يتعرض موقع التواصل الاجتماعى الأمريكى الشهير "فيس بوك" إلى أزمة ثقة من مستخدميه، وليس وحده الذى وقع فى هذا المأزق، بل جميع شركات الإنترنت والتكنولوجيا العملاقة حول العالم، وتتزايد نسبة عدم الثقة بين المستخدمين وشركة "فيس بوك" بشكل خاص بعد أزمة "كامبريدج أناليتيكا"، التى نتج عنها تسريب بيانات ما يقرب من 50 مليون مستخدم للموقع الشهير.
الفضيحة التى نالت من سمعة موقع "فيس بوك"، دفعت عملاق الإنترنت إلى إضافة ضمانات ضد إساءة استخدام بيانات المستخدم بعد ردود الفعل الغاضبة من المستخدمين، وكشف تقرير حديث لموقع "تك كرانش" الأمريكى، أن "فيس بوك" سيطلق أداة تصديق تتطلب من جهات التسويق ضمان عناوين البريد الإلكترونى المستخدمة فى استهداف الإعلانات، ووفقا لمصدرين، تم وصف هذه الأداة الجديدة من قبل ممثلى "فيس بوك" لعملاء التسويق، وسيعمل "فيس بوك" أيضًا على منع مشاركة بيانات "جمهور مخصص" عبر حسابات الأنشطة التجارية.
ماكرون يحذر من إفلاس أو تفكك شركتا "فيس بوك"
ومع تداعيات الأزمة التى تهدد بيانات مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، دق الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ناقوس الخطر من "فيس بوك" و"جوجل"، حيث حذر من أن الشركتين أصبحتا أكبر من أن تتم السيطرة عليهما، ورجح أن تواجه الشركتان التفكيك، وذلك حسب ما نقلته شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية، الاثنين، عن صحيفة "إندبندنت" البريطانية.
وخلال مقابلة مع صحيفة "وايرد"، اعتبر ماكرون، أن "فيس بوك" و"جوجل"، باتتا محتكرين فى سوق الإنترنت ما يعد أمرا خطيرا، وقال "لديهم قضية كلاسيكية جدا فى مسألة الاحتكار، هما لاعبان ضخمان وسيأتى الوقت الذى ستقول لحكومتك وشعبك استيقظوا، لكننى أعتقد أنها ستكون مشكلة أمريكية"، وأوضح ماكرون، أن الخطر يكمن ليس فى انهيار الشركتين أو إفلاسهما بل فى خروجهما عن السيطرة، متوقعا أن تتعرض الشركتان لخيار التفكيك فى هذه المرحلة، وهو ما حدث فى البداية للشركات العملاقة فى قطاع النفط.
ماكرون يقترح إجبار عمالقة الإنترنت على دفع ثمن الاضطرابات فى المجتمع
ورغم أن "فيس بوك" و"جوجل" ساهمتا فى توفير فرص عمل فى فرنسا، إلا أن ماكرون تقدم بمقترح يتضمن إجبار عمالقة الإنترنت على أن يدفعوا ثمن الاضطرابات التى يسببونها فى المجتمع، وأن يخضعوا لقوانين الخصوصية الفرنسية أو الأوروبية، كذلك حذر من أن الذكاء الاصطناعى يعد تهديدا للديمقراطية، بعد أن كان قد أعلن عن استثمارات بقيمة 1.5 مليار يورو (1.3 مليار دولار) فى أبحاث الذكاء الاصطناعى لتسريع الابتكار ومواكبة الصين والولايات المتحدة فى هذا المجال.
