على مقهى عكاشة اجتمعنا امام التلفزيون نتابع التفاصيل...
قال احدنا وبدت عليه علامات الحزن الشديد: بالذمة مش حرام يقتلوا شباب زي الورد لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث في المحروسة؟!
وقال ثان: يجب اولا محاسبة المقصرين في حمايتهم وتأمينهم.
فقال ثالث منفعلا: حرام عليك يا اخي، تترك الفاعل الاصلي وتمسك بالبردعة!!!
وقال رابع: يجب عمل محاكمات عاجلة لهؤلاء المجرمين القتلة وإعدام من يحكم عليه بالموت عسى ان يرتدعوا.
وقال خامس: اشعر بالحزن لفقد هؤلاء الجنود الابرياء لكنني في الوقت نفسه اشعر بالشماتة في هذا الفرعون لفشله في ادارة البلاد.
 
اقترب منا رجل بدت عليه علامات الوقار. سحب كرسيا وجلس. قال الرجل: البلد لن يمضي الى الامام ابدا بهذه الحرب المشتعلة التي يدفع ثمنها ابرياء هنا وهناك. توقف وراح يتابع وجوهنا وكانما يرى اثر كلامه، ثم قال: لا بد من مصالحة شاملة، تجمع الشامي والمغربي، القاصي والداني، الذين خارج الاسوار والذين وراءها. وتابع: الم يقل مسؤول كبير لو جرت الانتخابات في موعدها لفازت بها تلك الجماعة؟!
 
وواصل وهو يتابع شاشة التلفزيون: انهم يتغلغلون في المجتمع ويمثلون اعدادا لا يستهان بها، والنظر اليهم باعتبارهم جميعا خارجين على القانون ليس من المنطق او العدالة. اقترب شاب يدخن سيجارة فاحت منها رائحة نفاذة وتساءل مستنكرا: ولماذا لا يطلقون سراح الفرعون القابع خلف القضبان حتى يعود الى عرشه من جديد؟! فقال الاول ساخرا: الفرعون الاول ام الثاني؟ متبعا سؤاله بضحكة استغرقت وقتا قبل ان تتوقف.
 
  نظرت الى صاحبي المنفعل دائما. كان على غير عادته هادئا ساكنا. فجأة ثار واقفا كالبركان وقال مخاطبا رواد المقهى: كل هذا كلام فارغ! اذا اراد كبيرنا قطع دابر الارهاب فعليه ان يتبع الاتي... قالها وسكت. شعر بالزهو عندما احاطت به نظرات الحاضرين ثم اكمل: الم يقل احدهم ان الارهاب سيتوقف في اللحظة التي يعود فيها صاحبهم الى عرشه البائد؟!
 
وتابع: على كبيرنا، مع كل تفجير او قتل او ترويع، ان ينتقي واحدا او اكثر من حظيرتهم ثم يعدمه على الهواء دون محاكمات او اعتبارات لهؤلاء المدعين حفاظهم على حقوق الانسان ليرتدع كل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة او ازهاق نفس. ثم واصل حديثه وسط ذهول الجالسين: سوف يصيبهم الرعب، اقصد هؤلاء القابعين خلف الاسوار ، فيهرعون بجنون الى وقف القتل والذبح والتفجير. كان مشهد النعوش المحمولة المصحوبة بالموسيقى العسكرية مثيرا للالم. أحنى الحاضرون رؤوسهم ربما خجلا او حزنا او شماتة، ثم واصلوا لعب الطاولة وتدخين النرجيلة..