يعتزم الرئيس الأمريكى باراك أوباما وضع قيود مشددة على الدور الذى تلعبه الأسلحة النووية فى سياق سياسات الأمن القومى للولايات المتحدة و العمل على الحد من تفشى ظاهرة الإرهاب النووى.
وذلك في إطار الإستراتيجية النووية الجديدة التي التزمتها إدارته. وتقوم الاستراتيجية النووية الجديدة, والتي وصفت بأنها تغيير ثوري في تاريخ الولايات المتحدة, علي التزام أمريكا بعدم اللجوء إلي ترسانتها النووية في تحرك عسكري ضد الدول غير النووية والملتزمة بالمعاهدة الدولية للحد من الانتشار النووي أو بالتزامات اتخذتها هذه الدول في أوقات سابقة بهذا الشأن. إلا أن الالتزام الأمريكي الجديد له استثناءان, و ذلك وفقا لما حددته الإستراتيجية الجديدة. يتعلق الاستثناء الأول بمن سبق و وصفهم أوباما في حوار مع صحيفة نيويورك تايمز الامريكية بالدول المنشقة مثل كوريا الشمالية و إيران بسوابقهما في انتهاك وتجاهل معاهدة الحد من الانتشار النووي.
ويتعلق الاستثناء الثاني بحق الولايات المتحدة بالتراجع عن إلتزامها بعدم استخدام القوة النووية و ذلك في حالة الضرورة القصوي كتعرضها الفعلي إلي هجوم بآسلحة بيولوجية, أو حتي في حالة وجود دولة تعمل علي تطوير و نشر الأسلحة البيولوجية, بما يشكل تهديدا باحتمالية وقوع هجوم مدمر.كما تقوم الاستراتيجية علي عدم تطوير أمريكا لأسلحة نووية جديدة.
ولكن الرؤية النووية الجديدة تقوم أيضا علي زيادة الاستثمارات في تحسين إدارة الترسانة النووية الحالية في الولايات المتحدة. و ذلك بما يحقق ما وصفه أوباما قبل شهر في تصريحات إعلامية بالحفاظ علي عامل ردع نووي سيكون آمنا وفعالا ليس للولايات المتحدة وحدها و لكن لحلفائها أيضا و ذلك وفقا لما أكده أوباما. وتهدف الإستراتيجية الجديدة إلي تقليص ظاهرة الإرهاب النووي والحد من انتشار الأسلحة النووية علي المستوي الدولي. و تعد هذه بمثابة المراجعة الثالثة للسياسات النووية الأمريكية منذ إنتهاء عهد الحرب الباردة.
وكان الإعلان عن الاستراتيجية قد تأجل بسبب مناقشات مطولة بين مستشاري أوباما و القيادات العسكرية الأمريكية, خاصة حول مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تقر بوضوح التزاما بألا تكون المبادرة باستخدام الأسلحة النووية في حالة الأزمة و أن فتح أبواب ترسانتها النووية سيكون في حالة الرد والدفاع فقط.
وقد استقبلت المعارضة المحافظة هذه التطورات الجديدة بتأكيد أن التوجه الجديد لإدارة أوباما يتسم بالسذاجة ويعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر. كما انه من المتوقع أن تثير مخاوف الدول الواقعة تحت مظلة الدفاع الأمريكي. و يآتي الإعلان عن الاستراتيجية النووية الجديدة كبداية لإطلاق عشرة أيام كاملة من الدبلوماسية الأمريكية المكثفة و التي تتعلق في أغلبها بالشأن النووي. فسوف يوقع غدا أوباما مع نظيره الروسي ديميتري ميدفيدف معاهدة ستارت2 الجديدة حول الخفض المتبادل بين الولايات المتحدة و روسيا لترسانتهما النووية. و من المقرر آن تستضيف واشنطن منتصف الشهر الجاري أعمال القمة المخصصة لبحث مسألة الأمن النووي و منع انتشار الأسلحة النووية و ذلك لمدة يومين, بمشاركة40 دولة. و تهدف جهود أوباما فيما يخص الملف النووي بشكل عام في تحقيق ما تعهد به من قبل حول تغيير أسلوب تفكير عهد الحرب الباردة.