fiogf49gjkf0d
ثم علمت سيدي أن القضاة لن يشرفوا على الانتخابات بعد ذلك وان الأمر سوف يعطى إلى موظفي الدولة وبما أنني مدرس للغة الانجليزية فى وزارة التعليم تم ندبي إلى انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ولقد علمت ان هذا اليوم يساوى 370 جنيه وحيث أن الصيف قادم وهذا مبلغ يسيل له اللعاب ورغبة منى فى تأكيد ما رأيت فى المرة السابقة وإنها لم تكن حالة عارضة وان النزاهة هي السمة فى حكومتنا التي أنام واولادى ملئ جفوننا امنين على أنفسنا ومستقبلنا قررت ان اذهب للمشاركة فى تلك الجولة . ورغم اننى كنت فى أول الأمر من المدرسين الاحتياطيتين الا أن الأمور قد تبدلت ووجت نفسي مسئول عن لجنة كاملة وتحت رئاستي 3 مدرسين بالإضافة إلى أمين مساعد اللجنة واعطانى ضابط برتبة رائد الظرف الذي يحتوى على الأصوات وبعض التعليمات الإرشادية عن كيفية التعامل مع الانتخابات وبعض القوانين الخاصة بتجريم التزوير وإحالة المزورين إلى محكمة الجنايات وأحسست اننى احمل مسئولية جسيمة حتى اننى لم انم فى تلك الليلة . وبدأت يومي بالإعداد الروتيني للجنة والذي قد أصبحت خبيرا فيه من المرة الأولى , وانتظرت ان تأتى إحدى الناخبات لتدلى بصوتها وطال انتظاري حتى انتصف النهار وبسؤال الخفر اخبروني أن تلك القرية هي مسقط رأس مرشح الحزب الوطني (س) ولم اهتم سيدي وبدل من الناخبات بدأ الكورال الخاص بهذا المرشح يأتون إلى واحد تلو الاخر متوعدين مرة ومهددين مرة وملمحين بعرض الرشوة مرة أخرى وعندما باءت تلك المحاولات جميعها بالفشل وعند الساعة الثانية عصرا , وجدت رجل وخلفه مالا يقل عن 15 رجل فى أزياء مختلفة تنوعت بين الكجول والجلبية و البدلة وأدهشني ان بأيديهم أقلام حبر جاف وخاطبني قائدهم بلهجة فظة (يلا يا بنى عندك كام صوت - فرفضت الرد عليه الا بعد التعرف عليه - فاخبروني انه مرشح الحزب الوطنى (س) فأجبته 650 صوت فقال " أنا عايزهم لي " فأحسست سيدى بالخوف ولكنى تظاهرت بالتماسك وأخبرته أن احضر الناخبات ولتدلى كل واحدة بصوتها فأنت تعلم ان الكشوف غير منقاة و أن العديد من السماء التي تحتوى عليها اما متوفاة او خارج البلاد وبعد مداولات وشد وجزب فاذا بهذا الرجل الذي قارب السبيعين وكأنما خسر 50 عام من عمره واصبح فى العشرين فوثب وواقفاً لاعناً ابويا والى خلوفنى والبلد اللى حدفتك علينا يا ابن الكلب واخذ يردد " انا صارف 2 مليون جنيه منذ الأمس يا حيوان يا ابن الكلب " فهممت آن ادفعه و أسترد الاصوات الانتخابية من يده مستعينا بالحراسة الأمنية التي وفرتها لنا وزارة الداخلية فلم أجد منهم احد حولي - الغريب فى الأمر أن الرجل استغرق فى سبابى اقل من دقيقة ونصف او دقيقتين على الاكثر وفى تلك الفترة الوجيزة اذا بالاعوان قد صوتوا له والقوا بالأصوات فى الصندوق ووجدت نفسي وسط زملائي يحاولون الذود عنى بعد ان كادوا ان يفتكوا بى لأننى قمت بهجمة مضادة محاولا استرداد الاصوات من يده . وخرجت من الحجرة سيدى العق جراحا التى لم تصب جسدا و انما تصابت كرامتي وظللت ابكي على خيبة أملى فى وطني وتحطمت الصورة الجميلة التي تكونت فى مخيلتي عن النزاهة فى بلادي من المرة الأولى التي حضرت فيها الانتخابات . الغريب فى الأمر سيدى اننا ذهبنا الى الفرز ليلا فى احد ملاعب كرة القدم فاذا بهذا العضو يتلقى التهاني من المقربين بالنجاح باكتساح رغم اننا لم نبدا بعد فى الفرز وأبلغت النتيجة التى زورت رغم عنى وعدت الى محافظتي قبيل شروق الشمس فلم