وسط حالة من الارتباك و الفوضي بسبب تعدد بطاقات الأقتراع و تأخر المواد اللوجستية في بعض المناطق, توجه السودانيون أمس إلي صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تعددية تشهدها البلاد منذ24 عاما.
وشهد بعض مراكز الاقتراع فوضي, إذ تعين علي سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان الانتظار20 دقيقة تحت شجرة حتي يفتح مركز الاقتراع الذي سيدلي فيه بصوته في جوبا عاصمة الجنوب وأفسد بطاقة اقتراعه الأولي عندما وضعها في الصندوق غير المخصص لها.. وقال سلفا بعد أن أدلي بصوته: هذه هي المرة الأولي التي أدلي فيها بصوتي وهي بداية طيبة لعودة السودان الي الديمقراطية. أتمني أن تكون أساسا لديمقراطية المستقبل.
كما أدلي الرئيس السوداني عمر البشير بصوته في الانتخابات, يرافقه عدد من القيادات السياسية والعسكرية والمدنية وبحضور مراقبين دوليين واقليميين.. وحيا الرئيس السوداني الذي كان يرتدي الجلباب التقليدي وعمامة بيضاء الحشد بقوله الله اكبر رافعا يده ليظهر اصبعه الملطخ بالحبر لدي خروجه من مركز اقتراع مدرسة سان فرنسيس القريبة من مسكنه ومن مقر رئاسة الجيش والامن.
وفي بعض المراكز كانت نسبة إقبال النساء في بعض المراكز أكبر من الرجال, كما أثر سلبا تعدد البطاقات الانتخابية(8 للناخبين في الشمال و12 للجنوبيين) وعدم خبرة القائمين الكافية علي الانتخابات.
وأدي تعدد بطاقات الانتخاب إلي حاجة كل ناخب إلي أكثر من أربع دقائق وهي المدة المقدرة للإقتراع, والتي قد تمتد أحيانا إلي ثماني دقائق.
وفي وقت انتشر فيه شعور بالحماس في شوارع جوبا حيث يعتبر السكان الانتخابات مقدمة لاستفتاء استقلال. وقف الناخبون في الخرطوم في صفوف طويلة لأكثر من ساعة ليشاركوا في عملية التصويت المعقدة التي يتسلم الناخبون فيها ثماني بطاقات اقتراع في الشمال و21 في الجنوب.
وفي منطقة دارفور بغرب السودان والتي تشهد صراعا مستمرا منذ سبعة أعوام بين ميليشيات حكومية ومتمردين نقلت جماعات اغاثة موظفين من المناطق النائية الي المدن تحسبا لوقوع اضطرابات.. ووسط توقعات أمنية بتفجر أعمال للعنف في بعض الجيوب, غادر عدد ضخم من السكان مدينة الخرطوم خشية وقوع اعمال انتقامية متصلة بالانتخابات, في حين استغل البعض الآخر الفرصة لزيارة قراهم.
وأعلنت الشرطة السودانية نشر100 ألف من قوات الأمن في أنحاء شمال السودان لحراسة مراكز الاقتراع ومنع وقوع اضطرابات خلال التصويت الذي يستمر ثلاثة أيام لاختيار رئيس للبلاد وزعيم للجنوب شبه المستقل والمجالس النيابية وحكام الولايات.
و في هذه الأثناء, كشفت مصادر رفيعة المستوي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم طلبت عدم ذكر أسمها للأهرام, أن المؤتمر توصل لإتفاق مع الحزب الإتحادي الديمقراطي برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني للمشاركة في الحكومة بعد الانتخابات مهما تكن النتائج التي يحصل عليها الإتحادي..مضيفة أنها تواصل مباحثاتها أيضا في نفس الأتجاه مع حزب الأمة. وأوضحت المصادر أن هدفها الأساسي هو الرغبة في تشكيل حكومة شبه قومية ذات قاعدة عريضة تستطيع أن تواجه متطلبات المرحلة المقبلة وفي مقدمتها إستفتاء تقرير المصير.. مشيرة إلي عدم رغبة المؤتمر الوطني في تحمل مسئولية تقرير مصير الجنوب بمفرده.. وأكدت مصادر المؤتمر الوطني أن الحزب سيحرص بعد الانتخابات علي توسيع قاعدة الإتفاق مع القوي السياسية عامة, خاصة الحركة الشعبية للعمل علي ضمان وحدة البلد. وقالت: إن أجهزة الحزب ستتفرغ بعد الإنتخابات لدعم قضية الوحدة, ومناقشة الخطط الكفيلة لتحقيقها.