ما زلت أعيش هاجس القلق من فتور المجتمع في استشعار الحس الإنساني تجاه الآخر أياً كان، فما بالكم بمن شاء الله لهم أن يكونوا بيننا أخوة كراماً أعزاء يشاركوننا بناء وطننا وكانوا وما زالوا أحد أسباب استمرار الحياة الكريمة فيه.
من فضول القول ان نذكّر القارئ الكريم بما يشغله اخوتنا المقيمون من وظائف وأعمال توفر لمواطني الكويت، الذين يستنكفون العمل بمثل هذه الوظائف، العيش الرغيد والرفاهية، فمن أعمال النظافة وأشغال الطرق وبناء المنازل والهيئات الحكومية والجسور، مروراً بفنيي تصليح السيارات والتكييف والخبازين وأعمال السباكة وخدمة المنازل، وصولاً إلى المهن المشتركة مثل التدريس والطبابة والقضاء والتعليم الجامعي والهندسة.
بالأمس، نشرت «الراي» على صدر صفحتها الأولى أن نواب الأمة توصلوا إلى حقيقة جلية في قضية اختلال التركيبة السكانية تؤكد أن «نظام الكفيل هو الذي أسس لتجارة البشر» في الكويت وأن «زيادة غرامات الإقامة لن تحل المشكلة»، وعلى هذا فالمفترض بوزارة الشؤون إن كانت جادة في معالجة الخلل ألا ترتكب خطيئة جديدة يكون ضحيتها المقيم، وإنما الواجب عليها وعلى كل وزارات الدولة المعنية القيام بدورها والأخذ على يد المجرم تاجر الإقامات الذي يأكل أموال البسطاء ويدمر أحلامهم ويمنحهم تصريح عمل من دون احتياج شركته لهذه العمالة.
منذ سنوات طوال ونحن نسمع من وزراء الشؤون المتعاقبين على الوزارة أن نظام الكفيل سيئ الذكر المعمول به حالياً وتسبب لدولة الكويت بالكثير الكثير من الحرج في المحافل الدولية، سيتم وقف العمل به لكننا وللأسف الشديد ما زلنا «مكانك راوح» وكأن هناك مستفيدين من القانون الجائر أقوى من الوزراء ومن الحكومة برمتها، في حين سبقتنا دول خليجية أخرى لهذا الإنجاز لعتق رقاب البسطاء من ذل العبودية للكفيل واستغلاله للعمالة.
ارتفاع الأصوات العنصرية ضد المقيمين على قلة عددها مؤذ ونذير شؤم يجب مواجهته بقوانين حكيمة تمنع نشرها، بل وتغلظ العقوبة على أصحابها كي لا نتحول إلى مجتمع متخم بالعنصرية والطائفية والسوء.
على هامش الحدث
أضم صوتي إلى صوت الزميلة الأخت إقبال الأحمد التي تبنت الدفاع عن إنسانية المقيمين وكرامتهم ودعت إلى حفظ حقوقهم ورد شيء من جميل إحسانهم للكويت ومواطنيها.
وأدعو الأفاضل من نواب الأمة إلى أن يتبنوا مقترح إكرام من أمضى من حياته بيننا ثلاثين عاماً وأكثر من الأخوة المقيمين ومنحهم ما يستحقون من قوانين تحفظ لهم كرامتهم وترفع عن كاهلهم هموم الإبعاد في حال كبروا في السن أو عدم وجود كفيل، فهؤلاء لا وطن حقيقي لهم سوى الكويت ولا دار يألفوها سوى بلادنا، كأن يمنحوا الإقامة الدائمة أو بنظام كفيل نفسه ومساواتهم باخوتهم الكويتيين والخليجيين في التعليم والطبابة وحق العلاج المجاني وتملك المنازل.
شكرا أختي إقبال الأحمد لمقترحاتك البناءة وألف ألف شكر لإنسانيتك التي بتنا نفتقدها عند بعض من يعيش بيننا من أبناء جلدتنا.