fiogf49gjkf0d

آسفين ياريس

بقلم/ اسامة جلال

من فضلك اقرأ المقال لنهايته..

من منا شاهد فخامة الرئيس محمد حسني مبارك وهو داخل قفص الاتهام مع نجليه ممدا على سرير المرض ولم تغرورق عيناه بالدموع؟ أو حتى تداعب الدمعة مقلتيه؟؟ من ذا قاسي القلب الذي شاهد الرجل وهو مغمض العينين جل الوقت ولم تهتز في وجدانه جينات الرحمة والمغفرة؟؟ من هذا الفظ الغليظ الذي سمع بأذنه الرجل وهو يرد على القاضي بكلمة مقتضبة (موجود) ولم تزلزل أحاسيسه حسرة على المتهم والايام والليالي التي قضاها زعيما رئيسا عزيزا فرعونا.

آسفين يا ريس.. حقيقية آسفين ياريس.. آسفين ياريس.. سنرددها صباح مساء حتى نرحل نحن ليس عن الحكم ولكن عن الدنيا كلها.. فنحن حقا آسفين لأننا سنحاكمك ونصر على الاقتصاص منك رغم هرمك.. آسفين سنقتص منك لأنك أهنت الشعب كله.. وقتلت المئات وشردت مئات الآلاف.. واغتصبت حرمات ارضنا وبعت العرض والشرف.. حكمت فظلمت فلم تأمن ولن تنم يا مبارك.

ياريس.. آسفين.. بجد آسفين.. والله العظيم آسفين.. فنحن لم نكن نرغب يوما أن نشاهد فقيرنا وضعيفنا وصغيرنا يهان.. فما بالك بكبيرنا وعزيزنا وقائدنا.. نعم نحن نتألم عندما نراك داخل القفص.. ونتأثر بأن نشاهدك ممددا طريح الفراش وقد استسلمت للوهن والشيخوخة وقلة الحيلة.

ياريس.. آسفين.. والله آسفين.. فالحق والعدل أوجب علينا القصاص.. ودماء الشهداء تنادي بالقصاص.. وآلام المصابين تئن بالقصاص.. ومن ذل وأهين وضرب وسحل في عصرك.. ومن تغرب وتشرد وهاجر وهرب من مصر في عصرك.. جميعهم ضمائرهم لن تتنازل عن القصاص.
ياريس.. اذكر لي كم عدد من نعموا في عصرك بالحرية والعدالة والانصاف بشكل كامل دون أن يكونوا قريبين منك أو دفعوا الرشوة أو بحثوا عن الواسطة لينالوا حقوقهم.. ياريس اليأس في عصرك تمدد والصبر تبدد.. ولم تدركنا ولم تسمعنا.. فكانت العصافير تصرخ في واد.. وأذن الأسد مشغولة بسماع أصوات الضباع وهي تنهش في الفريسة.

ياريس.. صعب علينا نراك في هذه الحالة.. ولكن في القصاص حياة.. وعظة وموعظة.. ياريس.. دماء الشهداء لا يمكننا نحن أن نتنازل عنها وربما حتى أسرهم.. والشهداء ياريس ليسوا شهداء الثورة فقط.. ولكن المئات ممن ماتوا في السجون والمعتقلات ولم نعرف عنهم شيئا.

الشهداء ياريس.. ليسوا من ضحايا الفوضى الخلاقة كما وصفها شريفك في 25 يناير فقط ولكنهم ضحايا سنوات بعيدة مضت.. منهم من لقي حتفه من أعلى المبنى ومنهم من مازال حيا وينتظر.. ياريس احنا آسفين ومتأسفين.. ولكننا مضطرين أن نحاكمك.. وأن لا نتنازل لأن الأمر خارج عن إرادتنا.. ولم يعد الامر مسألة شخصية أو إنسانية فقط.. بل الأمر يتعلق بمصير أمة وشعب وتاريخ وحياة ومستقبل.

كثيرا ما قلنا لك آسفين ياريس.. ولم نسمع منك أي أسف.. ماذا تقول ياريس عن تفجيرات الشرطة المتعمدة للكنائس والتي راح ضحاياها المسلمون قبل المسيحيون.. وما رأيك ياريس في حادث العبارة التي راح ضحيتها فوق الالف مصري.. ولم يحاكم صاحبها.. لذلك آسفين ياريس سنحاكمك بجريرة صاحب العبارة.

ياريس.. ألم تسمع عن حوادث القطارات واحتراق المئات.. ياريس.. المصريين في عصرك كانوا ينبشون في القمامة بحثا عن فتات الخبز الذي رماه الأغنياء الذين تعدت دخولهم 3 دولارات يوميا مرة واحدة.. ما شاء الله.. أما أصحاب مئات المليارات فالحديث عنهم كان من المحرمات ويبدو أنه مازال في عصر الانفتاح الإعلامي المزيف.

ياريس.. دماء جنودنا الذين قضوا نحبهم واستشهدوا على الحدود مع اسرائيل تستغيث بموقف مشرف.. ياريس.. عظام الموتى ضحايا المواد الغذائية المسرطنة تأبى أن تسامح.. أما المرضى الذين أكل أجسادهم المرض بفعل شرب مياه الصرف الصحي فهم يستعجبون.. كيف كانت تذاع كوارثهم في التلفزيون ولا يهتز لك جفن.. ولم نسمع أن الرئيس تدخل أو حتى سيتدخل أو حتى تألم وهو يشاهد شعبه يشرب مياه المجاري.

ياأبوعلاء.. لقد منعوك عن التواصل مع شعبك.. وأنت رحبت بذلك فحان الوقت أو تتواصل رغما عنك من داخل القفص عبر كاميرا صغيرة على حمل ذنوبك لتنقلها للملايين.. وأن تنطق جبرا.. افندم.. أو موجود.. يا أبوجمال لقد زينوا لك نهب الثروة.. واستباحة عرض هذا البلد.. والتعاون حتى مع ألد الأعداء وبيعنا لهم.. فلم يعد هناك ما يشفع لك حتى وإن كانت الشيخوخة والمرض.

سبحان المعز المذل.. لقد دقت ساعة القصاص.. وأصبح سجنك ومحاكمتك واقع ملموس.. صحيح أخفق القاضي أحمد رفعت في هذه الجلسة الثانية عندما قرر وقف بث المحاكمة تلفزيونيا.. إنما ولا شك أنت تحاكم.. ومؤكد ان المطالبة بعودة العلانية ستعود وربما نشاهدك من جديد داخل القفص.. لتكن العظة والموعظة مكتملة لكل من تسول له نفسه أن يتلاعب بأرواح الناس وأعراضهم وأرضهم.

ياريس.. محاميك الذئب الطاعن في العمر الذي يستغل ضعف الأدلة وغوغائية محاميو الدفاع لن يحميك ولن يمنع عنك القصاص.. فعذاب الآخرة أشد وأعظم.. وإن سامحناك نحن وتأسفنا لك فالله أعلم ما هو مصيرك عندما تنزل الى اللحد في مشهد بات قريبا.. والله أعلم هل سيسامحك سبحانه وتعالى؟

عموما ياريس.. احنا مش آسفين ابدا ابدا.. لأنه كلما اغرورقت عينانا بالدموع تذكرنا الأمهات الثكلى والاطفال اليتامي والمرضى والمغتربين والإنسان المصري الذي عاش سنوات ذليلا تحت وطأة حكمك اللعين.. لذلك نحن لسنا بآسفين.