انم وأردت ان أتصفح الصحف القومية وعجباً قرأت سيدى ففي اللجنة التي كدت اذبح فيها بالأمس و التي لم يزورها الا ناخبة واحدة دفعها حب الاستطلاع لترى ما يحدث او سمعت أن الحبر الفسفوري يلون الأصابع فأرادت ان تجرب قال المحرر ان تلك اللجنة قد شهدت إقبالا بلغ أكثر من 80 % من الناخبين - واتسمت الأجواء بالنزاهة - والحيادية من رجال الأمن - حينها قلت هذه ليست بلادنا لم تخلق لنا ولن اعيش فيها بعد عامي هذا إلا زائراً وقررت السفر إلى الكويت وسافرت عملت لمدة اربع سنوات مترجم فى إحدى الشركات الكبرى وعدت إلى مصر " إجازة " تخيل سيدي إن تذهب الى وطنك فى إجازة . وبما اننى ممن يؤمنون بمصر وان لها عبقرية لا مثيل لها بين اقرانها فى كل شيء فكنت حينما انزل من الطائرة أتلمس بها ما افتقدته طيلة غربتي . وآفاقنا جميعا سيدى على الثورة وقلت هيهات ان تفعل شيء او ان تحرك ساكن فهذا النظام يفيض حديثه ثقة فى نفسه وان زمام الأمر مرهون فى إصبعه الصغير ولن يحار النظام فى ايجاد العديد من التهم الخطيرة التى تذهب بالإنسان ابعد مما يتصور ولكن الأمر تطور كما رأينا وسمعت كلمات التخلي المقتضبة - أصدقك القول سيدي أحسست بيدي وكأنها تصفع ذلك المرشح على وجه هو من سبق ان اهاننى لانى رفضت التزوير وكدت ان ادفع حياتي ثمن لتلك اللحظة والله لو كنت اعلم حينها أن حياتي سوف تغير من الأمر شيء ما ترددت لحظة أن اهديها إلى بلدي و انا من الصاغرين ولكن دون جدوى . فقررت العودة إلى بلادي أعيش فيها بكرامتي ولا اخشي على اولادى من شيء فلن يعد للفقر مكان ولا للتزوير موضع قدم بيننا . نحن أجدر بالاحترام من العالم اجمع , نحن اقدر على العيش بكرامة ودون خوف . نحن احق الناس بخير هذه البلد . من أعطاهم الحق بخطف رزق اولادى من دفعني إلى الغربة من دفع الشباب إلى الانتحار في محاولات الهجرة غير الشرعية عبر البحر حيث ينتظر الموت ليسحق أيام شبابهم وأمل إبائهم . من رخص لهم ليكمموا الأفواه . من خصص لهم أرضنا ؟ من أذن لهم لبيع ممتلكاتنا ؟ لماذا مات أجدادي في حفر القناة إن لم يأتيني عوائدها ؟ ألهذا الغاز ثمن أم أننا كالحمار يحمل العنب ؟ من قال أننا كثيرون دون جدوى ؟ وان زيادتنا تمثل عائق أمام التنمية ؟ من فتك بأحلامنا أن نصبح من أحسن الأمم ؟ السؤال الأهم الذي كتبت تلك الرسالة الطويلة حتى تجيبني عليه هل نحن من نصع من الحاكم اله لا يخطئ وملهم بعد أن انقطع الوحي ؟ هل لنا يد في إفساد حكامنا ؟ إياك أن تقول أن أعمدة النظام السابق ليسوا مصريون مثلنا فمن أوصلهم إلى هذا الحد من الفساد الذي فاق كل الحدود ؟ وهل من سياتى سوف يصبح يوم ما الملهم الجديد ؟ هل نحن عبيد من ملك ؟ سيدي , انتظر منك الرد على تلك التساؤلات قبل أن أعود إلى وطني أشارك في مشروع تطويرها فان كان الفاسد يخلق بأفعالنا فلن أعود إلى مصر إلا إجازة ؟ وان كنا بهذه القوة القادرة على تغير نظام كهذا فلماذا كان هذا الصمت ؟ أرجوك سيدي اجبني وألا سوف أختصمك أمام الله حين اللقاء انك أنت الذي حرمني العودة إلى وطني التوقيع : مصري متغرب
 
الموقع:
يا عزيزي كلنا أفسدنا.. إما مشاركون في الفساد بشكل مباشر أو غير مباشر.. والصامتون عن الفساد هم أشد فسادا.. نتمنى أن نتحلى جميعا بالصبر وبالجرأة والشجاعة.. وأن لا نسكت عن الحق مهما كلفنا الأمر كل في موقعه.. وأن تستمر الثورة ليس بالكلام ولكن بالافعال.. ثورة على الفساد وعلى الأخلاق المتدنية وعلى أنفسنا التي صمتت ففسدت.. والله المستعان.