عانت مصر طويلا من سلبيات عديدة أعاقت استصلاح واستزراع الأرض ودوام إنتاجها فى إطار الجدوى الاقتصادية وأهمها: غياب التوجيه والتخطيط، والاستيلاء على أراضى الدولة دون مقابل أو بمقابل زهيد،

 وتفشى ظاهرة وضع اليد ومشاكله وكذلك تسقيع الأراضى من قبل المضاربين وعدم وصولها للمزارع الجاد أو وصولها له بأسعار مرتفعة، فى مقابل تدنى ريع الأرض، وتراجع ثقة المزارع الحقيقى فى جدوى الاستصلاح، وارتفاع مخاطر الاستثمار بسبب ارتفاع وقت وتكلفة الحصول على الموافقات والاستصلاح وتوفير المياه وبدء الإنتاج فضلا عن تنازع الملكية وصعوبة وتأخير توثيق العقود، هذا إلى جانب تحديات نقص التمويل أو الآلات أو العمالة المدربة وتلف المنتج أو صعوبة تسويقه.

ودون مقدمات تسعى الدولة حاليا لتنفيذ مشروع قومى لاستصلاح 4 ملايين فدان وحتى لا نكرر أخطاء الماضى وتدارك السلبيات فأجد انه من الطبيعى أن نسعى إلى اتباع منظومة جديدة تحقق الغاية الرئيسية للدولة وهى إنشاء مجتمعات جديدة وإحداث تنمية شاملة فى جميع المناطق وتوفير فرص للاستثمار وفرص للعمل المتنوع وضمان زراعة الأرض الصحراوية واستمرار إنتاجها عبر بيعها مزروعة ومنتجة وبمصادر المياه والموافقات والمرافق الرئيسية بالأسعار العادلة للمزارع الحقيقى والجاد.

وفى هذا السياق جاء مقترحى المتواضع بطرح آلية لاستصلاح وتعمير ما يصل إلى 2 مليون فدان فى الظهير الصحراوى لمحافظات الجمهورية وباستثمارات مشتركة من قبل المواطنين والحكومة والشركات العاملة فى هذا المجال تصل إلى 60 مليار جنيه على مدى السنوات الثلاث المقبلة وهو مقترح مكمل لمشروعات الاستصلاح فى الوادى الجديد والمناطق النائية وليس بديلا عنها.

هذا المقترح الذى تم رفعه إلى المجلس القومى لشئون القبائل المصرية تمهيدا لعرضه على الجهات المختصة يمكن تنفيذه على مرحلتين:

 المرحلة الأولي: تتمثل فى قيام القوات المسلحة بتشكيل نحو 66 فرقة للتعمير فى المحافظات وخصوصا التى لديها ظهير صحراوى لتتولى عملية تحديد وشراء الأرض من جهة الولاية وتوفير مصادر المياه وحفر الآبار وأعمال التسوية والاستصلاح الأساسية،

المرحلة الثانية: تتمثل فى قيام وزارة التنمية المحلية بالتنسيق لإنشاء 200 شركة مساهمة محلية برأس مال يتراوح ما بين مليون و10 ملايين جنيه بواقع شركة فى كل مدينة ومركز، لها ظهير صحراوى وبمساهمة 10%من قبل الحكومة و10% للشركات المحلية والباقى للأفراد من أبناء المركز أو المدينة المقيمين والمهاجرين ضمن ضوابط معينة.

وتكون مهمة تلك الشركات شراء الأرض وتقسيمها وإنشاء شبكات الرى واستزراعها وبناء جميع المنشآت المركزية اللازمة لخدمة القرية من تجمعات سكنية مرفقة ومنشآت زراعية وحيوانية وإنتاجية وغيرها ثم بيعها بالأسعار العادلة للمزارعين من أبناء المركز أو المدينة واستمرار تقديم الخدمات الضرورية برسوم وبما يحقق عائدا للشركة يضمن استمرارها فى تقديم خدماتها للمجتمع الجديد وتكرار التجربة فى مناطق أخرى بتمويل ذاتي.

ورغم أن الآلية المقترحة ليست جديدة كليا إلا أن الجديد فى المنظومة المقترحة هو الجمع ما بين الميزة النسبية المتوفرة لدى 3 أجنحةرئيسية للتنمية فى مصر هي:

 1-الحكومة: وخصوصا القوات المسلحة التى تمتلك العزيمة والإصرار والانضباط والقدرة على غزو الصحراء والحصول على الموافقات والتنفيذ بسرعة وبكفاءة وفعالية وبأقل التكاليف، وكذلك وزارة التنمية المحلية وضرورة مساهمتها فى الشركات المحلية لأنها ستمثل عنصر الثقة لباقى المساهمين فى المشروع وبما يكفل تجاوز العقبات الروتينية وضمان التنسيق بين الجهات ذات الصلة.

 2- القطاع الخاص المحلي: للاستفادة من العمل بفكر السوق الحرة وضمان الجدوى الاقتصادية والاستمرارية والتمويل دون أعباء على الدولة، لاسيما مع وجود 6 شركات حكومية متخصصة فى الاستصلاح تنتظر التطوير وفرص العمل.

 3- المواطن المصري: الباحث عن الاستثمار والعمل والإنتاج والراغب فى تحسين ظروفه وتنمية بلده وبيئته المحلية ضمن منظومة آمنة وأقل مخاطرة.

 ولا يخفى على أحد مقدار الإيجابيات العديدة التى ستعود على المجتمع والاقتصاد من تبنى المنظومة الجديدة وتطويرها بشكل مستمر بما يتماشى مع التحديات والمستجدات وأهمها:

الاستغلال الأمثل للأرض والمياه وكل الموارد الطبيعية والمادية والبشرية وإعمال آليات السوق والجدوى الاقتصادية

تحقيق التنمية المحلية بتوفير الآلاف من فرص العمل بصورة مباشرة وغير مباشرة فضلا عن توفير قنوات استثمارية مجدية للمدخرات المحلية فى كل مركز تعزز من نمو الإنتاج الزراعى وبما يسهم فى تحقيق الأمن الغذائي.

 ضمان حقوق الدولة فى الأراضى التابعة لها ومنع ظهور مشاكل تنازع الملكية عبر تسليم الأرض وبها كل الموافقات والتراخيص بوثائق ملكية مؤقتة لتعزيز الثقة وضمان الجدية.