وقد تلقى موقع "فيس بوك"، مؤخرًا، سيلًا من الانتقادات فى أعقاب التقارير، التى أكدت أن المعلومات الشخصية لـ50 مليون مستخدم أمريكى قد استخدمتها شركة "كامبريدج أناليتيكا الانتخابية" خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، ما أدى إلى انخفاض سعر السهم ورفع البعض قضايا على الموقع، كما أعلن مجموعة من المشاهير عزمهم حذف حساباتهم من الموقع، الأمر الذى دفع الأمر الذى دفع "مارك زوكربيرج" مؤسس الموقع الشهير إلى الاعتذار أكثر من مرة ووعد بأن ما حدث لن يتكرر مرة أخرى.
ومع ذلك، قد تسوء الأمور قبل أن تتحسن، حيث يدعى أحد المحامين، أن ضحايا اختراق البيانات يمكن أن يحصلوا على مبالغ نقدية كبيرة كتعويض، وقالت أستاذة القانون، "مورين ماب" لصحيفة "The Sun"، إن عملاق وسائل الإعلام الاجتماعية قد يتعرض لغرامة تصل إلى 880 مليار دولار، ووفقاً لـ"ماب"، فإن 50 مليون مستخدم تم تسريب بياناتهم لشركة Cambridge Analytics قد يحق لهم الحصول على مبلغ كبير من المال، وإذا قرر كلا منهم التوجه إلى القضاء للحصول على تعويض عن الضرر الذى تعرضوا له سيحصلون على 17500 دولار، وبالنظر إلى أن قيمة Facebook تبلغ حاليًا 445 مليار دولار، فإذا تم تقديم مثل هذا الادعاء سيكون له عواقب وخيمة على الشركة، ولكن هناك أراء تشير إلى التعويضات ستتوقف على مستوى الضرر، ويمكن ألا تزيد عن 700 دولار.
زيادة عدم ثقة المستخدمين بـ"فيس بوك" بسبب حماية بيانات الخصوصية
وفى خضم الأزمة التى تلاحق "فيس بوك" على وجه الخصوص، خرجت تقارير واستطلاعات تكشف مدى تراجع الثقة فى مواقع وشركات الإنترنت والتكنولوجيا العملاقة حول العالم، بسبب ضعف حماية بيانات الخصوصية، ففى "إنفوجراف"، نشرته شبكة "سكاى نيوز" الإخبارية، حول بيانات أظهرت التراجع الكبير للثقة فى موقع "فيس بوك"، وعدد من شركات الإنترنت والتكنولوجيا العملاقة، حيث أوضحت البيانات درجات الثقة وعدم الثقة لدى المستخدمين تجاه تلك المواقع والشركات، وهى كالتالى، "فيس بوك" 51% أثق، 9% لا أعرف، 41% لا أثق، "ياهو" 37% أثق، 16% لا أعرف، 47% لا أثق، "آبل" 31% أثق، 16% لا أعرف، 53% لا أثق، "مايكروسوفت" 28% أثق، 12% لا أعرف، 60% لا أثق، "جوجل" 29% أثق، 9% لا أعرف، 62% لا أثق، "أمازون" 24% أثق، 10% لا أعرف، 66% لا أثق.
وفيما يتعلق بالثقة بالشركات وحماية بيانات الخصوصية، فإن آخر استطلاع خلال عام 2017 أوضح نسب الثقة التى جاءت بـ"فيس بوك" فى موقع متأخر فى الترتيب، وكانت النسب كالتالى، أمازون 69%، جوجل 65%، آبل 60%، فيس بوك 49%، تويتر 34%، ويوضح الإنفوجراف، أيضًا، أن وسائل الإعلام التقليدية تحظى بثقة أعلى بكثير من غيرها، حيث أن 7 من كل 8 أشخاص يثقون بالصحف والإذاعة كمصدر للأخبار والمعلومات، بما يعادل 87%، فيما توضح تقارير أخرى، أن 38% فقط من الأشخاص يثقون بالأخبار على "فيس بوك"، خاصة وأن الأخبار الكاذبة تظهر فى كل مكان على "فيس بوك"، لذلك النسبة الأكبر من المستخدمين لا يثقون بما يظهر على صفحاته.