بعد ساعات قليلة من إقرار الحكومة الإسرائيلية تعديل مشروع قانون «الولاء» للدولة اليهودية الذى قدمه حزب «إسرائيل بيتنا»اليمينى المتطرف، تفجرت موجة من الانتقادات الواسعة ـ من قبل وزراء فى الحكومة والمعارضة ـ والغضب بين عرب إسرائيل.
وذلك قبل ساعات قليلة من انطلاق أعمال الدورة الشتوية للكنيست والتى وصفت بأنها أكبر دورة عنصرية فى تاريخ إسرائيل على الإطلاق.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلية، وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان أنه يسعى لطرح مشروع قانون يلزم كل من يبلغ من العمر 16 عاما بالقسم بالولاء لإسرائيل والصهيونية من أجل الحصول على بطاقة هوية. وأكد الحزب اليمينى فى بيان له ـ عقب تمرير التعديل ـ أن إسرائيل بيتنا سيواصل العمل على تقديم القيم التى يؤمن بها وتأكيد أنه لا توجد مواطنة دون ولاء.
ورأت صحيفة «إسرائيل هيوم» أن ليبرمان بذلك لا يكتفى بمصادقة وزراء الحكومة الإسرائيلية على إدخال التعديلات على القانون وهو فرض إسرائيل قسم الولاء للدولة اليهودية للحصول على الجنسية الإسرائيلية. وقالت الصحيفة إن ليبرمان عرض على الوزراء - الذين صادقوا على إدخال التعديلات على قانون الولاء- مشروع قانون يرغم صاحب الجنسية الإسرائيلية البالغ من العمر 16 عاما على التوقيع على قسم يحمل صيغة (الدولة اليهودية والديمقراطية) للحصول على بطاقة هوية. ويسعى ليبرمان - من خلال مشروعه الجديد - إلى إلزام الجيل القادم من عرب إسرائيل بالقسم على ولاء مطابق بغية الحصول على الهوية. وتمنح الهوية الإسرائيلية لكل حامل لجنسية إسرائيل عند بلوغه سن الـ 16 بحيث لن ينجو أى مواطن من عرب إسرائيل من الاعتراف بإسرائيل اليهودية وأداء قسم الولاء لها فى حال أقر القانون العنصرى الجديد.
واقترح ليبرمان أن يتم تعديل قانون (السجل السكاني) الذى جرت محاولات حثيثة من قبل أعضاء كنيست سابقين لتعديله بحيث لا تمنح الهوية لأى مواطن قبل أداء الولاء لإسرائيل والاعتراف بيهوديتها.
وأشار مسئولون فى حزبى إسرائيل بيتنا اليمينى المتطرف وشاس الدينى إلى أن التعديل المقترح الذى تم تمريره أمس الأول يعتبر الأول ضمن سلسلة من القوانين التى سيتم تعديلها لدى انطلاق أعمال دورة الكنيست الشتوية التى ستبدأخلال ساعات. وأعلن وزير الداخلية ايلى يشاى (من حزب شاس) أنه سيقدم مشروع قانون يسمح لوزارته بسحب المواطنة ممن تثبت خيانته لإسرائيل وانضمامه لحماس أو حزب الله أو أى جماعات إرهابية.
وذكرت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو أنه حاليا لا توجد أى نية لوضع القانون الجديد موضع البحث، نافية أن يكون دعم نيتانياهو لمشاريع ليبرمان العنصرية نابعا من صفقات سياسية بين الطرفين.
وانتقدت رموز مهمة فى المشهد السياسى الإسرائيلى مثل رئيس الكنيست ريوفين ريفين المشروع، وأعلنت رفضها للقانون الجديد باعتباره ينطوى على تهديد خطير لصورة إسرائيل فى الخارج. وجمعت هذه الرموز السياسية الإسرائيلية الرافضة للقانون الجديد مابين وزراء فى حزب الليكود الحاكم مثل دان ميريدور وبينى بيجين وميخائيل ايتان جنبا إلى جنب مع تسيبى ليفنى زعيمة المعارضة ورئيس حزب كاديما الإسرائيلى التى انتقدت موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلى على مشروع القانون. وحذر وزير الاستخبارات دان مريدور ـ أحد الوزراء الليكوديين الثلاثة الذين عارضوا صيغة التعديل- من تصدع العلاقات بين مؤسسات الدولة والسكان العرب الملزمين بالقانون بسبب مصادقة مجلس الوزراء على تعديل قانون الجنسية. وانتقد مريدور نيتانياهو قائلا إن اتجاهه الجديد سوف يوجد إسرائيل جديدة. وأضاف أن القانون الجديد قد يتسبب فى ردود فعل سلبية منها ايجاد هذا القانون لنوع من العزلة لعرب إسرائيل كما يمثل تناقضا مع القوانين الأساسية للدولة. ووصف مريدور الليكود بحزب وطنى ليبرالى وليس متشدداً مؤكداً وجوب معاملة الأقليات القاطنة فى البلاد بسعة صدر خاصة بالنظر إلى تجربة الشعب اليهودى بصفته أقلية بين شعوب أخرى على مر التاريخ. ولم يتردد يزاك هيرتزوج وزير الشئون الاجتماعية فى الاقرار بأن القانون يحمل رائحة الفاشية ويهدد صورة إسرائيل «كدولة ديمقراطية»، محذرا من الثمن الفادح لهذه الخطوة التى تأتى فى سياق اجراءات تمييزية ومقيدة للحقوق والحريات.
وفى تطور آخر، قرر وزراء حزب «العمل» التخطيط لعزل رئيس الحزب إيهود باراك، الذى يشغل منصب وزير الأمن أيضا، من منصبه فى رئاسة الحزب، وذلك فى عقب إعلان باراك، تأييد قانون «الولاء»، وعقب الاستطلاعات التى تواصل التأشير إلى انهيار كبير فى حزب العمل بشكل لم يسبق له مثيل.
وأبرزت صحيفة معاريف الإسرائيلية تحت عنوان «تمرد داخل حزب العمل» على صفحتها الأولى تصريحات لمسئولين فى حزب العمل يقولون فيها: إن باراك قد حطم الحزب، وأنه لم يعد هناك خيارات أخرى سوى الإطاحة به. وبحسب المصادر ذاتها فإنه يجرى وضع خطة بموجبها يتم عقد مؤتمر من أجل تغيير دستور الحزب قبل نهاية العام الحالى، وتقديم موعد الانتخابات التمهيدية.
وفى غضون ذلك، تظاهر عشرات الكتاب والمفكرين والفنانين فى تل أبيب ضد ما سموه انهيار الديمقراطية الإسرائيلية. ووصف المتظاهرون قانون الولاء بأنه يمثل قانون الفاشية الذى ظهر فى السابق. وقرأت الممثلة اليهودية هانا مارون من إعلان الاستقلال أن دولة إسرائيل سوف تؤكد المساواة الكاملة فى الحقوق السياسية والاجتماعية لكل مواطنيها بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يناقش فيه الكنيست خلال ساعات أربعة اقتراحات بحجب الثقة عن الحكومة قدمتها كتل المعارضة.