fiogf49gjkf0d
لم يكن أكثر المتفائلين في زماننا يسرح به خياله أو ترد على خاطرته أن يزول نظام حسني مبارك، ذلك النظام الذي أرسى قواعده جيش جرار من العملاء والبلطجية تدرب على أعتى الأساليب في ترويع الآمنين وتخويف خلق الله المسالمين، وثبت دعائم ملكه كتائب من المرتزقة الذين لم يكن لهم هم سوى قمع هذا الشعب الذي سكن وما استكان، وأمهل وما أهمل، حتى ظن الكثيرون أنه شعب قد مات ولن تقوم له قائمة. ولم يكن أكثر العارفين مهارة في توقع الأحداث يتكهن بأن شباب ما أطلق عليه "الفيس بوك" والبانجو سيتحول بين عشية وضحاها قائدا لمسيرة شعب ولد يوم أن سطر التاريخ حروفه ليرسم معالم الزمن المتحضر في وقت توقف فيه الزمن في ما عادها من أرض الله. اليوم ونحن نستعد لاستقبال ميلاد ثورة 25 يناير المجيدة علينا أن نسأل أنفسنا بعد أن أصبح الخيال حقيقة، والكهانة واقعا هل حققت ثورة المصريين أهدافها أو جزءا من أهدافها التي انطلقت من أجلها؟
لا يمكن أن تكون الإجابة عن هذا السؤال بنعم فقط أو لا وحسب؛ فمن الواقع الفعلي نقول إن الثورة لم تنته بعد مادام الظلم لم يجتث من جذوره، ومادام أزلام النظام الذين عشعشوا في كل شبر من أرض المحروسة تمتد خيوط عناكبهم لتتشابك من جديد أملا في إعادة سيرة الحكم الظالم حتى ولو كان الحاكم شخصا غير مبارك، ومادام الفلاح المصري لا يملك قرار زراعة أرضه بما يحب ويرغب، ومادام العامل لا يملك ما يسد أبسط حاجيات عياله، ومادامت الأمراض تنهش في أجساد المصريين بسبب الماء الملوث والهواء الفاسد والطعام المسرطن، ومادام الطالب الحاصل على مجموع 97 في المئة لا يتمكن من دخول كلية الطب فتستنفذ رغباته في أرض الغربة، ومادام الضعيف لا يجد له سندا ولا ناصرا يمنع المستقوي عنه... مادام ومادام ومادام وألف مادام فإن الثورة بعد لم تحقق أهدافها، وأن أمامها ألف ميل كي تصل إلى مبتغاها. وفي المقابل من يرى واقع المصريين الآن يقول إننا بدأنا الخطوة الأولى في طريق الألف ميل فمادمنا قد ثرنا على الظلم فالعدل قادم، ومادمنا تعلمنا أن نرد الإهانة فالكرامة آتية، ومادمنا انطلقنا نحو صناديق الاقتراع لندلي بدلونا فالتغيير آت، ومادمنا رفضنا أن يقودنا "وريث" فسيحكمنا وارث ورث من أبيه المكارم، ومادمنا قررنا أن نتحمل آلام الجوع فسنبيت شبعا، ومادمنا نهدم بنيان الخوف في قلوبنا فسنشيد أمناً لنا ولأبنائنا... ومادمنا ومادمنا ومادمنا وألف مادمنا تحققت خلال عام مضى فسوف نصل إلى ما تصبو إليه مصرنا من مجد وحضارة فارقتها لعقود عجاف ولت. المهم الآن ونحن نحتفل بالذكرى الأولى على ثورتنا علينا أن نضع نصب أعيننا أننا مستهدفون وأن آخرين كثرا لا يريدون لنا الخير فليكن شغلنا الشاغل أن يمسك كل منا في كلتا يديه معول بناء وتشييد، وفي الأخرى سلاحا يوجهه لكل من تسول له نفسه الوقوف أمام حركة تحررنا، وثورة نهضتنا بهذا وليس بغير هذا يمكن أن أقول أن الآتي من الأيام أجمل وأجمل.
 للتواصل: @abdalah1968