وسط غضب أمريكي من التعنت الأوروبي وتحذيرات الإدارة الديمقراطية من مخاطر الركود, اختتمت قمة مجموعة العشرين أعمالها أمس في مدينة تورونتو الكندية.
وعلي الرغم من أن الاقتصاد كان سيد الموقف في نقاشات زعماء العالم, فإن قادة الدول الذين اجتمعوا في كندا علي مدي الأيام الثلاثة الماضية أظهروا شكلا من أشكال الوحدة تجاه عدد من القضايا السياسية, بينما فشلوا في صياغة موقف اقتصادي موحد, واكتفي زعماء الدول الصناعية الكبري بالتحذير من أن تعافي الاقتصاد العالمي ما زال في حالة هشة ويحتاج إلي مزيد من التعاون بين مختلف الدول دون أن تقدم مجموعة الثمانية الكبار مقترحات جديدة للخروج من الأزمة المالية.
وكان البيان الختامي للمجموعة قد اكتفي بالإشارة إلي أن هناك تقدما قد تحقق فيما يتصل بإستعادة عافية الاقتصاد العالمي والنظام المالي الدولي, لكن الأزمة مازالت ضاربة بجذورها في الاقتصاديات العالمية المتكاملة فيما بينها.
وناقشت مجموعة العشرين, التي تضم الدول الأكبر اقتصاديا, بالتفصيل مقترحات دفع الإصلاحات المالية في اجتماعات قادة الدول التي بدأت بحفل عشاء استضافه ستيفن هاربر رئيس الحكومة الكندية أمس الأول ثم تواصلت المشاورات طوال أمس وذلك بعد أن قرر زعماء مجموعة الثمانية ترك القرارات الحرجة الخاصة بالوضع المالي العالمي لقمة العشرين التي تضم الدول الصناعية والدول النامية الصاعدة اقتصاديا وفي مقدمتها الصين والهند والبرازيل.
وصرحت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية- قائدة المحور الأوروبي الداعي إلي تبني المزيد من السياسات التقشفية- أمس بأن دول مجموعة العشرين تختلف حول فرض ضرائب علي البنوك والصفقات المالية, وأوضحت أن المشاورات بشأن إصلاحات أسواق المال في منتصف الطريق وليست في نهايته.
وعلي النقيض من الموقف الأوروبي, أكدت الولايات المتحدة أن علي الاقتصادات العالمية الكبري تركيز جهودها علي إدامة النمو الاقتصادي من أجل تجنب مخاطر السقوط في مصيدة الركود مجددا.
وصرح وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جيثنر بأن الانتعاش الاقتصادي العالمي يتحقق بفضل النمو الاقتصادي القوي إلي حد كبير في الدول ذات الاقتصادات الناشئة وأيضا بفضل ما وصفه بالتوسع الثابت في الولايات المتحدة, لكن جيثنر انتقد في كلمة أمام قمة مجموعة العشرين كلا من أوروبا واليابان قائلا إنهما لم يبذلا جهودا كافية في مجال تشجيع الطلب علي السلع المحلية, لتسهيل صادرات الدول الأخري الي اسواقهما.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن مسودة البيان الختامي لقمة العشرين توضح أن الدول الاعضاء في مجموعة العشرين تقترب من التوصل الي حل وسط يكفل خفض العجز في ميزانياتها الي النصف في غضون ثلاث سنوات وتشديد الرقابة علي نشاطات البنوك.
وكانت قمة الثماني التي اختتمت أعمالها أمس الأول قد شهدت تطورا نوعيا هو الأبرز اقتصاديا, حيث أشار البيان الختامي لقمة الثمانية الكبار إلي احتمال فشل مفاوضات جولة الدوحة لتحرير التجارة العالمية بعد ظهور بوادر علي صعوبة التوصل لإتفاق في الموعد المحدد بنهاية العام الحالي, وللمرة الأولي ذكر البيان أن الدول الصناعية تدعم إتفاقيات التجارة الإقليمية والثنائية التي تهدف إلي التغلب علي الإجراءات الحمائية, لكن البيان أكد استمرار الدعم لمحادثات جولة الدوحة.
وعكس بيان مجموعة الثماني, التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وإيطاليا واليابان وروسيا, موقفا موحدا في قضايا السياسة الخارجية أكثر من تركيزه علي القضايا الاقتصادية حيث أعرب عن الأسف لاستمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة ووصفه بأنه لم يعد محتملا بينما ندد بالبرنامج النووي الإيراني, ودعا طهران مجددا إلي التعاون مع الامم المتحدة. كما حدد البيان فترة خمس سنوات لوضع إستراتيجية لخروج القوات الدولية من أفغانستان وبعد تلقي القوات الوطنية الأفغانية تدريبا كافياي لتسلم مهمات حفظ الأمن في البلاد. وندد البيان أيضا باعتداء كوريا الشمالية علي سفينة حربية تابعة لكوريا الجنوبية. ونص بيان الدول الثماني علي مبادرة ترعاها الحكومة الكندية بشأن توفير رعاية صحية أفضل للأمهات والأطفال في العالم الفقير والتي رصدت لها الدول الكبري خمسة مليارات دولار في مدة خمس سنوات.
في الوقت نفسه, اندلعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين ضد القمة والشرطة الكندية بعد أن أحرق المتظاهرون سيارة للشرطة مما دفع الشرطة لاعتقال130 شخصا وفرض طوق أمني علي وسط المدينة التي شهدت حضورا مكثفا من المتظاهرين الوافدين من مناطق متفرقة من داخل وخارج البلاد.
ووصف بيتر فان لون وزير التجارة الدولية الكندي المصادمات وأعمال العنف في تورنتو بأنها وصمة عار علي الكنديين.