زمن الإقلاع للقارة الإفريقية قد بدأ‏..‏ هكذا استهل رئيس السنغال عبد الله واد خطابه بمناسبة الذكري الخمسين لاستقلال البلاد معلنا استعادة داكار ابتداء من أمس جميع القواعد العسكرية الفرنسية في البلاد التي تعد واحدة من ثلاث منشآت عسكرية دائمة لباريس في افريقيا‏.‏

جاء هذا الاعلان الذي يعتبر رمزيا للغاية في اطار خطاب الي الامة عبر الاذاعة والتليفزيون في الوقت الذي وصل فيه وزير الداخلية الفرنسية بريس اورتوفو الي داكار للمشاركة في عروض عسكرية بمشاركة القوات الفرنسية أمس بمناسبة الاحتفالات بذكري الاستقلال‏.‏

وكانت عاصمتا البلدين قد اتفقتا في فبراير الماضي علي اغلاق هذه المنشآت التي تضم نحو‏2100‏ جندي‏,‏ وتريد باريس ان تنشيء بدلا منها ما تطلق عليه قطب تعاون عسكري ذا توجه اقليمي لكن مع‏300‏ عسكري فقط‏.‏

واعلن الرئيس السنغالي في مستهل خطابه أن هذه السنة ستكون مختلفة عن غيرها‏,‏ وذكر أنه بعد استقلال السنغال الرسمي وافقت الحكومة في تلك الحقبة علي ان يكون للقوة المستعمرة السابقة علي ارضها قواعد عسكرية‏,‏ برية وجوية وبحرية‏,‏ ولكن مع مر السنين بدا هذا الوضع غير لائق واثار في الغالب شعورا لدي الشعب السنغالي خصوصا الشبان والكوادر والجيش بان الاستقلال غير مكتمل‏.‏

وأوضح واد أنه طلب من رئيس الوزراء السنغالي ورئيس الاركان بالجيش البدء بالتفاوض مع الجانب الفرنسي من أجل تحديد الاطار الزمني لتسلم هذه القواعد‏.‏

وسرعان ما جاء رد الفعل من باريس حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الفرنسية لوران تيسير ان المحادثات بين البلدين متواصلة‏,‏ موضحا انها تتناول اشكال التعاون لا سيما فيما يتعلق بالابقاء علي قوة عسكرية فرنسية صغيرة‏.‏

واضاف ان القوة العسكرية ستكون بشكل قاعدة للتعاون ذات توجه اقليمي وستكون نتيجة ما يتفق عليه مع السنغال‏.‏

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد تحدث عن هذا الموضوع الحساس في رسالة وجهها الجمعة الماضي الي نظيره السنغالي‏,‏ وكتب في الرسالة ان فرنسا لا تزال بطبيعة الحال مستعدة لمواصلة سياسة تعاون عسكري ثنائي واقليمي‏,‏ في السنغال دعما لاستقرار المنطقة وارتقاء القوة الامنية الافريقية‏.‏

من جانب آخر‏,‏ شارك‏20‏ رئيس دولة افريقية‏,‏ اي اكثر من ثلث القادة الافارقة أمس الأول بمناسبة الاحتفالات بذكري الاستقلال في داكار في تدشين نصب النهضة الافريقية المثير للجدل وسط دعوات من القادة الأفارقة الي وحدة القارة المكونة من‏35‏ دولة لتحقيق الولايات المتحدة الافريقية‏.‏

وعند اسفل النصب الذي شيده عمال من كوريا الشمالية ويتجاوز علوه تمثال الحرية في نيويورك وامام حضور محدود لاسباب امنية اقتصر علي بضع مئات من المدعوين‏,‏ اطلق الرئيس واد دعوته لاقامة الولايات المتحدة الافريقية مؤكدا ان زمن الاقلاع قد وصل بالنسبة للقارة التي تثير المطامع بثرواتها الطبيعية وسوقها التي تبلغ نحو مليار نسمة‏.‏

وتقدر تكلفة التمثال المشرف علي العاصمة باكثر من‏15‏ مليون يورو‏,‏ ويمثل زوجين مع طفلهما يرمز الي افريقيا خارجة من باطن الارض تاركة الظلام للذهاب نحو النور‏,‏ وهو يشبه ببرج ايفل في باريس وتمثال الحرية في نيويورك او المسيح المخلص في ريو دي جانيرو‏.‏

تزامن ذلك مع مظاهرة ضمت الاف الاشخاص علي رأسهم قادة المعارضة الذين طالبوا برحيل رئيس الدولة البالغ من العمر‏48‏ عاما والحاكم منذعام‏2000‏ منتقدين التكلفة الباهظة لهذا التمثال في بلد فقير وان تعود ثلث العائدات الي الرئيس واد علي اساس حقوق المؤلف بصفته مبتكر التمثال‏.‏