ليس من أجلنا ولكن من أجل أبنائنا أعلم إنه ربما أكون اكتب تلك المرة خارج الدائرة وخارج الصندوق ، أعلم اننى وانا أكتب الان كالذى يمشى فى حقل من الالغام ، ولكن افعل ذلك ليس زعماً منى بالشجاعة ولكن خوفاً منى على المستقبل – مستقبل بلادنا ، ومستقبل أبنائنا – اعلم أن هناك الكثير والكثير يقف ضد فكرة المصالحة مع شباب الاخوان ، وأتفهم سبب هذا الامر ، فكل تلك الدماء لابد وأن تُحدث هذا الرفض ، مرة أخرى اقول انى اتفهم ذلك ، ولكن ايها السادة إننا نتحدث هنا عن شباب الاخوان ولا نتحدث عن قيادات الاخوان ، ولا نتحدث عن من حمل السلاح وسفك الدماء ، ولكن نتحدث عن عشرات الالاف من الشباب ، ربما كان مغرر بهم او ربما لديهم من المفاهيم الخاطئة الناتجة عن المعرفة الفاسدة او ربما غير الناضجة ، والمعروف لدينا فى علم النفس ايها السادة – أن المعرفة تنتج المفهوم . والمفهوم يُنتِج السلوك . والسلوك هو ما يراه الناس على الارض ، وكلما كانت المعرفة صحيحة وناضجة كان المُنتج وهو المفهوم صحيح وناضج ومن ثم يُخرج سلوك صحيح ومُعتدل، وهذا هو بالضبط المحور الاساسى والاوحد لهذا المقال بل ولتلك المُبادرة
 
1/ إن ترك هؤلاء الشباب بما يحملون من معرفة ربما فاسدة وغير ناضجة هذا يعنى إنه علينا دائما أن نتوقع منهم سلوك غير مُستقر وغير سوى وهذا خطر على العباد والبلاد .
 
2/ إن هؤلاء الشباب أتصور أن لديهم تصور مُشوش يخلط بين الاصول والفروع ، وبين التعاليم المعصومة والتطبيقات التى تحتمل الصواب والخطأ ، وقد يتبنى أحكاماً وهمية ويدافع عنها دفاعه عن الوحى ذاته!!........مثل الشرعية مثلاً
 
3/ ليس هناك عقل يقبل أن نترك هؤلاء الشباب هكذا دون الحوار معهم ، فهم أبنائنا ، ثم هناك شئ خطير لابد وأن نقف أمامه كثيراً وهو أن شباب الاخوان فى الازهر الكل رأى وشاهد ماذا فعلوا وهذا يدل ويُشير الى أن عقولهم مُتأثره وأسيرة لما تعلموه من الجماعه ولم يستطيع الازهر أن يحتل ولو جزء بسيط من مساحة هذا الفكر ومن ثم أصبح الحوار معهم أكثر ضرورة وإهماله يُصبح اكثر خطورة . وهنا لابد وأن اذكر ما ذكره الشيخ الغزالى فى كتابة (الطريق من هنا)ص 12و13 وهو يتحدث عن كيف أستطاع الاستعمار أن يُمكن لنفسه داخل بلاد إفريقيا رغم جلاء جنوده من على الارض..
 
أستطاع ذلك عندما ملئ نفوس سكان تلك البلاد وارتبطوا مادياً وأدبياً بمواريثه وأفكاره ، وحين بدأ أصحاب الهمم والغيرة (الدُعاه) فى التحرك كان التحرك مُتأخراً ، وحين ذهبوا لم يذهبوا بالخطاب المُناسب لدرجة انه حين سُئل الشيخ الغزالى عن ثمار هذا الجهد وصفهم بالطبيب الذى جاءه مُصاب فى رأسه فصنع له جبيرة على قدميه! ومن هذا الطرح نفهم ثلاث أشياء هامة فيما نحن بصدده الان وهى كما يلى:
 
1/ أن هؤلاء الشباب لديهم فكر يؤمنوا به جاءوا به من أفكار وأدبيات الجماعه ولابد من الحوار معهم وإعطائهم المعرفة الصحيحة التى تبنى وتخلق مفاهيم صحيحه ومن ثم سلوك صحيح
 
2/ الوقت .. فكلما بدء الحوار سريعاً وليس متأخر كانت النتائج افضل
 
3/ نوع الخطاب ومضمون الحوار الذى سيُقدم لهؤلاء الشباب ، حتى لا يَكثر الصياح وتقل الجدوى . ثم هناك نقطة فى مُنتهى الاهمية لابد وأن نُدركها الان ، وهى أن هؤلاء الشباب الان هم من سيكونوا قيادات الغد ..إذاً إذا أصلحنا هؤلاء الان هذا يعنى إننا نُصلح مستقبل بلادنا وأبنائنا ... أما فى حالة تركهم وعدم إحتواءهم والحوار معهم وتعليمهم سيكونوا بلا شك على خطى من سبقهم ( وهم من نُعانى منهم الان) لقد حدث أمرقريب من هذا الامر فى عصر الامام الشافعى ، فقد حدث صدام كبير بين علماء الدين وبين الشعراء ، فقد كان الشعراء يكتبون شعراً فى الحب وما الى ذلك وكان لعلماء الدين تحفظ كبير على هذا (القصة طويلة) الخلاصة إنه حين تدخل الشافعى أختار الخطاب المُناسب لهذا الامر حتى قال الشعراء أنفسهم أنه كان يُعطينا الاخلاق مع الشعر ، ما أقصده هنا هو أن ترك هؤلاء او الاصطدام معهم ليس الحل الامثل ، إنما الحوار وإختيار الوقت والخطاب المناسبين هو الاسلوب الافضل والفعال ،
 
يا سادة فى صُلح الحُديبية كان من السهل أن يدخل رسول الله مكة عِنوة خصوصاً وإنه قد قال بعد غزوة الاحزاب (كانت قبل صُلح الحُديبية) اليوم نغزوهم ولا يغزوننا ... وهذه إشارة منه لضعف الطرف الاخر ، إلا إنه قد إختار الصُلح وحضرتكم تعلمون جميعاً ما كان نِتاج هذا الصلح من إجابيات كثيرة . على الرغم من انه كان مع كفار .. فما بالكم وإن تم الصلح مع أبناء الوطن وأبناء الدين حتى وإن قد جانبهم الصواب ...... هذه دعوتى من أجل بلادنا ومن اجل مستقبل ابنائنا حفظ الله الوطن ... أرضاً وشعباً وجيشاً بقلم/ عادل عبدالستار العيلة .....ممرض بالطب النفسى ..