في محاولة لإخماد نيران فضيحة بيتنكور فيري التي اندلعت في الأوساط السياسية الفرنسية, قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مواجهة الإعلام لتوضيح ملابسات القضية.
التي يواجه فيها هو ومجموعة من وزرائه سلسلة من الاتهامات تتعلق بنزاعات مصالح, والحصول علي تمويل غير قانوني. وعلي الرغم من حدة الهجمات الإعلامية علي الرئيس الفرنسي, فإن ساركوزي المعروف بالعناد لم يستسلم لهذه الاتهامات التي أثرت سلبا علي شعبيته, بل اختار أن يواجه الفرنسيين من خلال وسائل الإعلام, فأعلن في بيان أمس أنه سيتحدث غدا علي شبكة فرانس2 التليفزيونية الرسمية.
وقالت الشبكة التليفزيونية في بيان أمس إن الرئيس الفرنسي سيرد علي كل الاسئلة المتعلقة بالأزمة الراهنة في برنامج مدته ساعة. وكانت نيران الأزمة قد اندعت بعد أن وجهت كلير تيبو المحاسبة السابقة ليليان وريثة مجموعة مستحضرات التجميل لوريال اتهامات لدو ميستر مدير ثروة المليارديرة بيتا نكور بأنه طلب منها سحب مبلغ150 ألف يورو من البنك في مارس2007 لاعطائه إلي إيريك فيرت وزير العمل الفرنسي الذي كان انذاك أمين صندوق حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم بهدف تمويل حملة ساركوزي للانتخابات الرئاسية. وقد نفي فيرت ذلك, وأمام الشد والجذب بين تيبو وفيرت, ارتفعت أصوات عدة سواء من الأغلبية أو في المعارضة تطالب ساركوزي بتوضيح قضية فيرت-بيتنكور. وفي ظل تواصل التراشق الإعلامي بين أطراف القضية, قامت الشرطة الفرنسية بتفتيش منزل ومكتب باتريس دو ميستر وفرع شركاتها في باريس, كما أصدرت إدارة الأموال قرارا يقضي بفتح ملف تحقيقات في ثروة بيتنكور بسبب استغلال النفوذ والتهرب الضريبي.
وفي السياق ذاته, أعلن مسئولون فرنسيون من الحزب الحاكم أن تقريرا إداريا داخليا سينشر غدا حول ادارة الملف الضريبي لليليان بيتنكور والتي يشتبه في أن إريك فيرت غض النظر عن تهربها من الضرائب عندما كان وزيرا للمالية بين مارس2007 ومارس2010.
ولكن المعارضة الفرنسية التي تتمثل بشكل أساسي في الحزب الاشتراكي تقول ان السلطة التي تقوم بالتحقيق تتبع للسلطة التنفيذية, ولذلك ينبغي تعيين قاضي تحقيق مستقل قادر علي كشف الحقيقة.
يذكر أن فيرت متهم كذلك بالتورط في قضية تضارب المصالح بسبب تضارب منصبه كأمين صندوق الاتحاد من اجل حركة شعبية, في الوقت الذي كانت فيه زوجته فلورانس تدير جزءا من ثروة وريثة لوريال في شركة دو ميستر. وأوضحت مصادر قضائية فرنسية أن السلطات فتحت أمس تحقيقا في عمليات تنصت غير قانونية لمكالمات بين بيتنكور ودو ميستر كان قد قام بها أحد الخدم في إطار نزاع عائلي, أوحت بان فلورانس فيرت حصلت علي وظيفتها لدي دو ميستر بطلب من زوجها.
من جانبها, أعلنت المعارضة الفرنسية امتعاضها مما يحدث بفرنسا وطالب جون مارك ايروه رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي بضرورة فتح ملفات للتحقيق بالجمعية الوطنية البرلمان وكذلك بمجلس الشيوخ حتي تتجدد ثقة الشعب الفرنسي المفقودة في الحكومة. وفي محاولة لمواجهة ما يتعرض له ساركوزي شنت اوساط مقربة منه حملة شديدة علي الصحافة وتحديدا موقع التحقيقات ميديابارت الالكتروني الذي نشر الثلاثاء الماضي مقابلة مع المحاسبة السابقة.
ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن مقربين من الرئيس الفرنسي اتهامهم الصحفيين بـاستخدام اساليب فاشية, وركزت اوساط ساركوزي علي ما اعتبرته تراجع كلير تيبو أمام الشرطة عما قالته لموقع ميديابارت بأن الأموال التي منحتها بيتنكور وزوجها سلمت إلي نيكولا ساركوزي اثناء توليه رئاسة بلدية نويي من3891 الي2002, كما افاد ميديابارت.
والازمة التي يتعرض لها الرئيس نيكولا ساركوزي تعد الأسوأ في تاريخه السياسي, وإذا تم اثبات تورطه في الحصول علي مبالغ نقدية لتمويل حملته الانتخابية كما صرحت محاسبة بيتنكور السابق, ينتظر القضاء خروج الرئيس من السلطة حتي تتم مساءلته في القضية علي غرار ما تم مع الرئيس السابق جاك شيراك في تهمة الوظائف الوهمية التي كانت في حقبته حينما كان عمدة لمدينة باريس..