمانة نجم الدين وجهد دؤوب لا يتوقف وتوثيق لكل احداث اليوم ... رأيت رجال السفارة والعاملين علي التسجيل واعداد اوراق التصويت جميعهم في نظام راقي ومعاملة محترمة للجميع .. صوت هاديء .. تعليمات واضحة يسيرة... ابتسامه وخلق راقي في المعاملة رغم الزحام الشديد والضغوط الكبيرة.
أيضا كان هناك متطوعين كثيرين للتنظيم لا نغفل حقهم في الثناء والشكر ... قمصان وكابات واعلام ومياه وعصائر وكراسي وخيام واضواء جميلة وهتافات اصابات الجميع بقشعريرة... داخل خيمة السفارة اذاعة اغاني استقرت في وجدان هذا الجيل ممن عاش ثورة يناير ويونيه وشهدت تغييرات جذرية في حكم مصر عاشت الجد والاوهام في مشروعات وبرامج رئاسية سابقة... لذلك هذا الجيل عرف طريقه في اختيار الانسب لحكم مصر بعيدا عن الكذب والوعود الفارغة....لقد اغرورقت اعين الكثيرين بدموع الوطنية والحب لبلدها الذي يعيشون بعيدا عنه تأثرا بهذا المشهد الرائع الشديد الأثر، تخلي الكثير عن هيبته ووقاره وراح يهتف ويغني، البعض نسي نفسه وتراقص مع الاغاني، كانت أجمل اللحظات في هذا اليوم هو التقاط صور تذكارية مع علم مصر .. لا احد يعرف الاخر لكن الكل اجتمع في الخلفية مع علم مصر ليتلتقط صورا سريعا ما يرسلها لأهله ويتباهي بها علي صفحات التواصل الاجتماعي... لا اعرف من بجواري ولكني رأيته يتبع من يسبقه في الطابور في الهتاف ويبتسم له ويشاركه الفرحة لمجرد ان الاول قال تحيا مصروتحيا الكويت... 
نعم تحيا الكويت .. هذا العرس الجميل لم يكن ليتم ما لم تيسر الكويت له الجو المثالي وتسخر له الامكانيات الامنية والتنظيمية والاعلامية ليخرج في ابهي صورة .. نعم تحيا الكويت هتاف لم يكن اقل من تحيا مصر علي لسان الناخبين .. الجميع حمل العلمان المصري والكويتي وساروا بهما مترابطين تعبيرا عن ارتباط المصير.. رأيت شباب الأمن الكويتي يتعامل برقي واحترام مع الجميع وكنت حريصا علي ان اشكرهم في كل خطوة واقول لهم يعطيكم العافية يا شباب ....ومن القلب تحيا الكويت.