أكدت روسيا احتفاظها بحقها في الانسحاب من اتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجية الجديدة في حال شكل الدرع الصاروخي الأميركي المنوي إقامته في شرق أوروبا خطرا على أمنها القومي.
وجاء الإعلان الروسي على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء في موسكو قبل مغادرته إلى براغ للمشاركة بحفل التوقيع الرسمي على اتفاقية خفض الأسلحة الإستراتيجية (ستارت2) بحضور الرئيسين الروسي ديمتري ميدفيديف والأميركي باراك أوباما يوم الخميس المقبل.
وأوضح لافروف أن الخطة الحالية ذات الصلة بنشر درع صاروخي أميركي في رومانيا لا تشكل أي خطر على القوات الإستراتيجية الروسية، لكنه عاد واستدرك في رده على أسئلة الصحفيين بأن بلاده ستحتفظ دائما بحق الانسحاب من الاتفاقية في حال شكل الدرع المذكور أي خطر على أمنها القومي.
السابق واللاحق
وجدد لافروف موقف بلاده القائل إن الاتفاقية الجديدة -التي ستحل محل سابقتها ستارت 1 المنتهية صلاحيتها القانونية مطلع العام الجاري- تربط وبشكل صريح بين الأسلحة النووية الهجومية والدفاعات الصاروخية رغم أن الاتفاقية لم تضع أي قيود على تطوير أو نشر أي أنظمة دفاعية صاروخية.
وشدد على أن روسيا سيكون لها الحق كاملا في التراجع عن تنفيذ بنود اتفاقية ستارت 2 في حال لمست أن أي" تراكم كمي أو نوعي في القدرات الأميركية الإستراتيجية المضادة للصواريخ بات تؤثر وبشكل كبير على القوات الإستراتيجية الروسية".
وتابع موضحا بأن بيانا رسميا منفصلا سيصدر لاحقا بهذا الشأن بعد توقيع الاتفاقية.
ولفت لافروف أن الاتفاقية السابقة -التي وقعت بين الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة عام 1991- تضمنت كثيرا من البنود المنحازة لصالح الولايات المتحدة وهو الأمر الذي تتحاشاه الاتفاقية الجديدة كليا، معربا عن أمله في أن تحذو دول نووية أخرى نفس المسلك وتعمل على خفض ترسانتها النووية.
الأمن العالمي
وفي معرض تعليقه على فكرة الرئيس أوباما لتحويل العالم إلى مكان خال من الأسلحة النووية، قال لافروف إن أي حديث جدي بخصوص هذه المسألة يتطلب الاهتمام أولا بمجموعة من العوامل التي قد تهدد الأمن العالمي ومنها -على حد تعبير الوزير الروسي- عسكرة الفضاء التي أعلنت الإدارات الأميركية السابقة سعيها لتحقيقها.
يُشار إلى أن اتفاقية ستارت 2 تضع سقوفا جديدا لعدد الرؤوس الحربية النووية قيد الخدمة لدى جيشي البلدين تصل في أقصى حد لها إلى 1550 رأسا حربيا، مع وضع آليات معينة للتحقق من التزام الطرفين ببنود الاتفاقية التي لن تدخل حيز التنفيذ العملي حتى تتم المصادقة عليها رسميا في برلماني البلدين.
وتأتي تصريحات عميد الدبلوماسية الروسية قبل ساعات من إعلان الرئيس الأميركي –في وقت لاحق اليوم الثلاثاء- عن سياسة نووية جديدة في إطار مراجعة الموقف النووي، وهو ما يشبه إعلان العقيدة الإستراتيجية الأميركية.
مراجعة نووية
وبحسب ما ذكرته مصادر أميركية فإن الوثيقة الجديدة -التي جابهت عددا من العراقيل في أروقة الكونغرس على مدى عام كامل- ستتضمن اتجاها أميركيا واضحا لتقليص الاعتماد على السلاح النووي كخيار للدفاع عن أمنها الوطني وذلك عبر تقليل الأهداف النووية الأميركية المحتملة.
وأضافت المصادر أن هذا التوجه الجديد يعكس تعهد الرئيس أوباما بالعمل على تحويل العالم إلى منطقة خالية من السلاح النووي، وتشجيع الدول الأخرى على خفض ترسانتها النووية أو التوقف عن تطويرها على الأقل.
يُشار إلى أن وثيقة مراجعة الموقف النووي تعتبر الأولى منذ العام 2001 والثالثة منذ انتهاء الحرب الباردة قبل عشرين عاما، وسط أنباء عن مساع أميركية لتشجيع روسيا على البدء بمحادثات تتصل بتقليص عدد الصواريخ قصيرة المدى والقادرة على حمل رؤوس نووية، وهو مجال تتفوق فيه روسيا على الولايات المتحدة في الميزان العسكري.