في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن أن الوافدين هم سبب كل مشكلة، فأصبح الوافدون شماعة تعلق عليها كل معضلة تواجه بعض المسؤولين المقصرين في أعمالهم؛ فكل إشكالية تظهر لنا على السطح هذه الأيام، وأقصد هنا ما يتعلق بالخدمات التي تقدم إلى المواطنين، بدلاً من مواجهتها ووضع الحلول المناسبة لها يخرج إلينا من يحمّل تلك المشاكل ويعزوها إلى كثرة أعداد الوافدين.
فمثلاً عندما نتطرّق إلى أزمة المرور، وأقصد هنا الاختناقات المرورية، تعلو الأصوات المطالبة بالتشدد في منح رخص القيادة للوافدين والحد منها ومنحهم إياها في أضيق الحدود.
كذلك نجد تزايد أعداد الجرائم التي يقوم بها ممن ينضوون تحت هذه الشريحة، وذلك وفق إحصائيات مؤكّدة.
وعندما نسلط الضوء على تردّي الخدمات الصحية نجد هناك من يحمل الوافدين تراجع تلك الخدمات، وأنهم السبب وراء تدهورها، وذلك لكثرة أعداد المراجعين من تلك الفئة للمستشفيات والمستوصفات وعيادات الأسنان وتأخر المواعيد الطبية بسبب مزاحمة الوافدين للمواطنين.
وفي الوظائف الحكومية تم سن تشريعات ووضع قوانين وضوابط هدفها الإحلال الوظيفي والاستغناء عن الوافدين في كل الجهات الحكومية بشكل تدريجي.
لكن عندما نعود إلى أصل المشكلة وأساسها تتضح لنا الرؤية بشكل دقيق، فنجد أن التقاعس عن إيجاد حلول على أرض الواقع لمواجهة الأزمات نجدها شبه معدومة إن لم تكن غير موجودة أصلاً.. وإن وجدت فإما أن تكون غير قابلة للتطبيق أو أن هناك خللاً يعيق تطبيقها.
وها نحن اليوم أمام مشكلة تمس الأمن الوطني بكل ما تعنيه تلك الكلمة، ويتوجب علينا جميعاً مواجهتها بحزم والحد من تفاقمها ألا وهي جشع تجار الإقامات، الذين يفترض أن يطبق عليهم القانون وتتم محاسبتهم هم ومن سهّل لهم عملية إغراق البلد بالعمالة السائبة، التي أثّرت سلباً على الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والأمني، وشكلت ضغطاً وعبئاً على كل الخدمات التي تقدم للمواطنين من طبية وتعليمية وغيرها وأوجدت خللاً كبيراً في التركيبة السكانية.
إلى ذلك، وعندما نتطرق إلى هذا الشأن يجب علينا أن نناقشه بحيادية وموضوعيّة، وأن نفرّق بين الوافدين الذين يقدّمون خدمات جليلة والوافدين الذين جيء بهم عن طريق تجار الإقامات الذين أغرقوا البلد بالعمالة السائبة، التي يستعصي على سوق العمل استيعابها والاستفادة منها.
ومن هنا ومن واجب المسؤولية التي تقع على عاتقنا جميعاً يجب تضافر الجهود، الذي يتأتّى بتعاون السلطات الثلاث لوضع التشريعات المناسبة وسن القوانين التي من شأنها التضييق على تجار الإقامات الذين يتحايلون بشتى الطرق على القانون ويحتالون في سبيل الحصول على المزيد من عدد الإقامات بهدف الإثراء السهل والسريع من المال السحت، متناسين أن بلدنا الكويت أهم من مصالحهم الضيقة التي تنحصر في تورم أرصدتهم لا بارك الله فيهم وفي من أعانهم على ذلك.