في خطوة قد تضع نهاية لدولة الرفاهية, أعلنت الحكومة البريطانية برنامج تقشف وصف بأنه الأضخم في تاريخ أوروبا الحديثة.
ويقضي البرنامج الذي أعلنه جورج أوزبورن وزير الخزانة أمام مجلس العموم أمس بتخفيض ميزانيات وزارات وإدارات الحكومة بنسبة تتراوح بين25 و40%. وأشار أوزبورن إلي أن هذا الخفض الكبير في الموازنة يصل إلي80 مليار جنيه إسترليني, وهو ما يعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. كما أنه يطول الإنفاق الحكومي ويحدد مستقبل الاقتصاد البريطاني والحكومة الحالية.وأضاف أن الهدف من إجراءات التقشف هو تفادي أزمة ديون مثل التي حدثت في أيرلندا واليونان عبر خفض ديون الحكومة التي يتحمل كل بريطاني جزءا منها. وتشير التوقعات إلي أن هذا التخفيض سيؤدي إلي الاستغناء عن نصف مليون وظيفة تقريبا خلال السنوات الخمس المقبلة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أعلن تخفيض ميزانية الدفاع بنسبة8% بعد إجراء مراجعة الدفاع الاستراتيجية. ومن المقرر أن يؤدي هذا التخفيض إلي الاستغناء عن أكثر من42 ألف وظيفة في وزارة الدفاع وأفرع وخدمات القوات المسلحة البريطانية.
وجاء برنامج التقشف الشامل بعد مناقشات مطولة بين وزراء الحكومة منذ شهر مايو الماضي. ويهدف البرنامج إلي توفير83 مليار جنيه استرليني للمساعدة في سد العجز في الميزانية الذي بلغ11% من إجمالي الناتج المحلي, وهو مستوي قياسي يعد الأكبر بين دول مجموعة السبع الكبار.وتستثني خطة التقشف وزارتي الصحة والتنمية الدولية( التي تقدم معونات خارجية). أما وزارة التعليم فسوف يتم تخفيض ميزانيتها بنسبة5% فقط. ووفقا للتقديرات, فإن وزارتي العدل والعمل والمعاشات ستكونان أكثر الوزارات تضررا حيث سيبلغ تخفيض ميزانتيهما حوالي40%. وتسعي الحكومة إلي الوصول بنسبة العجز في الميزانية إلي نحو2% خلال خمس سنوات. ومن المتوقع أن تفقد2,1 مليون عائلة الدعم الذي تتلقاه للأطفال ابتداء من عام2013, بينما يفقد آلاف البريطانيين- كليا أو جزئيا- امتيازات أخري تتعلق بالرعاية الاجتماعية. وإذا قررت الحكومة خفض دعمها للوقود في الشتاء لأصحاب المعاشات فإن12 مليون شخص قد يفقدون هذا الدعم. وستنجو ميزانيات المدارس من التخفيضات, لكن الإنفاق الحكومي علي الجامعات سيتراجع بنحو4 مليارات جنيه استرليني. كما سيتم تخفيض ميزانية الإسكان التابع للحكومة بمقدار النصف. وحتي في مجال الطاقة, تقرر إلغاء مشروع ضخم للطاقة المتجددة تبلغ قيمته30 مليار جنيه استرليني.
ونتيجة لهذه الإجراءات, اضطرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي إلي خفض ميزانيتها16% وتجميد رسوم ترخيصها لمدة ست سنوات.
ومن جانبها, انتقدت المعارضة خطة الحكومة الائتلافية ووصفتها بالمغامرة الطائشة. وحذر جون دنيام وزير الأعمال في حكومة الظل العمالية من أن الخطة سوف تفقد البلاد القدرة علي الاستثمار في القطاع الخاص وتنمية الاقتصاد. كما نبه الوزير إلي مخاطر ارتفاع عدد العاطلين بسبب برنامج التقشف.
وفي ولينجتون, تظاهر آلاف العمال النيوزيلنديين ضد خطط حكومة يمين الوسط لتغيير قوانين العمل.وتسمح التغييرات المقترحة لأصحاب العمل بفصل العمال الجدد خلال فترة90 يوما دون إبداء الأسباب, ويجعل رؤساء العمل يطلبون شهادة طبيب بالنسبة لأي اجازة مرضية وتقليل فترة راحة تناول الوجبات وتقييد حرية وصول نقابات العمل إلي أماكن العمل.